لازالت الجماهير العاشقة للمستديرة بالمغرب تبحث عن النتائج الايجابية من خلال هز الشباك وإحراز الأهداف في مرمى الخصوم. ولعل المسؤول الأول عن هذه العملية هو اللاعب، الذي عليه تحقيق نتائج مرضية واسعاد الجماهير التواقة للهتاف في المدرجات ورفع رايات الانتصار. لكن هل سألت الجماهير مسبقا عن أوضاع اللاعب المغربي سواء فيما يتعلق بالجانب المادي أو الجانب النفسي، قبل معاتبه وإغراقه بوابل من الشتائم إن لم يرقهم أداؤه داخل المستطيل الأخضر. "هسبريس الرياضية" سلطت الضوء على الموضوع من خلال أخذ العديد من اللآراء من طرف لاعبي البطولة الوطنية الاحترافية عن مدى استقرارهم المادي، وكذا رأي الطب النفسي في وضعية اللاعب المغربي ومدى استقراره النفسي. لمراني: الاحتراف أفاد اللاعب المغربي البداية كانت مع لاعب فريق الجيش الملكي مصطفى المراني، الذي أكد في تصريح لجريدة "هسبريس الرياضية"، أن هناك أربعة أو خمسة فرق داخل البطولة المغربية الاحترافية، من شأنها تحقيق الاستقرار المادي للاعبين، أما جل الأندية الوطنية فهي تعاني من صعوبة في تدبير الرواتب الشهرية للاعبين. وأوضح المراني أنه خلال السنتين الأخيرتين، وبعد الدخول في مشروع الاحتراف بدأ الاستقرار المادي يعرف طريقة إلى اللاعب المغربي، أما قبل ذلك فالوضعية كانت جد مزرية، حيث أن اللاعب يقضي عمره داخل الملاعب وبعد نهاية مساره الكروي لا يجد ما يعتمد عليه لتتمة حياته والإنفاق على أسرته، وأن اللاعب المغربي الآن بدا يعي بهذه المسألة لكن ليس جل اللاعبين، لأن هناك البعض منهم يعمد إلى الانفاق بشكل مخجل على المقاهي والمراقص الليلية والسيارات، دون أن يفكر في المستقبل وما بعد نهاية مسارهم الكروي، وأن مثل هؤلاء اللاعبين يثيرون شفقته. وارتباطا بالجانب النفسي للاعب المغربي اضاف المتحدث، "ميسي ورونالدو خرجوا علينا"، دلالة منه على رغبة الجماهير المغربية في أن يكون اللاعب المغربي يمتلك نفس المهارات التي يتوفر عليها اللاعب الأوروبي متناسين الفرق الكبير في التكوين والتأطير وحتى الجانب المادي، موضحا أن الجماهير المغربية تقوم بضغوطات كبيرة على اللاعب داخل الملعب، دون أن تراعي نفسيته وحتى ظروفه العائلية والمادية والتي يكون المسيرون السبب الأول والأخير فيها. وزاد لاعب فريق الجيش الملكي أن الجسم الرياضي الكروي المغربي يستنسخ قراراته التقنية والتسيرية من أروبا، فلما لا يقوم بتوفير طبيب نفسي لكل فريق، كما في الدوريات الأوروبية، لمساعدة اللاعبين على تجاوز النكبات خلال الهزائم، وحتى قبل بداية المباريات يساعدهم على الرفع من معنوياتهم والعمل على عدم إعطاء أهمية كبيرة للضغط الجماهيري. فاخوري: أوضاع اللاعب المغربي غير مستقرة في السياق نفسه، قال عبد الفتاح فاخوري، لاعب فريق شباب الريف الحسيمي في تصريح ل "هسبريس الرياضية"، إن اللاعب المغربي داخل البطولة الاحترافية المغربية لا يزال يعاني بعض الشيء من غياب الاستقرار المادي، خاصة داخل الفرق التي لا تستطيع توفير الرواتب الشهرية للاعبين، أو تتأخر في منحها إياهم دون النظر إلى المسؤوليات التي تكون ملقاة على كاهل اللاعب. وأكد لاعب فريق شباب الريف الحسيمي، أن اللاعب المغربي الممارس في البطولة "الاحترافية" داخل المغرب، غالبا ما يكون من وسط فقير أو متوسط الدخل، لهذا يكون هذا اللاعب هو المعيل لأسرته الصغيرة وفي بعض الأحيان حتى الكبيرة كالوالدين والإخوة. وأكد عبد الفتاح الفاخوري إلى أنّ الجماهير المغربية لا ترحم اللاعب وتطالب فقط بالنتائج دون العمل على معرفة الظروف التي يمر منها وإن كان هذا اللاعب مستقر من الناحية المادية هو وأسرته من أجل أن يعطي النتائج المرجوة منه، مؤكدا أن هذا الخطأ يدفع ثمنه اللاعب لوحده لأنه هو الذي يكون في الصورة. أما فيما يخص الجانب النفسي فقد أكد اللاعب أنه من الضروري توفر طبيب نفسي لكل فريق، لكي يستطيع تقديم الدعم للاعبين من خلال نصائح وإرشادات يتبعونها لكي يكونوا قادرين على مواجهة ضغط الجماهير وكذا النتائج السلبية التي تدخل في صميم اللعبة. محمدينا: أسرة اللاعب تلعب دور الطبيب النفسي أكد محمد محمدينا