في احد شوارع مدينة مكناس قرب مدرسة ابتدائية، رجل متوسط العمر يتأبط محفظة رمى قشرة موز، واذا بتلميذة لا يتجاوز عمرها ثماني سنوات التقطت تلك القشرة ووضعتها في الحاوية المجاورة لسور المدرسة، التفت الرجل ورأى ما فعلته الطفلة فوضع يده على رأسه آسفا، ورجع نحو الطفلة ليشكرها على الدرس الذي لقنته اياه. "" ويجمع المختصون بقضايا البيئة على ان الكثافة السكانية والتقدم الاقتصادي زادا من كمية النفايات بشكل هائل، مما ادى الى تلوث عناصر البيئة من ارض وهواء وماء واستنزاف الموارد الطبيعية، وهذا ما دفع الدول الى صياغة برامج لادارة النفايات. وينتج المغرب حاليا نحو 4،7 ملايين طن من النفايات المنزلية سنويا، ويمكن ان يصل حجم هذه النفايات الى 6،2 ملايين طن سنة 2020، وهذا ما دفع مجلس النواب في يوليو 2006 الى المصادقة بالاغلبية على قانون تدوير النفايات والتخلص منها وتحديد مسؤوليات الجهات المعنية بتدبيرها على المستويين الوطني والمحلي. ويأتي القانون ايضا، حسب المختصين، من اجل تعزيز القدرة التفاوضية للمغرب على المستوى الدولي، خاصة انه صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتدبير النفايات، مما سيتيح له فرصة الاستفادة من مشاريع استثمارية مهمة ومن وسائل الدعم التي توفرها آليات التعاون الدولي والثنائي في هذا المجال. ولم يتوقف المغرب عند صياغة قانون خاص بالنفايات، بل بلور برنامجاً وطنيا لتدبير النفايات المنزلية بقيمة 37 مليار درهم (4،4 مليارات دولار) بهدف الوصول سنة 2021 الى 90 في المائة كنسبة لجمع النفايات ونظافة المدن، وهي حاليا 70 في المائة، وانجاز المطامر المراقبة لجميع المناطق السكنية وتنظيم وتنمية قطاع الفرز والتدوير والتثمين للوصول الى نسبة 20 في المائة في اعادة استعمال النفايات. وعلى رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة، ما زالت المخاطر الحضرية مستمرة، ولا يتم التخلص من النفايات الصلبة بطريقة عقلانية وايكولوجية فالمدن الغربية بحسب عبد الوهاب الادريسي وهو مهندس دولة طوبوغرافي وباحث في التعمير، تعيش نقصا حاداً في مجال التطهير السائل، «ولا توجد مدينة مغربية واحدة تنعم بنظام كامل وناجح للتطهير، كما ان 80 في المائة من محطات التصفية التي انجزتها الجماعات المحلية معطلة، واكثر من 95 في المائة من مجمل النفايات الصلبة اي نحو ثمانية ملايين طن سنويا، تحتوي على كمية من النفايات الصناعية والمخلفات الطبية لا تخضع للمعالجة مما يعني ببساطة الخطر على صحة الانسان». وما يزيد من تعميق مشكلة النفايات في المدن انه، على رغم تفويض عمليات النظافة الى القطاع الخاص، تبين ان تلك الشركات الاجنبية التي قدمت نفسها على انها مختصة بجمع النفايات تتحرك بلا محاسبة او مراقبة من المجالس الجماعية، وشاحناتها مهترئة، واصبحت مع الوقت تشكل خطراً بيئياً على صحة المواطنين، اذ تترك وراءها عصير الازبال برائحته النتنة ليستنشقه السكان مرغمين، وهي لا تتحرك الا في الشوارع الرئيسية للمدينة، ولصعوبة ولوج الاحياء الهامشية والمدينة القديمة تتركها تغرق في الاوساخ.