تنسيقيات مناهضة الغلاء تتهيأ من جديد للخروج إلى الشارع وتطالب بوقف الزيادات والحق في التظاهر والاحتجاج تتهيأ تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، لتدشين مرحلة أخرى من مراحل النضال ضد الزيادة في الأسعار، والدفاع عن القوت اليومي للجماهير الذي يتعرض بشكل يومي للانتهاك، وحماية الخدمات العمومية من صحة وتعليم وسكن ونقل ..والتي تخضع حسب إفادات التنسيقيات، ل"تدمير خطير ومدروس بشكل مسبق، يندرج في إطار الانصياع الأعمى لتوصيات المؤسسات الدولية". تعود أولى الوقفات الاحتجاجية التي جرت باسم تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار التي ستتحول فيما بعد إلى تنسيقيات النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، إلى سنة 2005، عندما خرج مواطنون في كل من مدن طاطا، إيفني، زاكورة وواد زم للمطالبة بوقف الزيادات المتتالية التي طالت خاصة المواد الأساسية (زيت، سكر، دقيق، حليب، وخضر..)، ومع بداية سنة 2006 ستعمم هذه التجربة لتشمل بوادي وحواضر أخرى، ويتم بالتالي إنشاء أزيد من 60 تنسيقية محلية على المستوى الوطني. وبمبادرة من تنسيقية الرباط، تمت الدعوة إلى عقد ملتقى وطني بالعاصمة الرباط يوم 29 أكتوبر 2006، من أجل تدارس سبل تنسيق العمل بين التنسيقيات على المستوى الوطني، تحت شعار "جميعا ضد ضرب القدرة الشرائية للمواطن"، وأسفر الملتقى عن اعتماد ثلاثة أوراق هي "إعلان الرباط" وبرنامج نضالي وطني تضمن ثلاثة محطات، هي الندوة الوطنية ل3 دجنبر 2006، ووقفة احتجاجية وطنية موحدة في الزمان متفرقة في المكان يوم 14 دجنبر 2006، ومسيرة وطنية بالرباط يوم 24 دجنبر من نفس السنة، كما أسفر الملتقى الوطني الأول عن فرز لجنة المتابعة الوطنية. وانطلاقا من كون الغلاء يمس بشكل مباشر الفئات الشعبية المهمشة، اتجه عمل التنسيقيات إلى الانفتاح على الجماهير الشعبية، فتم نقل الوقفات والأشكال النضالية المختلفة إلى الأحياء الشعبية والأسواق، وحث الجماهير وحفزها على النضال ضد الغلاء وتدهور الخدمات العمومية، وإبداع الصيغ الكفيلة بتحقيق هاته الأهداف، وقد شكلت المقررات التنظيمية للملتقى الوطني الثالث، المنعقد في 3 يونيو 2007، دفعة قوية في هذا الاتجاه، وشكلت قفزة نوعية، خاصة في تثبيتها لمبدأ جماهيرية التنسيقيات، كما تم الانتقال من المفهوم الضيق حول النضال ضد ارتفاع الأسعار، إلى مفهوم أوسع، من خلال التأكيد على النضال ضد الغلاء بشكل عام، وربطه بأسباب موضوعية قائمة، وكذا إدماج الدفاع عن كافة الخدمات العمومية (الصحة، التعليم، السكن...)، وبذلك انتقل عدد التنسيقيات من 80 إلى 95 تنسيقية على الصعيد الوطني. وتعتبر احتجاجات مدينتي صفرو وسيدي إيفني، المحطة الأبرز في حركة النضال ضد الغلاء، حيث خرجت ساكنة المدينتين في مسيرة عارمة، قوبلت برد فعل عنيف من قبل القوات العمومية، أسفر عن سقوط العديد من المواطنين بجروح متفاوتة الخطورة، فيما تم اعتقال البعض الآخر، ناهيك عن اقتحام البيوت وتخريب أثاثها وضرب وتعنيف ساكنيها وحجز ممتلكاتهم بحسب بيانات وبلاغات التنسيقيات التي صدرت حينها، ما أدى إلى توقف اضطراري لأنشطتها وحركاتها الاحتجاجية. ومع بداية هذه السنة، وبعد أن عرفت أسعار المواد الأساسية والخدمات العمومية زيادات أخرى، عادت هذه التنسيقيات للواجهة من جديد، وأعلنت عن تنظيمها لمجموعة من المسيرات والوقفات الاحتجاجية في عدد من المدن المغربية، للتعبير عن مدى رفضها لسياسة ضرب القدرة الشرائية للمواطنين التي تنهجها حكومة عباس الفاسي من خلال إقرارها لزيادات مضطردة في عدد من المواد الغذائية والخدمات العمومية. وتطالب هذه التنسيقيات بالحد من الزيادات في الأسعار، وتحسين جودة المرافق العمومية وانتزاع بعض المطالب الديمقراطية العامة، كالحق في التظاهر والاحتجاج وتنظيم الوقفات والمسيرات دون الرجوع إلى طلب الترخيص من الداخلية، وتؤكد أن ذلك لن يتأتى دون المساهمة في رفع وعي المواطنين، وحفزها على النضال الحقيقي من أجل تحصين مكتسباتها والمساهمة كذلك في توحيد نضالات كل مكونات الحركات الاحتجاجية الجادة في المغرب، مبينة أنها مفتوحة في وجه جميع الهيئات التي تؤمن بدور الشارع في الدفاع عن مصالح الفئات المهمشة والمتضررة من قرارات الزيادة في الأسعار. وقد اعتبرت هذه التنسيقيات أملا يعيد الاعتبار للنضال الحقيقي إلى جانب المواطنين في ارتباط بظروف عيشهم، حيث تنبهت الحكومة لعواقب كل زيادة على القدرة الشرائية للمواطنين، وما قد يحدثه ذلك من احتجاجات قد تخرج أحيانا عن نطاق المؤطرين.