تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، تنظم اللجنة المغربية للتاريخ العسكري ومفتشية الخيالة للقوات المسلحة الملكية، على التوالي، معرضا تاريخيا حول موضوع "الفرس: تراث الألفية"، وعرضا موضوعاتيا حول "خيالة القوات المسلحة الملكية ومهن الفروسية"يخصص (قطب التبوريدة) بالمعرض لفنون الفروسية التقليدية المغربية (خاص) في إطار الدورة الثانية لمعرض الفرس، الذي ترأس افتتاحه بالجديدة، أول أمس الثلاثاء، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية. وحسب بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، فإن المعرض التاريخي يبرز معالم من جوانب الإرث، الذي خلفته مختلف الحضارات في مجال تراث الفروسية، مع العلم أن الفرس، الرفيق الملازم للإنسان، أثار على الدوام إعجابا في جميع الحضارات على مر العصور. وفي هذا المعرض، تخضع المعروضات الفنية والرمزية للفرس، من خلال قطع يعد بعضها أعمالا فنية حقيقية، لقراءة مزدوجة تهم المستويين التاريخي والجمالي. وتتميز القطع الأركيولوجية والأدوات المتعلقة بالفرس، بالتوفيق الدقيق بين الوظيفة والديكور، وفقا لتصنيف لا غنى عنه لمساهمات خارجية من خلال الأسلوب الخاص بكل ثقافة. وتعبر الأشياء المعروضة، التي تشهد على العهود التي عاشت فيها، الزمن والقارات لتوضع أمام أنظار جمهور عريض، وتشحذ اهتمام المختصين في مجال تاريخ الفرس ولجامه وتجهيز الفارس. وتعكس هذه التحف الفنية خبرة الأجداد، التي تجمع بين المتطلبات التقنية والدقة في الإنجاز، وتستعرض تقاليد الفارس خلال عصر معين بمختلف مكوناته. ويتوزع هذا المعرض على أربعة محاور تهم "الفرس في الأركيولوجيا"، و"ظهور وتطور التجهيزات الخاصة بالفرس"، و"دروع وأسلحة وأزياء الفارس"، و"الفرسان عبر التاريخ: الجنود المغاربة". ويستهل الزائر جولته بالرواق المتعلق بأركيولوجيا الفرس، التي تجسدها صور منقوشة على الصخر، ومنحوتات تؤرخ للفرس منذ ظهوره، وحتى ترويضه من قبل الإنسان. وبعد ذلك، يستمتع الزائر برؤية سروج وفرجارات من أصول مختلفة، تعتبر قطعا فريدة، تبين تطور التجهيزات الخاصة بركوب الخيل: سروج مغربية، وأخرى شرقية، وأوروبية، وأميركية، تمثل الشعوب التي أبدعتها، وتشهد على عظمة أو اندحار حضارات. وفي إطار الاهتمام باللباس الخاص بالخيول وبركوبها، فإن الزائر يسكتشف في هذا المعرض، ذلك التماهي بين الفارس وفرسه، وكذا تعلقه بالسلاح، الذي يعرض في كافة أرجاء المعرض إلى جانب الأزياء والدروع المصنوعة خصيصا للفرسان. وتعرض بهذا الفضاء قطعة أثرية نادرة وذات قيمة تتمثل في "درع اللمطي" للفارس المرابطي، الذي يشد انتباه الزائر. وتتميز مجموعة قطع السلاح المغربي المعروضة، بقاسم مشترك يتمثل في كونها تعكس عبقرية الصانع المغربي، الذي استثمر فيها كافة طاقاته الإبداعية والفنية ومهاراته التقنية التي تجسدها سيوف وخناجر ومسدسات من أصول ومراحل تاريخية مختلفة. وينهي الزائر جولته بإبداء إعجابه وتقديره لفرسان وجنود مغاربة دخلوا التاريخ، حيث استجابوا لنداءات سلاطينهم وعرفوا المجد في ساحات المعركة. ويقدم المعرض للزائر بعض أنشطة الدعم، التي يقوم بها خيالة القوات المسلحة الملكية، خاصة الأوراش الخاصة بالمهن المرتبطة بالفروسية، وركوب الخيل، وعلاجها. ويشكل معرض الفرس، الذي تحتضن مدينة الجديدة دورته الثانية، حتى 26 أكتوبر الجاري، واجهة وطنية للتعريف بالفرس ومزاياه التراثية، والاجتماعية، والاقتصادية، وتعبيرا عن المكانة