أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة إسقاط "الطاغية" بشار الأسد بعد "هروبه" و"بدء عهد جديد" لسوريا، إثر دخول قواتها دمشق فجر الأحد عقب هجوم سريع أنهى حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود. وأفاق سكان العاصمة السورية على مظاهر فرح وابتهاج مع إطلاق الزغاريد وإطلاق الرصاص في الهواء، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة فرانس برس. وأظهر شريط فيديو لفرانس برس جمعا من الأشخاص، بينهم عناصر من الفصائل المعارضة، يعتلون دبابة بجوار ساحة الأمويين وسط العاصمة، ويرفعون قبضاتهم وشارات النصر؛ بينما يسمع في الخلفية إطلاق نار في الهواء. كما أظهر فيديو آخر إسقاط جمع من السوريين تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار في ساحة عرنوس، قبل أن يقوموا بالدوس عليه وضربه بالعصي. وأتى ذلك بعد ساعات من بدء دخول قوات الفصائل المسلحة دمشق، في تتويج لهجوم واسع بدأته في شمال البلاد في 27 نونبر وحققت خلاله تقدما واسعا لم يشهد له مثيل منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011. وأطلت مجموعة من تسعة أشخاص عبر شاشة التلفزيون الرسمي من داخل أستوديو الأخبار. وتلا أحدهم بيانا نسبه إلى "غرفة عمليات فتح دمشق"، أعلن فيه "تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد وإطلاق سراح جميع المعتقلين المظلومين من سجون النظام". وكانت الفصائل أعلنت، عبر حسابها "إدارة العمليات العسكرية" على "تلغرام"، "الطاغية بشار الأسد هرب"، و"نعلن مدينة دمشق حرة". وأضافت عبر "تلغرام": "بعد 50 عاما من القهر تحت حكم البعث، و13 عاما من الإجرام والطغيان والتهجير (...) نعلن اليوم (...) نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا". ودعت السوريين المهجّرين في الخارج للعودة إلى "سوريا الحرة". وفي تصريح لفرانس برس، قال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن "الأسد غادر سوريا عبر مطار دمشق الدولي، قبل أن تنسحب عناصر الجيش والأمن" من المطار. لكن تعذّر على وكالة فرانس برس، حتى الآن، التأكد من مصادر مستقلة من مكان وجود الأسد. وفي ما بدا أنه إقرار بنهاية حكم الرئيس السوري، أعرب رئيس الحكومة محمد الجلالي، في شريط مصوّر، عن استعداده لتسليم المؤسسات إلى أية "قيادة" يختارها الشعب السوري. ودعا أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، زعيم هيئة تحرير الشام، قواته إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مشيرا إلى أنها "ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسليمها رسميا". وتتالت هذه الإعلانات بسرعة مذهلة بعد إعلان فصائل المعارضة التي بدأت منذ 27 نونبر هجوما واسعا سيطرت خلاله على مساحات واسعة من البلاد في الشمال والوسط، دخول دمشق. في ردود الفعل، أشاد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، ب"لحظات تاريخية" يعيشها السوريون مع سقوط النظام "الاستبدادي". وقال عبدي، الذي تلقى قواته دعما أمريكيا ويشكك الأكراد عمودها الفقري، إن "هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين". في واشنطن، أعلن البيت الأبيض، ليل السبت الأحد، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتابع عن كثب "الأحداث الاستثنائية" التي تجري في سوريا وهو "على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين". أما خلفه المنتخب دونالد ترامب، فقال إن الأسد "فرّ" بعد فقد الدعم الروسي. وقال، عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، إن "الأسد رحل". وأضاف ترامب: "إن حاميته، روسيا، روسيا، روسيا التي يرأسها فلاديمير بوتين، لم تعد تكترث لحمايته بعد الآن". طول الانتظار في شوارع العاصمة السورية، على مدى ساعات، انطلقت التكبيرات من المساجد والهتافات والزغاريد من كل مكان. وقال عامر بطحة لفرانس برس: "انتظرنا طويلا هذا اليوم... نبدأ تاريخا جديدا لسوريا". ثم أضاف بعدما أجهش بالبكاء، "لا أصدق أنني أعيش هذه اللحظة". في حديقة في الوسط التجاري العاصمة، تجمّع العشرات من السكّان محتفلين بسقوط الأسد، هاتفين "الله أكبر". وقالت إلهام البساتنة (50 عاما) من شرفة منزلها: "لا أصدق أنني لن أخاف بعد اليوم، فرحة اليوم عظيمة ولن تكمل إلا بمحاسبة المجرم". وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن الجيش والقوات الحكومية أخلت، فجر الأحد، مطار دمشق الدولي، بعد "صدور أوامر لعناصر وضباط قوات النظام بالانسحاب" منه". كما قال مصدر مقرب من حزب الله الداعم للنظام السوري لفرانس برس إن الحزب سحب عناصره الموجودين في محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري فجر الأحد. وقال المصدر: "الحزب أوعز لمقاتليه، في الساعات الأخيرة، بالانسحاب من منطقة حمص؛ بعضهم توجه إلى اللاذقية، وآخرون إلى منطقة الهرمل في لبنان"، مشيرا إلى أن "مقاتلي الحزب أخلوا كذلك مواقعهم في محيط دمشق". وأتى دخول العاصمة السورية بعد ساعات على تأكيد فصائل المعارضة سيطرتها على حمص ثالثة مدن البلاد. سجن "صيدنايا" أفادت فصائل معارضة والمرصد السوري، اليوم الأحد، بفتح أبواب سجن صيدنايا العسكري الواقع قرب دمشق؛ وهو من الأكبر في سوريا والذي تفيد منظمات غير حكومية بتعرض المساجين فيه للتعذيب. وفي منشور على "تلغرام"، قال حسن عبد الغني، القيادي في الفصائل المعارضة، إن الفصائل تمكنت "من تحرير أكثر من 3 آلاف و500 سجين من سجن حمص العسكري". وقال شاهدان لفرانس برس إن متظاهرين في ضاحية جرمانا جنوبدمشق أسقطوا، السبت، تمثالا نصفيا للرئيس الراحل حافظ الأسد داخل ساحة رئيسية تحمل اسمه. ونشرت وسائل إعلام محلية لقطات مماثلة في درعا وحماة. تراجعت القوات الحكومية السورية بشكل كبير وغير متوقع، خلال الأيام الماضية، في الميدان. وخسرت الحكومة، السبت، سيطرتها على محافظة درعا بعد سيطرة مقاتلين من فصائل معارضة على مدينة رئيسية، حسب المرصد. في وقت سابق السبت، سيطرت فصائل مسلحة معارضة سورية على مدينة القنيطرة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، على بعد نحو 12 كيلومترا جنوب حضر، حسب المرصد. يُعدّ نطاق هذا الهجوم غير مسبوق منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد عام 2011، والتي قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول نزاعا داميا أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتتسبب بدمار واسع.