أثار سقوط الرئيس السوري بشار الأسد وتحولات المشهد السياسي في سوريا ردود أفعال دولية وإقليمية متباينة، حيث أعلن نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، عن فقدان الجماعة طريق إمداداتها عبر سوريا بعد الإطاحة بالأسد. في المقابل، كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن إجراء بلاده "اتصالاً مباشراً" مع هيئة تحرير الشام، التي يقودها أحمد الشرع المعروف ب"أبو محمد الجولاني"، والتي أصبحت القوة المهيمنة في سوريا بعد سيطرتها على العاصمة ومدن استراتيجية أخرى. في خطاب بثه التلفزيون السبت، وصف نعيم قاسم سقوط الأسد بأنه تحول كبير يؤثر على توازنات المنطقة، مشيراً إلى أن الجماعة لا تستطيع الحكم على الحكام الجدد في سوريا قبل استقرار الأوضاع. وأعرب قاسم عن أمله في أن يتبنى القادة الجدد موقفاً عدائياً تجاه إسرائيل وألا يسعوا إلى تطبيع العلاقات معها. يُعتبر سقوط الأسد، الذي حكمت عائلته سوريا لأكثر من خمسة عقود، ضربة قاسية لما يُعرف ب"محور المقاومة" بقيادة إيران، والذي تعتمد سوريا فيه كركيزة لوجستية أساسية لحزب الله في لبنان. في سياق متصل، كشف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال محادثات إقليمية عُقدت في مدينة العقبة الأردنية، أن بلاده أجرت اتصالاً مباشراً مع هيئة تحرير الشام، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولاياتالمتحدة. وأوضح بلينكن أن هذا التواصل جاء في إطار جهود دولية لدعم انتقال سياسي في سوريا، بالإضافة إلى السعي لإطلاق سراح الصحافي الأميركي أوستن تايس المختطف منذ عام 2012. وأضاف بلينكن أن المحادثات، التي ضمت ممثلين عن ثماني دول عربية وتركيا والاتحاد الأوروبي، اتفقت على ضرورة أن يقود السوريون عملية الانتقال السياسي وأن تشمل تمثيلاً عادلاً لجميع مكونات المجتمع السوري. كما دعا إلى احترام حقوق الأقليات والنساء، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وأكد على أهمية استمرار مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات الأساسية لتجنب انهيار شامل. على الرغم من هذه الجهود الدولية، تواجه هيئة تحرير الشام عقبات كبيرة في الحصول على اعتراف دولي، بسبب تصنيفها كمنظمة إرهابية لجذورها المرتبطة بتنظيم القاعدة. ومع ذلك، أظهرت قيادة الهيئة، بقيادة "أبو محمد الجولاني"، مواقف تصالحية تجاه الداخل السوري، مما دفع البعض إلى التكهن بإمكانية إعادة تقييم وضعها مستقبلاً. تركيا، التي تعتبر أحد الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية، واصلت دورها الفاعل في المرحلة الجديدة، مما أثار توتراً مع إيران، التي ترى في الإطاحة بالأسد تهديداً استراتيجياً لنفوذها الإقليمي. بحسب مسؤولين إيرانيين، فإن الأسد كان قد أعرب، في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل سقوطه، عن استيائه من الدعم التركي المكثف للمعارضة. وأكد عراقجي للأسد استمرار دعم إيران له، لكنه أشار إلى أن التوازنات الإقليمية أصبحت معقدة بشكل كبير. ومع ذلك، فإن التحركات الدولية استمرت في دعم المعارضة السورية، التي باتت اليوم القوة المسيطرة على الأرض.