استعرض صلاح الوديع، الخبير في العلوم السياسية والآداب وحقوق الإنسان ورئيس حركة "ضمير"، في محاضرة ألقاها مساء السّبت، الخطوط العريضة لموضوع "النموذج السياسي الجديد بالمغرب". واستهلت المحاضرة التي تحمل موضوع "لماذا نموذج سياسي جديد بمغرب اليوم؟"، من تنظيم مركز "سيكوديل" بمقره الكائن بالناظور، بكلمة افتتاحية ألقاها الأستاذ صالح العبوضي، رئيس المركز، أشار من خلالها إلى مقرر السّنة التي ستكون مفتوحة على استضافة شخصيات وطنية على رأس كل شهر لتأطير مواضيع في شتى المجالات. وقدّم الأستاذ عياض أزيرار، في سياق اللقاء ذاته، نبذة مختصرة عن الحياة السياسية والاجتماعية لصلاح الوديع، مشيرًا إلى محطاته النضالية واعتقاله، وداعيا إلى أهمية الاطلاع على التجربة السياسية وأعمال المحاضِر. وفي سياق محاضرته دعا الوديع إلى ضرورة تجاوز النموذج السياسي القديم، والانفتاح على تجربة جديدة للنهوض بالمشهد السياسي العام بالمغرب في الفترة المعاصرة، وأكد أن الملامح العامة للسياسة المغربية تغيرت منذ تولّي الملك محمد السادس الحكم ابتداءً من سنة 1999، مبرزا التغيرات العامة التي شملت ملفات سياسية واجتماعية كبرى، على رأسها تحرير الإعلام وتطوير البنى التحتية ودسترة الأمازيغية، إضافة إلى الحضور القوي للمغرب على المستوى الإفريقي والدولي. ورغم ذلك، يبرز المتحدث، هناك خصاص في مغرب اليوم على مستوى اتباع سياسات عمومية قادرة فعلا على الاستجابة لانتظارات المواطنين وكسب ثقتهم، موردا أن مشكل عدم ثقة المواطنين في المؤسسات له تداعيات كبيرة تعود سلبا على مصلحة الوطن. وتابع الوديع: "من المسائل المصيرية اليوم التي لابد من أخذها بعين الاعتبار أن النموذج السياسي المعمول به اليوم أصبح متجاوزا، ونحن مطالبون باعتماد نموذج سياسي جديد في إطار المرجعية الدستورية التي اعتمدناها جميعا". نريد في هذا الإطار، يستطرد المحاضر، "أحزابا سياسية قوية تناضل من أجل إفراز نموذج سياسي جديد، وهو بمثابة مشروع مجتمعي يتضمن قيما وأهدافا، وفي الوقت نفسه آليات للمراقبة والمحاسبة". ونفى المتحدث أن تكون حركة "ضمير" تهدف إلى أن تصبح حزبا سياسيا، مؤكدا أنها جزء من المجتمع المدني، تصبو بالأساس إلى تنزيل نموذج سياسي جديد، وقد قامت بالفعل بعرض برامجها على جميع الأحزاب في إطار المناقشة التشاركية لتحقيق هذا الرهان. وواصل الوديع: "نريد أحزابا سياسية قادرة على تطوير برامج حكومية تستجيب لانتظارات المواطنين في ضوء استثمار اجتهادات النموذج السياسي الجديد"، مؤكدا أن "السياسة هي مصير الوطن وليست هواية، وبالتالي لا نقبل أحزابا تتعارض فيها مصالح المواطنين، بل أحزابا ذات شفافية تقدم مثالا في محاربة الفساد". وختم المحاضر بالحديث عن نقطة أساسية يتضمنها النموذج السياسي الجديد كما يتصوره، وهي ما سماها "الإقالة المبكرة" التي يجب أن تطال كل منتخب ثبت فساد تجربته السياسية، "لوضع حد لواقع الاستمرار في تقلد المسؤولية طيلة الولاية رغم ارتكاب الهفوات". وفي ختام محاضرة صلاح الوديع فُتح باب النقاش أمام الحاضرين الذين طرحوا مجموعة من الأسئلة والأفكار، قبل أن يتم تكريم المحاضر من طرف مركز "سيكوديل".