بالرغم من المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية على ضوء الترسانة القانونية الى حد ما لإرساء مبدأ المساواة و إنصاف المرأة. وبروز دور مفهوم النوع الاجتماعي في برامج التنمية كمقاربة تستعيض عن التحديدات الجنسية النمطية بإيلاء أهمية للأدوار النوعية للجنسين و قيمتها في التنمية الشاملة المبنية على المساواة. إلا أن الرغبة الملحة في تأهيل الأدوار الاجتماعية للنساء لم يواكبها تطور في الخطاب الإعلامي الذي ظل في جزء كبير منه مقصرا في متابعة هذه المتغيرات، حيث مازالت بعض وسائل الإعلام تمرر خطابات تكرس النظرة الدونية للمرأة وتمعن في فصل عالمها عن عالم الرجل وتحصرها في أدوار اجتماعية نمطية لا تراعي المكانة التي بدأت تشغلها النساء في المجتمع كفاعلات في التنمية، و ما تزال الصورة المقدمة عن المرأة في غالب وسائل الإعلام صورة نمطية يتم حصرها في نماذج: المرأة التقليدية و المرأة المشيأة و المرأة الجسد و المرأة السطحية و المرأة الضحية. "" وتظهر صورة المرأة من خلال هذه النماذج كائنا سلبيا مستهلكا وغير منتج، يحتاج للحماية ولا يشارك في اتخاذ القرارات المهمة، وينحصر سلوكه في الاستهلاك والزينة، فيما يستغل جسده للدعاية التجارية. و هذه النماذج لا تعكس الاهتمامات الحقيقية لكل النساء كما لا تعكس المكانة المهمة التي بدأت تضطلع بها النساء كفاعلات في المجتمع. كما لم يؤثر ولوج النساء المكثف لمجال الإعلام إيجابيا على الصورة المقدمة عن المرأة نظرا لغياب استراتيجيات إعلامية تستحضر مقاربة النوع الاجتماعي،حتى ان بعض المجلات النسائية المغربية تعمل بين الفينة والاخرى على مصاحبة بعض اعدادها بهدايا تكون عبارة عن اكياس مسحوق الغسيل في اطار الدعاية لبعض مواد التنظيف او غيرها. في هذا السياق وبحديثنا عن وضعية المرأة الصحفية في المغرب أو في غيره من البلدان العربية وحتى الغربية، فإننا نتحدث عن وضعيتها المزدوجة، فهي من جهة، وضعية تعيشها الإعلامية بموازاة زميلها في المهنة، بما لها وعليها من ايجابيات وسلبيات على مستوى القوانين والمكاسب وظروف العمل بما تتصف به خصوصية المراة العاملة والاعلامية التي هي موضوعنا والمتمثلة في الشروط المجتمعية العربية حتى وان بدى بعضها تحررا وانفتاحا من غيره فالمرأة لازالت محكومة بنظرة دونية ونمطية ومازالت لم توفر لها ظروف العمل التي تحترم كرامتها وجنسها ووضعها الاجتماعي. فإذا كانت ظروف المرأة العاملة بشكل عام، مازالت تحتاج إلى الكثير من التطوير وتوفير جو أكثر ملاءمة للمرأة لتمكينها من المزيد من العطاء ومن الاستمتاع بنتائجه، فإن وضعية الإعلامية تحتاج إلى الكثير من المساءلة، خاصة وأنها مهنة تقتضي من ممتهنيها التواجد في أي مكان وزمان، مما يطرح التساؤل عن الوضعية التي تعيشها المرأة الإعلامية في بلداننا وعن الجهود التي تبذل لتحسينها. وهذا يجعلها عرضة للتحرش الجنسي والابتزاز أتناء العمل داخل وخارج المكتب والكثير من الحالات لايصرحن بهذه المضايقات وان كانت بعض الصحفيات تنساق لهذه الاغراءات من اجل تحسين وضعيتهن في مراتب السلم الاداري او الترقية وخاصة المتدربات منهن اضافة الى بعضهن لايتوفرن على البطاقة المهنية وكثيرا ماتعطاهم صفة موظفة وذلك لكي تتهرب المؤسسة الاعلامية من التحملات الاجتماعية . وإذا كان عدد الصحافيات بالمغرب قد ازداد بشكل كبير في السنوات الاخيرة،_596 صحافية سنة 2006 حسب احصائيات وزارة الاتصال المغربية_ فإنه لا يشكل مؤشرا على تطور جوهري في وضعية المرأة الصحافية بالمغرب، و بالإضافة إلى العديد من المشاكل التي يعانين منها، فإن عدد منهن وصلن إلى مراكز القرار لايزال جد محدود، وأغلب من وصلن إلى تلك المراكز يعملن تحت إدارة مدير يكون له في غالب الأحيان القرار الأخير لتصبح العديد منهن واجهات لتلميع صورة المؤسسة أو لتحمل أعباء قرارات مرفوضة من العاملين أو غيرهم. لذا لابد من بلورة استراتيجية اعلامية تهدف الى الارتقاء بصورة النساء في مختلف وسائل الاعلام،والنهوض بوضعية النساء الاعلاميات انطلاقا من مقاييس شفافة تعتمد على معياري الكفاءة المهنية وتكافؤ الفرص،مع ضمان حق النساء في التعبير والدفاع عن قضاياهن ومعالجتها بموضوعية ومهنية وتفعيل التواصل والتعاون بين وسائل الاعلام المختلفة والجمعيات النسائية وكل هيئات المجتمع المدني التي تعنى بقضايا النساء. *مداخلة ألقيت في ندوة " الإعلاميات العربيات في وسائل الإعلام في الوطن العربي وفي الخارج " بموسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الواحدة والثلاثين. [email protected]