أثارت الارتفاعات الجديدة التي عرفتها أسعار السفر بالقطار احتجاجات واسعة خاصة وأنها جاءت متزامنة مع فترة العطل وذروة حركة التنقلات بين مختلف المدن. "" فقد عمدت إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى الزيادة في أسعار خدماتها بمعدل 4% مع بعض التفاوتات حسب اتجاهات ومواعيد الرحلات. وهكذا، وباستثناء الرحلات عبر الخط الرابط بين الدارالبيضاء وخريبكة ووادي زم، وكذا بنكرير وأسفي، التي ستظل دون تغيير بسبب ضعف الإقبال عليها، فقد شهد سعر تذكرة الشباك لرحلة على الخط الرابط بين الدارالبيضاء والرباط مثلا، منذ فاتح غشت الجاري، زيادة ثلاثة دراهم ليصل إلى 35 درهما، فيما وصل سعر تذكرة محصلة على متن القطار لنفس الرحلة إلى 45 درهما عوض 37 درهما احتجاجات زبناء المكتب بررها الظرف الزمني الذي اختارته الإدارة لتطبيق هذه الزيادة حيث يكثر إقبال الأفراد والأسر على رحلات القطار نحو وجهات متعددة لقضاء العطلة وزيارة الأهل. كما أنها جاءت متزامنة مع موجة انتقادات وجهت في الآونة الأخيرة للإدارة بسبب مشاكل تأخر الرحلات عن موعدها دون سابق إنذار وكثرة الأعطاب ومشاكل صيانة العربات. وهو ما جعل الزبناء يعتبرونها زيادة مجحفة ولا تتلاءم مع مستوى جودة الخدمات المقدمة إليهم. إلا أن المكتب يرد على هذه الانتقادات بأنها غير موضوعية وبأن الزيادات المسجلة مبررة من جهة بارتفاع أسعار النفط والمواد الطاقية، ومن جهة ثانية بكونها تندرج ضمن استراتيجية جديدة مرتكزة على دراسة معمقة لسوق نقل المسافرين ومتجاوبة مع الطلب المتزايد للتنقل عبر القطار حيث سجل المكتب خلال السنوات الأخيرة نقل 28 مليون مسافر سنة 2008 عوض 14 مليون سنة 2002. هذا بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع والاستثمارات التي باشرها المكتب كذلك حيث أنفق على سبيل المثال غلافا ماليا يقدر ب18 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2005 و2009 من أجل تمديد وتحديث الشبكة السككية الحديدية، وعصرنة وفتح محطات جديدة وكذا اقتناء قطارات حديثة. وتضمنت هذه المشاريع إحداث خطوط إضافية و تثنية أخرى. وكل ذلك، كما تقول إدارة المكتب، بهدف الرفع من مستوى الخدمات بما يليق وتطلعات المسافرين. وتعتمد الاستراتيجية التعريفية الجديدة للمكتب تعاملا جديدا مع الزبناء حسب فئاتهم، وتهدف، كما تقول الإدارة، إلى توفير أثمنة متباينة وتفضيلية حسب خصوصيات كل فئة. بحيث تعتزم عرض منتوجات جديدة كبطاقة " راي باس" الخاصة بالسياح والمغاربة المقيمين بالخارج، وبطاقة "شباب"، وبطاقة "حكمة" (للمتقاعدين). مع اعتماد تعريفات مختلفة في نفس القطار، بحيث سيتم تطبيق "تعرفة زرقاء" في القطارات الممتلئة و"تعرفة بيضاء" (أقل تكلفة) في القطارات التي تعرف نسبة طلب منخفضة من أجل تشجيع المسافرين على السفر خارج ساعات الذروة قصد تحسين جودة الخدمات وتوفير راحة أكبر. لكن أطراف أخرى تعتبر أن الزيادات الأخيرة التي تزيد من الضغط على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى نفقات الأسر، جاءت لتترجم وضعية أزمة مالية واختلالات في التسيير يعيشها المكتب خلال السنوات الأخيرة. ومن بين هذه الأطراف المنظمة الديمقراطية للسكك الحديدية المنضوية تحت لواء المنظمة الديمقراطية للشغل، والتي يعيش مناضلوها على إيقاع خلاف طويل وعميق مع الإدارة منذ فترة، إذ اعتبرت في بلاغ أصدرته مؤخرا أن الاستثمارات والإصلاحات والصفقات التي قام بها المكتب لم تكن مبنية على رؤية واضحة، ولم تمكن سوى من تكليف ميزانية المكتب مبالغ باهظة، خاصة بعد قرار تراجع المكتب الشريف للفوسفاط عن نقل الحامض الفسفوري عبر القطارات مما سيحرم المكتب الوطني للسكك الحديدية من مداخيل سنوية هامة تقدر بخمسين مليار سنتيم، وبالتالي يتساءل البلاغ عن جدوى صفقة الآليات التي تم اقتناؤها من طرف المكتب لنفس الهدف والتي تقدر ب5 مليار سنتيم. وهو الوضع الذي يفسر، حسب النقابة، لجوء الإدارة إلى الزيادة في أسعار الخدمات. ( بيان اليوم )