سقوط 41 مكناسيا في مسجد تراثي آيل للسقوط قتل عمد مع سبق الإصرار، لأن سرقة المال المخصص للترميم والتهاون في التحذير والاحتياط ليس استهتارا بأرواح المواطنين فحسب وإنما هو جهار علني بالفساد، ومن لم "يعجبه الحال" فلينطح حيطان السور الإسماعيلي. هكذا إذن يجرؤ الفاسدون على القتل بالجملة دون شعور بالذنب ولا خوف من العقاب والحساب، وبعدهم يتناسل الفساد بالعدوى والتقليد ومعاينة العجز التام عن المتابعة أو قل هو التواطؤ بعينه مع الفاسدين. وإذا كانت وزارة الأوقاف "عفريتة" في تحصيل الأكرية واستغلال أموال المحسنين والاستثمار في العقار، حتى أنها تحولت إلى كائن سمين لا حدود لجسده، مع غموض دائم لمعالم هذا الجسد، فإنها تحارب الفساد في أجهزتها بالدعاء المستجاب بدل حركية إدارية علمية عصرية تلائم القرن الواحد والعشرين. ظاهرة الإفلات من العقاب معروفة في المغرب، فقد أفلت كثير من المجرمين الكبار من الحساب، في قضايا سرقة البنك الشعبي والقرض الفلاحي والقرض العقاري والسياحي وصندوق الضمان الاجتماعي ووكالات توزيع الماء والكهرباء بمدن كثيرة ووكالات النقل الحضري في غالبيتها العظمى والخطوط الملكية المغربية، والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ومكتب التكوين المهني والصندوق المغربي للتقاعد وما خفي أعظم... لكن ذلك الفساد كان يقتل روح الاقتصاد ويبدد الثروة الوطنية ويرهن مستقبل البلاد بالاستدانة الأبدية، ولا تزال مخلفاته حاضرة إلى اليوم، أما الفساد الذي ظهر في السنين الأخيرة فقد أصبح يأخذ الأرواح البريئة معه، تجلى بعضه في البناء العشوائي والبناءات المخالفة للسلامة ورشوة الطريق وغير ذلك. كم من الفاسدين المسؤولين عن إهدار الثروات المالية والبشرية خضعوا للمساءلة ثم العقاب؟ للأسف لم تبدأ بعد عندنا تقاليد المحاسبة والعقاب، التي تستطيع لوحدها أن تخلق حالة من الردع والعبرة، وما يرى اليوم هو السرقة والقتل الجماعي دون عقاب. حقا لا يستطيع المغربي اقتراف جريمة قتل مباشرة دون أن يفلت من العقاب، مع الشكر الجزيل للشرطة الجنائية والدرك، لكن يستطيع أن يكون مسؤولا غير مباشر عن إزهاق العشرات من أرواح المواطنين دون أن يقع له مكروه. نحن، في المغرب، تعودنا أن لا يتحرك المسؤولون سوى بعد وقوع الكوارث، أما استباقها وتوقعها ومحاسبة المسؤولين عما يمكن أن يهدد أرواح الناس فذلك ما لم ننعم به حتى اليوم، وكما قلت في مقالات سابقة، لا يمكن أن يكون الفساد حالة معزولة خاصة بقطاع دون الآخر، هو فساد هيكلي، بنيات من الفساد يؤازر بعضها البعض، مما يخلق لوبيات مناهضة للتغيير نحو الأحسن، وإذا أردنا الإصلاح فعلينا أن نجتث الفساد في أبسط مظاهره، فنبدأ بفساد التربية والتعليم لنمر إلى ما هو أسوأ. خذوا أيديكم وضعوها على قلوبكم، فلا شيء يمنع الفساد من الوصول إلى أرواحكم حتى ولو هربتم إلى أبعد نقطة من البلاد تتوهمون أنها محصنة ضده، واطلبوا من الله أن يكون موتكم مستورا إذا لم يكن بد من رد القضاء. http://el-ouakili.maktoobblog.com http://el-ouakili.maktoobblog.com