رغم أنني أنفر دائماً من النقاشات المصطنعة والحوارات المفبركة التي تنشب بسبب تصرف الأفراد إلا أن خبر المهاجر الذي أُدين في فرنسا بالحبس لمدة عام بسبب تعذيبه لقط بإلقائه ككرة في الهواء قبل أن يتم تصويره من طرف شخص مجهول.. هذا الخبر أثار انتباهي وأيقظ في نفسي شعورًا غريباً ليس لغرابة الخبر فالققط عندنا تذبح وتطبخ وتطحن لحومها كسائر اللحوم فكثيرًا ما نسمع عن لحوم القطط والكلاب والحمر.. التي يستعين بها أصحاب المطاعم في الطرق والمحطات حتى صرنا نجد أثرها في سلوك بعضنا . لكن لأن الجرائم الإنسانية والمجازر أنستنا الإحسان إلى الحيوانات صارت أخبار القتلى والجرحى تصاحب جميع وجباتنا وتتخلل جميع فتراتنا تختلط أفراحنا بأحزاننا وتهانينا بتعازينا في كل نشرة نرى الناس يمطرون بالصواريخ الفتاكة ويقتلون بأبشع الصور ويعذبون آناء الليل وأطراف النهار فهل يحق لنا بعد هذا أن نتحدث نحن عن القطط والكلاب ؟!. إننا صرنا نكره الكلاب ليس لأنهم من الحيوانات بل لأن الناس يشبهون الطغاة بهم. ومرة سألت طفلا سورياً عن وطنه أريد أن أختبر وعيه فأجابني: بشار كلب. فكيف ياترى نستسيغ الحديث عن ضرورة الإحسان بالحيوانات ؟ نعم يحق للفرنسيين أن يدينوا ويسجنوا من عذب قطاً لأن الإنسان الفرنسي حصل على جميع حقوقه ومُكرم في وطنه حتى تساوى عندهم الحيوان الناطق بغير الناطق إن لم نقل يفضلون الثاني ثم لا حرج بعد ذلك عن تورطوا في جرائم حرب ضد شعوب العالم الثالث. نعم مضى زمن النبوة عندما كانت الشريعةُ مترجمة بحماية الإنسان وحفظ ماله وعرضه ونسبه.. مضى زمن الحقوق بالنسبة لنا ولا يعود إلا بعودتنا لمنبع الأمة الذي أنار الله به الكون: كتاب الله وسنة المصطفى (ص) الذي أُرسل رحمة للعالمين لعالم الإنس وعالم الجن وعالم الحيوان.. فهدا جمل يشتكى عنده وهذه حمامة تحلق فوق رأسه تريد استعادة أفراخها وذاك حجر يسلم عليه إذا مر به وتلك خشبة تبكى لفراقه عليه السلام . نعم هو الذي أخبرنا بأن امرأةً دخلت النار في هرة فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض وهو الذي حدثنا بأن امرأة باغية دخلت الجنة في كلب سقته فشكر الله لها. إذا كان الناس يشبهون الإنسان عند الهجاء بالحيوان فإن القران يفضل هذا الأخير على الإنسان إدا لم يقم بوظيفته في الحياة قال تعالى وهو يتحدث عن الدين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم :(أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون).