يواصل رواق القوات المسلحة الملكية استقبال زوار معرض الفرس بالجديدة في دورته الخامسة عشرة، إذ اتخذ هذه السنة من "تقاليد الفروسية على العهد الإسماعيلي" تيمةً يحاول الاشتغال عليها من خلال التعريف ب"مركزية الفرس" ضمن المصالح الأمنية للدولة المغربية في فترة حكم السلطان المولى إسماعيل. رواق القوات المسلحة الملكية يتضمن مجموعة من الوثائق والمستندات التاريخية، إلى جانب عدد من العناصر المادية المرتبطة بالفرس إجمالا والتي تعود إلى العهد الإسماعيلي، خلال فترة حكم السلطان المولى إسماعيل التي امتدت إلى ما يصل إلى 55 سنة. ويستعرض هذا الفضاء مجموعة من المراجع التاريخية التي اهتمت بموضوع التنظيم والتكوين والتدريب لدى الجيش الإسماعيلي؛ بما فيها ما كتبه أبو القاسم الزياني ضمن مؤلفه "البستان الظريف" عن مراحل تكوين فرسان جيش "عبيد البخاري". كما يقدم مراجع أخرى تشير بشكل مفصل إلى مركزية الفرس في إطار الجانب الدبلوماسي للدولة المغربية في ذلك الوقت. حميد الفرخ، متخصص في التاريخ العسكري، قال إن "السلطان المولى إسماعيل أولى عناية خاصة بالخيل؛ نظرا لمكانة هذا الأخير، خصوصا البربري المغربي منه، في منظومة الجيش أو على مستوى المؤسسة العسكرية عبر التاريخ"، لافتا إلى أن "الخيل كان دائما ذا رمزية حتى في العلاقات الدبلوماسية للمغرب وقتها مع الدول الأخرى". وأضاف الفرخ، في تصريح لهسبريس، أن "الخيل أو الفرس كان يتم عادة اعتماده بمثابة هدية من قبل السلطان المغربي المولى إسماعيل؛ كما حدث مع المولى إسماعيل الذي أهداه إلى الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، الذي كان فرحا بهذه الهدية التي تمثل في الأساس جانبا من النخوة المغربية". وواصل المتخصص عن "مديرية التاريخ العسكري" شرحه بالقول: "المولى إسماعيل أولى اهتماما كبيرا للفرسان في التكوين والتدريب وكذا التجهيز، فضلا عن اهتمامه بالخيل في سبيل استرجاع مجموعة من الثغور المحتلة، بما فيها المهدية وطنجة والعرائش وأصيلة هي الأخرى"، موردا في الآن ذاته أن "الفرس تمت الاستعانة به حتى في ترسيخ الأمن والاستقرار عبر ربوع المملكة". وكشف المتحدث ذاته لهسبريس أن "المولى إسماعيل كان يتوفر على 12 ألف فرس وقتها في مكناس، إلى جانب عدد من البياطرة، موازاة مع وجود توجه نحو وضع الخيالة على مستوى المناطق الاستراتيجية سواء بغرض استتباب الأمن وكذا تأمين التجارة الصحراوية، إلى درجة أن المرء كان باستطاعته أن يسافر من مدينة وجدة إلى منطقة واد نون بدون أن يعترضه أحد". وسجل الخبير حميد الفرخ كذلك أن "منظومة الجيش المغربي اعتمدت، منذ القدم، على الفرسان كقاعدة كبرى؛ فقد جرى توظيف الفرس البربري باعتباره فرسا حربيا بامتياز ويمكنه أن يناور ويهاجم الخصوم، مع فرض الحصار كذلك على المدن المحتلة"، مشيرا إلى أن "نموذج مجسم المهدية، هنا، يظهر بشكل جلي دور الخيالة المغاربة". وبيّن المتحدّث أن "رواق هذه السنة للقوات المسلحة الملكية على مستوى معرض الفرس هنا بمدينة الجديدة يشتغل على هذه التيمة بغرض التعريف بدور الفرس في التاريخ المغربي، إذ إن الملك محمدا السادس حفظه الله يولي اهتماما لهذا الموضوع والذي له أدوار كبيرة في الحفاظ على التقاليد المغربية، سواء الحربية أو حتى العادية، حيث نلاحظ أن الفرس لا يزال يستخدم مثلا في إطار البيعة المباركة كل سنة". وتعرف أروقة المؤسسات الأمنية توافدا جد مهم من قبل زوار معرض الفرس بعاصمة دكالة في نسخته الخامسة عشرة، إذ يحرص عدد من هؤلاء الزائرين على استكشاف رواق القوات المسلحة الملكية وكذلك الدرك الملكي، إلى جانب القوات المساعدة والحرس الملكي؛ في سياق البحث عن أبرز المعلومات والمعطيات التي تتصل بعلاقة هذه المؤسسات الأمنية الحيوية بالخيل، في تطابق مع تيمة المعرض الذي تتواصل فعالياته إلى غاية يوم الأحد.