حظيت الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، ابتداء من اليوم الاثنين، باهتمام كبير من طرف وسائل الإعلام والصحف الفرنسية، التي انكبت على تحليل أبعاد وأهداف هذه الزيارة التي وصفتها بأنها "زيارة المصالحة" وإعادة رسم مسار الشراكة التي تجمع باريس بواحدة من حلفائها التقليديين في القارة الإفريقية. وتحت عنوان "إيمانويل ماكرون في المغرب: زيارة دولة لإتمام المصالحة مع الرباط"، كتب موقع "BFMTV" أن زعيمي البلدين يعتزمان وضع حد لسلسلة من الخلافات التي طبعت العلاقات المغربية الفرنسية في الآونة الأخيرة، من بينها مسألة خفض فرنسا عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، في إطار الضغط على المغرب لاستعادة رعاياه المقيمين على التراب الفرنسي بشكل غير قانوني. وذكر المصدر ذاته أن ساكن قصر الإليزيه اختار أخيرا التقارب مع المملكة المغربية التي تربطها مصالح اقتصادية كبيرة مع فرنسا، من خلال التعبير عن دعمه لحل النزاع في الصحراء في إطار السيادة المغربية. كما أشار إلى أن توجه ماكرون إلى التقارب مع الجزائر منذ إعادة انتخابه في سنة 2022، ساهم في إحداث فتور في العلاقات بين الرباطوباريس. وكتبت صحيفة "Opinion Internationale" في افتتاحيتها لهذا اليوم أن اصطفاف الرئيس الفرنسي إلى جانب المغرب في قضية الصحراء، يمثل تحولا استراتيجيا في السياسة الفرنسية، وموقفا أظهرت من خلاله باريس استعدادها لمواءمة مصالحها مع مصالح المغرب، الذي يعتبر قضية الصحراء قضية سيادة وطنية واستقرار إقليمي، وهو ما التزمت الدولة الفرنسية أخيرا بالدفاع عنه. وأكدت الافتتاحية أن زيارة الدولة إلى المغرب ستحمل معها الكثير من التوقعات، وعلى رأسها تعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين ودعم الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية على الصحراء، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالتعاون الأمني ودعم الأجيال الشابة وتعزيز قيم الفرنكوفونية. كما أشارت إلى أن المغرب يمثل بالنسبة لفرنسا بوابة استراتيجية للقارة الإفريقية وجسرا بين أوروبا وإفريقيا، وباعتباره الشريك الاقتصادي الرائد، فإن للدولة الفرنسية مصلحة كبيرة في تعزيز تحالفاتها والاستفادة من هذه الديناميكية الإيجابية، مشددة على أن زيارة ماكرون إلى المغرب ليست مجرد لفتة دبلوماسية، بل تأكيد على أن البلدين يمكنهما معا أن يلعبا دورا لتحقيق الاستقرار في منطقة معقدة ومجتمع دولي متغير. وتعد هذه الزيارة فرصة لفرنسا لإثبات قدرتها على نسج تحالفات قوية مع شركاء موثوقين، على الرغم من الضغوط والأزمات. صحيفة "Le Télégramme" أبرزت أن الزيارة تهدف إلى إعطاء بريق جديد للعلاقات الثنائية بعد ثلاث سنوات من الأزمة، وبالتالي بناء أسس جديدة لهذه العلاقات على امتداد الثلاثين سنة المقبلة، مشيرة في الوقت ذاته إلى إمكانية التوقيع على اتفاقيات في مجالات الطاقة والتعليم والمياه والأمن. وستكون قضية الصحراء ومسألة مكافحة الهجرة غير الشرعية في قلب هذه الزيارة، حسب الصحيفة ذاتها التي سجلت أن "عودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين تفتح آفاقا جديدة أمام الشركات الفرنسية التي كانت تبتعد عن الأضواء. ومن ثم، يمكن لشركة إيرباص هليكوبتر أن تبيع ما بين 12 إلى 18 مروحية كاراكال للقوات المسلحة المغربية. كما أن استضافة المغرب لكأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 تعد فرصا سانحة لفرنسا لتقديم خبراتها للمغرب، خاصة في مجال البنية التحتية".