بغض النظر عن الحديث في المسؤوليات والأسباب وراء الحدث المفجع المتمثل في سقوط مئذنة مسجد باب البردعين بمكناس على أجسام المصلين في يوم الجمعة، والذي هو حديث له مقام آخر قد نعود إليها لاحقا بحول الله، فإني أتقدم بهذه الكلمة التأبينية في حق هؤلاء الضحايا تغمدهم الله بواسع رحمته ومغفرته. الذي وقع في مكناس يوم الجمعة 4 ربيع الأول 1431 الموافق 19 فبراير2010 ، بانهيار مئذنة "عالية وقديمة البنيان" على أجسام العديد من المرابطين في مسجد "باب البردعاين" منتظرين خطبة الجمعة وإقامة صلاتها، في مسجد كان قبلة لسكان "حي تيزيمي وجناح الامان وماجاورهما من أحياء قريبة"، وكذا للذين قد تتأخر عنهم صلاة الجمعة فيدركونها فيه، فاجعة كبرى ومصيبة عظيمة وحدث جلل، لكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا، لله ما أخذ وله ما أعطى وإنا لله وإنا إليه راجعون، عشت عن قرب هول وأسى هذه المصيبة العظمى وأنا في زيارة خاطفة لحي تيزيمي الذي فقد بعضا من سكانه على إثر هذه الفاجعة، لقد كان الحي يعمه الحزن والأسى ومشاهد البكاء والأسى، وكان أيضا يعمه جو تضامني فريد بين سكانه الشباب الذيين هلعوا لتقديم يد المساعدة في عملية الإنقاذ. سقطت المئذنة "القديمة البنيان" على أجسام هؤلاء المصلين، ومع السقوط ارتقت أرواحهم إلى أعلى عليين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلهم شهداء عنده، فهم الذين كانوا ينتظرون الصلاة فانطبق فيهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ " قالوا : بلى . يا رسول الله ! قال: " إسباغ الوضوء على المكاره . وكثرة الخطا إلى المساجد . وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط" (صحيح مسلم). وهم الذين وافتهم المنية يوم الجمعة فانطبق عليهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقي فتنة القبر" (مسند الإمام أحمد إسناده صحيح المحدث: أحمد شاكر)، وهم الذين ماتوا على إثر الهدم، فانطبق عليهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "الشهداء خمسة : المطعون ، والمبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله..." (صحيح البخاري)، فالله نسأل أن يتقبلهم عنده من الشهداء ، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان على فقدانهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولاقوة إلا بالله.