حارس فريق الدفاع الحسني الجديدي في تصريح خص به "هسبريس الرياضية"، أن العديد من الفرق المغربية تعاني من المشكل المادي، مشيرا إلى أن هذه المشاكل التي تسيطر على المكاتب المسيرة للنوادي تنعكس بالسلب على اللاعب الذي لا يتقاضى أجره الشهري في الموعد المحدد، رغم أن كرة القدم تعتبر وضيفته "لي كياكل منها طرف لخبز". مضيفا أن بعض اللاعبين يذهبون أمام الولاية في مختلف مدن المملكة للتظاهر لعدم توصلهم بمبالغهم المالية، فكيف للاعب يعيش مثل هذه الظروف أن تطالبه بمستوى جيد أثناء إجراء المباريات، على حد تعبير اللاعب. وأوضح محمدينا أنه على المهتمين بكرة القدم المغربية أن ينظروا لللاعب على أنه حالة اجتماعية وليس فقط لاعب يجب أن يخلق المتعة للمشاهد والجماهير من خلال اللعب الجيد وإحراز الأهداف دون النظر إلى استقراره المادي والنفسي. واضاف المتحدث أنه أضحى من الضروري تواجد طبيب نفسي بكل فريق مغربي، وأن عدم تواجده داخل الطاقم الطبي للفرق يعتبر مشكل كبير لأن اللاعب المغربي محتاج لطبيب نفسي، نظرا للكم الهائل الذي يعيشه من الضغوطات سواء من المكتب المسير للفريق أو من المدرب أو من الجماهير، فالحالة النفسية للاعب ترهق من كثرة هذه الضغوطات. وأوضح محمدينا أنه يعتمد على دعم أسرته فيما يخص الجانب النفسي، لأنهم هم الذين يدعمونه لتجاوز النتائج الغير المرضية، أو من خلال الدعاء له قبل الدخول في المباراة مما يقدم له دعما نفسيا يرفع من معنوياته. القندوسي: الاسقرار المادي مطلب بعيد عن اللاعب المغربي من جهته، أفاد يونس القندوسي لاعب فريق الراسينغ البيضاوي، في تصريح ل "هسبريس الرياضية" أن اللاعب المغربي لا يعيش الاستقرار المادي، إضافة إلى الفوارق الكبيرة التي تكون في الأجر الشهري بين لاعب ولاعب داخل فريق واحد، مما يحز في نفسية اللاعبين ويمنعهم ذلك من العطاء أكثر. وأكد أن المبالغ المالية التي يتقاضاها اللاعب المغربي لا تكفيه حتى في قضاء حاجياته الأساسية من أكل وملبس ومصاريف أسرية، فكيف له أن يعتمد عليها في القيام بمشروع لضمان مستقبله ما بعد نهاية مساره الكروي. مضيفا أن اللاعب المغربي يجب أن يكون كالآلة دائم النشاط والحيوية، لا يجب أن يمرض أو يتعب وإن حصل بذلك ولم يكن مستواه جيد داخل المباراة سيتعرض للسب والشتم والتوبيخ مما يؤدي إلى هبوط حاد في معنويات اللاعب. وأكد المتحدث أنه في هذه الحالة يحتاج اللاعب إلى طبيب نفسي يجاور الفريق من أجل أن يقدم له الدعم في مثل هذه الحالات التي تكون كثيرة بعد نهاية كل لقاء. احنكير: اللاعب المغربي مفتقر للتأطير النفسي في سياق متابعة هذا الملف، قال العربي احنكير طبيب نفسي اختصاصي في الجهاز العصبي والطب النفسي، في تصريح ل "هسبريس الرياضية"، إن المجال الرياضي المغربي يعاني من نقص كبير في الجانب النفسي، وأنه يجب توفر طبيب نفسي في كل فريق مغربي، إضافة إلى توفر المنتخبات الوطنية بجميع فئاتها على طاقم نفسي يشجع اللاعبين ويجنبهم الضغوطات. وأكد العربي احنكير أن الاعتماد على الطب النفسي في الجانب الكروي أضحى ضرورة حتمية، لأن اللاعب يعاني العديد من الضغوطات التي تشكل خطرا كبيرا على صحته النفسية والعصبية إذا لم يمتلك الوسائل التي تساعده على التخلص من هذه الضغوطات، موضحا أن الفرق الأوروبية تعتمد على أخصائيين نفسانيين لمساعدة لاعبيها على التأقلم مع أجواء الملاعب المشحونة، وكذا كيفية تعاملهم مع الهزائم التي يتلقاها الفريق، وذلك من أجل تكوين لاعب صلب لا تؤثر الأجواء الخارجية في مستواه التقني والتفكيري. وأوضح الطبيب المختص في الجهاز العصبي والطب النفسي، أن اللاعب المغربي يفتقد للثقافة والتأطير النفسي مما يجعله فريسة سهلة للمغريات المتمثلة في تناول المخدرات والسهرات الليلية داخل المراقص والملاهي، خاصة إذا علمنا حسب قول الطبيب أن اللاعب المغربي قادم من بيئة فقيرة، وأنه فور توفر الوسائل المادية لديه ينسحب تدريجيا وراء المغريات، لأنه يفتقر إلى تأطير نفسي داخل الفريق والذي يساعده على التحكم في شهواته ويرسم له الطريق الصحيح الذي يسلكه. * لمزيد من أخبار الرياضة زوروا هسبريس الرياضية