ثلاثة أيام بعد اليوم العالمي للمرأة، سيتم يومه الثلاثاء نقل سلطة رئاسة الجمهورية الشيلية من يد سيباستيان بينييرا الرئيس المنتهية فترة حكمه، إلى ميشال باشلي الرئيسة الاشتراكية السابقة التي أعيد انتخابها للمرة الثانية للفترة الممتدة ما بين 2014 و 2018. و هذا الحدث يكتسي مغزى سياسيا لما ينطوي عليه من دلالات ليس في التداول السلمي و الديمقراطي للسلطة فحسب، و لكن للرمزية النضالية التي وشمت مسار حركة النساء الاشتراكيات و التقدميات. و يعزز من هذه الدلالات المكثفة فوز إليزابيت أليندي بوسي برئاسة مجلس الشيوخ، و إليزابيت التي ستقوم بتسليم وشاح الرئاسة للسيدة باشلي رفيقتها في الحزب الاشتراكي، هي الإبنة الثالثة للرئيس الاشتراكي الأسبق سالفادور أليندى الذي أسقطه الديكتاتور بينوشي في انقلاب عسكري دموي عام 1973 بأمر من الولاياتالمتحدةالامريكية و الذي سيودي بحياته داخل القصر الذي كان هدفا للهجوم المسلح للانقلابيين. و من المعلوم أن سلفادور أليندي الذي كان أول إشتراكي في التاريخ يفوز في الإنتخابات الرئاسية بنسبة 53 في المائة من ألأصوات، كان رئيسا لمجلس الشيوخ ما بين 1966 و 1969، و لتوريث رئاسة المجلس دستوريا و ديمقراطيا من قبل إبنته إليزابيت حاليا معنى كبيرا يتحدى كافة قوى اليمين الإستبدادي الفاشي التي ساهمت في إقبار أهم تجربة اشتراكية ديمقراطية في مهدها، و يعطيها الدليل القاطع على أن الأوهام الاستراتيجية التي كانت تخدم مصالح الرأسمالية العالمية باتت تنتمي إلى ماضي الديكتاتورية و لن يكون لها وجود في المستقبل الديمقراطي للبلد. إليزابيت أليندي (69) و ميشال باشيلي (62) تتشابه سيرتهما النضالية و حياتهما السياسية، و فضلا عن انتمائهما لنفس الحزب و نضالهما وفق خطه الايديولوجي لفترة طويلة من حياتهما، فمسار الأولى رسمته معاناة نضالية قوية، إذ مباشرة بعد إزاحة والدها أليندي الرئيس الاسبق في انقلاب عسكري على الشرعية الدستورية، لجأت إلى المكسيك لتعيش في المنفى مدة 17 سنة، و عانت من صدمة شقيقتها الأكبر بياتريث التي انتحرت في العاصمة الكوبية عام 1975، لتصبح بعد الحدث التراجيدي ناطقة رسمية لعائلة سالفادور أليندي، و باشلي إختارب النضال السري بعد إعتقال والدها الذي كان برتبة جنيرال شارك مع سلفادور أليندي في تشكليل حكومة الوحدة الشعبية حيث إعتقله الانقلابيون و زجوا به في السجن ليتم اغتياله فيما بعد. لكن تجربتها في النضال السري اتنتهت باعتقالها و تعرضها للتعذيب و الإضطهاد رفقة أمها في سجون الديكتاتورية بسانتياغو. وفي سنة 1975 إضطرت للعيش، هي الأخرى، في المنفى بألماانيا الشرقية لتعود الى الشيلي أواخر السبعينات بهدف مواصلة النضال إلى حين استرجاع الشرعية الديمقراطية للبلد و تجاوز مخلفات النظام الديكتاتوري العسكري الذي حول الشيلي إلى جحيم تصادر فيه بقوة النار الحريات و الكرامة و كافة الحقوق السياسية و المدنية و الاجتماعية بما فيها الحق في الحياة حيث تم اغتيال الآلاف من المعارضين اليساريين و بعضهم لا يزال في عداد المفقودين. إذن، الشيلي اليوم أمام تحول هام تؤثت معالمه السياسية نساء اشتراكيات ناضلن سلميا لتحقيق أحلام التحول الاجتماعي الديمقراطي في أفق تجسيدها في السنوات الاربع القادمة حيث ينتظر الشعب الشيلي من برنامج حكومة ميشال باشلي أن يتحقق وفق ذات الوعود و الجهود النضالية التي قامها بها تحالف اليسار الحاكم انطلاقا من اليوم تحت قيادة نسائية اشتراكية