العريقة والرفيعة، التي يحتلها الفرس على المستوى الثقافي والحضاري. هكذا سيجري خلال أيام هذه التظاهرة الكبيرة، التي تشكل، أيضا، واجهة وطنية للتراث الفروسي ولإشعاعه الدولي، اكتشاف مختلف أوجه الفرس في روعتها، سواء منها العربي الأصيل، أو البربري، أو الإنجليزي العربي، من خلال المعارض، والمحاضرات ومسابقات الخيول الأصيلة. ولأجل ذلك، تحولت حلبة الفروسية الأميرة للا مليكة بالجديدة، التي تحتضن المعرض ومنذ اليوم الأول، إلى قبلة لكل عشاق الخيل، الذين شرعوا في التوافد بكثرة للتعرف عن قرب على ما وصلت إليه تربية الخيول، وما يرتبط بها، بالنظر لكون الفرس يعتبر جزءا لا يتجزأ من تاريخ الثقافة المغربية، وبالنظر لكون الفرسان بالمغرب لم يتوانوا، على مر القرون، عن تشريف الفرس، الذي يمتد وجوده في المغرب لأكثر من ثلاثة آلاف سنة حسب الخبراء. وتكمن المهمة الأساسية لهذا المعرض، الذي تنظمه جمعية معرض الفرس، في استعراض الفرس وكل ما يتعلق به، إذ ستقترح هذه التظاهرة العديد من الفضاءات، كل واحد منها يتطرق لمجال محدد، ليكون الكل ضمن مفهوم معماري فريد يستلهم عالم الفرس، بمرابطه وحلباته وحظائره وحواجزه. في هذا السياق، سيقترح (قطب المعارض) فضاءات للعارضين مخصصة للجهات والهيئات المؤسساتية والفن والخيول. في حين يتضمن (قطب الفرجات) والمسابقات، أنشطة يومية كألعاب الفروسية واستعراضات للصيد بالصقور على ظهور الخيل، وبطولات وطنية للاستعراض، خاصة بأنواع الخيول كالبربرية والعربية الأصيلة والإنجليزية البربرية. ويخصص (قطب التبوريدة) كليةً لفنون الفروسية التقليدية المغربية، بحيث تكون فيها كل جهة ممثلة ب(سربة). في الوقت الذي يجمع (قطب الاكتشاف) بين وسائل الاتصال الحديثة والمقاربة الاستجمامية، بخلق فضاء متعدد الوسائط ومكتبة سينمائية وفضاءات تسلية للأطفال. ويتضمن (قطب المحاضرات) موضوعات غنية ومتنوعة، كالفتوة والفروسية من منظور روحاني وثقافي، والفرس في الإبداع الفني والأدبي، وبيوتكنولوجيا التناسل. وفي سياق متصل، تنظم القوات المسلحة الملكية، في إطار هذه الدورة، معرضا حول موضوع "الفرس والجيش والمجتمع"،. ويتكون من مجموعة تحف فنية ومخطوطات، ووثائق تاريخية وأزياء وأسلحة تقليدية. ويدور هذا المعرض حول عدة محاور منها الفرس في البعد الديني، والفروسية أخلاق ومزايا، والخيول الأصيلة بالمغرب، والخيول وفن الحرب، والخيول والدبلوماسية، والخيالة في التقاليد المغربية، والخيالة في الإبداع الفني والأدبي، والخيالة ومكانتهم وممارسة السلطة، والخيالة سلاح المعركة للقوات المسلحة الملكية. كما ينظم معرض تشكيلي في موضوع الفرس بمشاركة سبعة فنانين تشكيليين، يعبر كل واحد منهم بحساسية متفردة عن شغفه بالفرس. والفنانون المشاركون هم حسن الكلاوي، فريدة السيدي، يوسف القهفاي، إلياس السلفاتي، سعيد قديد، محجوب حمين، ومحمد الدواح. وجرى بالمناسبة وضع برنامج ثقافي وعلمي بهدف التعريف بمزايا وفوائد الفرس، فضلا عن إبراز الأهمية التي ظل يكتسيها عبر الحقب والعصور في الحياة العملية والعسكرية والترفيهية لمختلف الأمم والشعوب، لا سيما العربية والإسلامية منها، التي يشهد تراثها الأدبي والحضاري على مكانة وحضور هذا الحيوان الأليف في تاريخها وأنماط عيشها وحروبها. وسيكون الفرس محور بحوث جامعية ومناقشات ستقدم في إطار ندوات، تتمحور حول خصوصيات الفرس العربي، والفرس في الثقافة العربية الإسلامية، والفرس في الاحتفالية المغربية والفرس في الميدان العسكري.