ما خطر ببالي يوما أنني سأقرأ على صفحات هسبريس مقالا يندى له جبيني لما يحتوي من أفكار غير حضرية عرفناها ليس عند آبائنا بل عند أجدادنا. "" هذا المقال جعلني أعتقد بأن المغرب يسير بخطوات نحو الماضي عوض أن يتطلع للمستقبل. فمقال الخزي والعار تطرق لموضوع المرأة و التعليم أو الأصح النتيجة السلبية لتشغيل المرأة في قطاع التعليم. هكذا وبدون خجل يفتي صاحب المقال بتحريممهنة التدريس على المرأة، حيث يقول: و أما الأضرار الناتجة عن تشغيل النساء في قطاع التعليم فمنها كثرة الغياب، فرخصة الولادة على سبيل المثال هي ثلاثة أشهر بالتمام و الكمال.. وقد غاب عن ذهن صاحب المقال أنّ العيب ليس في المرأة بل في النظام المتبع بهذا القطاع، و أنّ الغياب يكون من طرف الأساتذة والمدرسين الرجال كذلك و لأسباب كثيرا ما تكون واهية و مفتعلة. كما نسي صاحبنا أنّ المرأة العاملة هي سند لزوجها و بيتها في الظروف المادية العصيبة التي يعرفها مجتمعنا منذ بداية السبعينيات. وبغض النظر عن حقها في العمل كفرد فاعل في المجتمع يمثل نصفه، نقول للأخ أنّ رخصة الولادة المفروض أن تكون ثلاث سنوات لا ثلاثة أشهر مع تعويضاتها كما هو الأمر في المجتمعات و الدول المدنية. وعلى المؤسسة التعليمية توفير مدرس بديل للتلاميذ خلال هذه الفترة أو توزيع المواد على مدرسي المدرسة مع تعويضهم على هذه الساعات الإضافية بما يزوّد راتبهم الهزيل. هذا فيما تعلق بالعطلة والغياب، أما بالنسبة للزواج الأبيض فإنه قد يكون من طرف الرجل كما يكون من طرف المرأة. فكلاهما سيان في سلة التعيين لوزارة التعليم. والأسباب قد تتعدد و تختلف منها ضعف الإمكانيات المادية للشخص المُعيّن، عادة هذا هو الدافع لطلب الأشخاص المعينين للانتقال. فوزارة التعليم، كغيرها من الوزارات، تعين المدرس، أو المدرسة، دون توفير له مكان إقامة أو تقديم له مقدما ماليا لتدبير أموره إلى غاية تسليم أول راتب. ثم إنّ السؤال الذي يجب طرحه هو: كيف تسمح وزارة التعليم المسلمة بالتفريق بين الزوج و زوجته؟ و ليس قضية إمكانية تشغيل المرأة في قطاع التعليم أم لا. إن عين العقل تقول بتشغيل المرأة في هيآت التدريس لأنها عادة تكون عازفة عن شرب السجائر و تعاطي الممنوعات، علاوة على كونها أم حنون و عطوف. لكم رأيت من المدرسين الرجال يزاولون أشرف المهن و هم مخمورون و يتناولون المخدرات، علنا، أمام الأطفال في ساعات الاستراحة. و كم عانينا، و نحن أطفال، من غياب المدرسين الرجال. إن المشكل هو مشكل تنظيمي ولا علاقة له بالمرأة إطلاقا. إلا إذا كان صاحبنا من أنصار تعطيل النساء لتشغيل الرجال، أي حل مشكل البطالة على حساب نصف المجتمع.