بشكل سريع حرص خبراء مغاربة في قضايا المناخ والتنمية المستدامة على التفاعل مع ما تمخض عن مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ في العاصمة الأذربيجانية باكو، من تعهد الدول الغنية الأكثر تلويثا بتوفير مبلغ 300 مليار دولار سنويا في شكل منح وقروض للدول الفقيرة الأقل تلويثا، دعما لتكيفها مع تداعيات التغيرات المناخية، إذ عدّوا أن "هذا المبلغ على أهميته يبقى غير كاف لتقديم حلول مالية لهذه التداعيات". ويرى الخبراء الذين تحدثوا لهسبريس أن "الأمر لا ينفي ضرورة تقديم المغرب ملفا متكاملا عن الأضرار الجمة التي لحقته جراء الظواهر المناخية المتطرفة من أجل توصله بنصيبه المستحق من هذا الدعم"، مردفين بأن "ما يؤهل البلد للاستفادة جهوده المتواصلة لكبح تداعيات التغيرات المناخية والتكيف معها، فضلاً عن عشرات المشاريع التي أطلقها لإنتاج الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر". مؤهلات الاستفادة المصطفى العيسات، الخبير في مجال المناخ والتنمية المستدامة، أكد أن "مبلغ 300 مليار دولار الذي تعهدت الدول المتقدّمة الأكثر تلويثا، وعلى رأسها دول الاتحاد والأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية واليابان وغيرها، بتقديمهم للدول النامية، لا يقدم إجابة مالية كافية عن مختلف تداعيات التغير المناخي التي تعاني منها الأخيرة"، مُستدركاً بأنه "على الأقل يتعيّن على الدول الملوّثة المانحة أن تجد طرقاً أكثر عدالة وإنصافاً في توزيع المنح المالية والقروض التي ستقدمها في هذا الإطار". وسجّل العيسات، في تصريح لهسبريس، أن "المغرب من بين أكبر المستحقين للاستفادة من هذا الدعم، لما ألحقته به الظواهر المناخية المتطرفة من أضرار كثيرة؛ فست سنوات من الجفاف المتواصل أدت إلى تدهور إنتاجية قطاعه الفلاحي وقدرته على التشغيل، ما أدى إلى فقدانه أزيد من 200 ألف منصب شغل خلال الفترة الأخيرة". ولفت الخبير في مجال المناخ والتنمية المستدامة إلى أن "ما تسببت فيه الفيضانات الكارثية في شتنبر، كظاهرة مناخية قصوى كذلك، من خسائر مادية على مستوى البنية التحتية والمزروعات بالمناطق المتضررة، يستوجب بدوره التعويض". واستحضر المتحدث أن "الدعم الموجه من قبل الدول المتقدمة لمكافحة آثار التغيرات المناخية يجب أن يحقق ثلاث نتائج رئيسية، هي دعم الساكنة المتضررة للبقاء والصمود والتأقلم مع التغيرات المناخية، وإعادة تأهيل البنية التحتية بالمناطق المتضررة، وإعادة التوازن المناخي بها"، مؤكداً أن "ما سيجري بناؤه من سدود وعتبات مائية بالمناطق المنكوبة من الفيضانات يحتاج تمويلات ضخمة يجب أن يُساهم هذا الدعم في تغطيتها". وأكد العيسات أن "المغرب عمد بشكل تلقائي إلى تبني سياسة متكاملة هادفة للتصدي للظواهر المناخية المتطرفة"، خاصاً بالذكر "إطلاق عشرات محطات تحلية مياه البحر والطرق السيارة المائية الكفيلة بمواجهة النقص الحاد في الموارد المائية، الذي تشكو منه بعض المدن المغربية؛ كما أنه يشتغل في إطار طموحه للانتقال الطاقي على مشاريع واعدة في ميادين الطاقات المتجددة، الشمسية والريحية، وهو الآن يخطو خطى متسارعة في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر". لذلك عدّ الخبير عينه أن "السلطات المغربية مطالبة بإعداد ملف متكامل عن الأضرار التي لحقت البلاد جراء مذبحة التغيرات المناخية من أجل تلقي التعويض اللازم عنها، وكذا ما تحتاجه من موارد مالية لتسريع إنجاز جميع المشاريع والبرامج التي هي بصدد تنفيذها لتعزيز الصمود أمام هذه التغيرات". إستراتيجية المغرب ذكّر الخبير المناخي رشيد فاسح بأن "مطلب تمكين الدول النامية المتضررة من أنشطة الدول الملوثة (خُصوصا الملتئمة في إطار مجموعة العشرين G20)، التي تسببت في الاحتباس الحراري، كان قائما ومطروحا بقوة منذ قمة الأرض وتحول المناخ في ريو دي جانيرو"، مسجلاً بدوره أن "المغرب من بين البلدان التي تضررت من هذه الأنشطة، ما ظهر من خلال الجفاف الحاد والفيضانات الأخيرة". وأوضح فاسح، في تصريح لهسبريس، أن "المغرب على هذا الأساس من الدول المعنية بالاستفادة من المنح والقروض المالية التي ستقدمها الدول المتقدمة"، مردفا بأن "البلد التزم بتقليل الانبعاثات الغازية وتوظيف مصادر الطاقة الأحفورية من خلال إطلاق عدة مشاريع صديقة للبيئة، من قبيل تلك المتعلقة بالطاقات المتجددة الشمسية والريحية، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، ما أهله للاستفادة من تمويلات سابقة مماثلة، ويجعله من جانب آخر مؤهلا ومستحقا للدعم المعلن في مؤتمر 'كوب 29′". وأشار الخبير المناخي ذاته إلى أن المغرب سيسعى إلى الاستفادة من هذا الدعم؛ "فهو يقع في صلب إستراتيجيته لتمويل مشاريعه سالفة الذكر، التي تقوم على الدخول في إطار اتفاقيات دولية أممية، أو إيجاد تمويلات من صناديق سيادية للدول التي تتقاسم معه هاجس الحصول على الكهرباء النظيفة، مثل الإمارات والسعودية، أو بريطانيا التي تسعى إلى التزود بالكهرباء النظيفة المولدة من محطات الطاقة الشمية والريحية بالمغرب عبر الكابلات البحرية".