لا يشك عاقل فيما حققته مملكتنا المغربية من إنجازات ومكتسبات حضارية متعدِّدة بتعدّد مجالات عيشنا واهتماماتنا؛ شِقٌّ منه في مجال التّنبّه لخطط تمزيق بلدنا وتشتيته وإحباط كل مناورات الدسائس والكمائن المتلوّنة بمتعدِّد الألوان والصّباغات، وشِقٌّ منه في مجال إكمال أوراش التّنمية بجميع شروطها وعلاقاتها الوطنية والدولية. ومهما تَحقَّق لدى الدول من إنجازات إيجابية فطبيعة تطور الحياة وعلاقات الإنسان تخلق باستمرار تحديات وإشكالات تفتقر لحلها وتجاوزها. ونجاح الأمم تُقاس بمدى قدرتها على حل قضاياها المتجددة بتجدد جِدّها واجتهادها. وإن تجويد أداء مؤسسات بلدنا المغرب وإتقان عملها شكلا ومضمونا ينبغي له المتابعة المستمرة والتقويم الدائم، نتعاون فيما بيننا نحن المغاربة -بصدق وبدون ضغينة لأحد- للتنبيه على مواطن الخلل والتقصير حتى يتداركها مخلصو هذا البلد، أما مفسدوه فنرجو أن يكتمل مشوار محاكماتهم التي تتوالى على قدم وساق؛ من غير غض الطرف عن مؤسسات دون أخرى. وخير ما يستدعي كتابة مقالنا هذا أجواء تنظيمنا لكأس أمم إفريقيا لكرة القدم وكأس العالم لكرة القدم أيضا، حتى نكون يدا واحدة سعيا في ريادتنا. في مقالي هذا أقترح قضايا مغربية متفرقة أنطلق فيها من أحداث واقعية معيّنة لأنبّه على أنها نتاج منهج ما في التعامل أو التكوين أو مؤدى غفلة أو أثرة أو عدم مهنية، منها ما ينبغي تلافيه ومنها ما ينبغي تطويره وتسديده ومنها ما ينبغي إيقافه ومعاقبته ورد الحقوق المغتصبة إلى أهلها وما إلى هذا. – في بحر صيف السنة الماضية لمّا اطّلعتُ على حادث مؤلم ذهب ضحيته بطريق الدارالبيضاء السّيّار رجلان من رجال أمننا الوطني كانا بصدد إخلاء أحدهم -لعله كان مجنونا- من وسط الطريق ففاجأتهما سيارة كبيرة لترديهما شَهيديْن. بطبيعة المقام هذا قدَر الله، لكني أطرح هنا تساؤلات حضارية: أليس ظهور رَجُلي أمن على الطريق السيار داخل المدار الحضري للمدينة باكرا -لعله قبيل شروق الشمس- وهما يحملان مصباحا ضوئيا عاديا -نسميه Pille- يجعل أي سائق يشك في هويتهما خصوصا والطريق شبه خالية!؟ أليس في إمكاننا تخصيص شكل/رمز خاص بشرطتنا تتمظهر به لدى القريب والبعيد يظهر للرائي ولو كان بعيدا عنها ببضع كلمترات، كما هو الضوء الخاص بدَرَكِنا الملكي مثلا !؟ فكل من يرى رمز ضوئهم لا يتبادر لذهنه إلا حاجز الدرك الملكي. وقد لا حظتُ شخصيا تثبيت إشارة ضوئية إلكترونية خلف ظهر شاحنة كبيرة كنا حينها في الطريق السيار بدولة أجنبية استطعنا رؤية التشوير الضوئي على بعد أكثر من كلمتر.. وهنا أنبّه أيضا على أن أغلب ما أمرّ به ليلا من حواجز أمنية لشرطتنا، أجدني ملزَما بالتوقف بجانب علامة "قف" التي لا يوجد بجانبها مرارا ولو شرطي واحد، لأبقى مترددا هل الشرطي البعيد عني أعطاني إشارة الإذن بالمرور أم لا؛ إذ لا تظهر لي يَدُهُ التي يشير بها، وكم قدّمتُ ملاحظتي هاته لأكثر من حاجز أمنيّ، لكني عدَلتُ عن الأمر إذ ما زال الوضع هو هو؛ وعليه أليس بإمكان مسؤولينا توفير إنارة قوية تناسب مقام حواجز أمننا الوطني؟ وتوفير أية حيلة من حيل ظهور إشارة رجل/امرأة الأمن واضحة بيّنة لمستعملي الطريق خصوصا وأن موضع علامة "قف" لا يوجد بجانبها في الغالب رجل/امرأة أمن!؟ وارتباطا بهذا أليس من الحق في المعلومة أن نتعرّف كيفية تموضع رجال/نساء أمننا القانوني في الحاجز الأمني!؟ – وفي نفس قضية التشوير بالعلامات الضوئية: لِمَ لا نرى تطورا في أداء مجالسنا المنتخبة ومسؤولي إصلاح طرق السيارات مثلا؛ فتظهر آثاره في طرقاتنا حماية لعمال الإصلاح والصيانة بشاحنة تكون واقفة قبل ورش عملهم عليها إشارة ضوئية يراها السائقون على بُعد بضع كلمترات؟ على أن تختار كل مؤسسة لونا خاصا بها من ألوان الأضواء التي توظفها في تواصلها معنا. أقول هذا ونحن في مغرب مختلِف الطاقات الشمسية والهوائية... – وفي قضية تواصل رجل/امرأة الأمن مع بعض مرتكبي مخالفات السير: هناك بعض أفراد جهازنا الأمني -خصوصا يافعي السّنّ منهم- مَن تجد طبعه خشنا، وربما انحداره مثلا من الدارالبيضاء ليعمل بمدينة فاس وتكون حمولة ثقافة التنابز بين أهل المدن ما تزال تفعل فعلها في تصرفاته وردود أفعاله، يتحدث معه السائق مخاطبا إياه مثلا بلفظ "سيدي" طمعا في مرونة ما، ورجل الأمن هذا يخاطبه بكل استعلاء، حتى ترجّل صاحب السيارة وأعطاه درسا في قيم التواصل مع مرتكب المخالفة. إن رجل/امرأة الأمن خارج بيوتنا الحامل لبذلة هي رمز أمن البلد في إطار تخصصه ومسؤوليته يعدّ المربي الثاني بعد الوالدين، وينبغي لهذه المرتبة الحضارية بامتياز رباطة جأش وأهلية منقطعة النظير؛ إذ رجل/امرأة الأمن يعدّ ملتقى طرق جميع أصناف البشر، ومتى ما استعمل منهجا أو خطابا غير لائق بالمربّي اختلت مهمته الحضارية. – وفيما يخص أداء أحزابنا وجمعيات مجتمعنا المدني: أليس في إمكان دولتنا ضبط مسار الترشح لمختلف المسؤوليات بحيازة المترشح شهادة جامعية تؤهله لخوض غمار تسيير شؤوننا المحلية!؟ متى نبقى أضحوكة لغيرنا في أن مراكز التسيير والقرار يتحكم فيها ذوو الأموال من الأمّيّين؟ أليس من العار المخزي أنّ مَن تقلدوا مهام التقنين/التشريع ببرلماننا منهم مافيا ومزوّرون، ولعل ما خفي كان أعظم! أين ضَربُ دولتنا بيد من حديد ليس في محاسبتهم ومعاقبتهم فقط؛ إذ المحاسبة تطال بحمد الله الجدد كما القدامى، ولكن أن تضرب دولتنا بيد من حديد وقائيا في ضبط وغربلة من يلج قبة البرلمان؟ ولا يفوتني هنا للتنبيه على منعدمي الضمير الموجودين في التعليم الخاص والعمومي ممن يبيعون الشهادات دون تحصيل تكوين فعلي، هل عدمت دولتنا والمخلصون من مسيّريها ما به يضبطون تكويناتنا ويحفظون ماء وجه شهاداتنا العلمية والأكاديمية !؟ ثم إلى متى نبقى نسمح للمقاولين بالتّحكّم في توظيف تشريعاتنا البرلمانية لصالح تطوير مقاولاتهم فقط؟ – وفيما يخص بعض المهن الموسمية الشعبية العشوائية غير المهيكلة خصوصا في شواطئ مملكتنا العامرة: إلى متى يبقى شبابنا فيها غيرَ قانونيّ مطارَدا من قبَل مختلف أجهزة أمننا الساعية وراء أمن مجتمعنا بكل أصنافه وأنواعه؟ أليس في قدرة سلطاتنا المنتخبة الاجتهاد في تنظيم هذه المهن الموسمية بما يرضي جميع الأطراف؟ متى يبقى المسؤولون المعنيون مُهمِلين لمراقبة وضبط بعض الأغذية المعروضة للبيع في شواطئنا وهي غير متوافرة على الحد الأدنى من الشروط الصحية لها!؟ لم أتثبّت مما حكاه لي بعض هؤلاء الباعة -متخصص في بيع الحلزون البري في بحر هذا الصيف- من أن بعض الساهرين على أمن الشاطئ يغضون الطرف عنهم بشرط أن يناولوهم ابتداء من خمسين درهما رشوة؟ وكان حكى لي يومها -والشاطئ مملوء عن آخره- أن رجل السلطة ذاك شرط عليه 100 درهم!!! هذا ومما جعلني أشك في "محاربة" الباعة المتجولين بالشاطئ هو رؤيتي وسماعي لأحد القوات المساعدة -وحده ليس معه أحد- وهو ينهر البائع المتجول محذرا إياه بأنه لاحظه للمرة الثالثة وهو يبيع بالشاطئ، ثم انصرف عون السلطة وترك البائع المتجول يكمل بيعه.. أليست مسؤولية السلطة هنا إجلاء البائع من المكان أو حجزه لتطبيق المسطرة القانونية عليه!!!؟ ننبّه على هذا ونحن نعرف تورط مسؤولين استأمنهم وطنهم على حدودنا الشمالية حاولوا بيعه للفاسدين المفسدين وأدّبتهم يد العدالة. لماذا نرى مرارا من يمثل سلطاتنا الأمنية يضبط مخالفات وهو لوحده؟ هل في قانوننا هذا؟ إن الخطر كل الخطر في من نستأمنه على أمن البلد ثم تغريه أطماع الخمسين والمائة درهم فيتخلى عن مسؤوليته الأمنية، ما عسانا ننتظره منه لمّا يعرضون عليه آلاف الدراهم بل ملايينها، بحسب طبيعة الاختراق التي يرومها المفسدون المخططون لتشتيت البلد لا قدّر الله !؟ ولا نستهن بأن قواتنا المساعدة ليست آخر خط دفاع بحدودنا المغربية؛ فكل خطوط الدفاع متكاملة فيما بينها. وبما أن معظم النار من مُستصغَر الشَّرر فإن أمثال هؤلاء ممن يبيعون الوطن بدراهم معدودات يكونون سبب انهيار الدول والأمم والحضارات؛ فكم من بلد احتلوه بعد شراء ذمم قيادييه العسكريين، ودخله المحتل بدون أدنى خسائر. – وفي قضية منع وقوف السيارات ببعض المدن السياحية فسحا لانسيابية مرور السيارات خصوصا بالشارع الرئيسي للمدينة: أعطي مثال مدينة مارتيل؛ فلو كان مُبرمَجا من قَبلُ مواقف للسيارات هنا وهناك على جنبات الشارع الرئيسي -ولو داخل الأحياء الجانبية- لما حصل حرج للسائحين يضطرهم للتوقف لمصالحهم الآنية؛ إذ من المستحيل أن يقطع السائح كلمترات ليجد موقفا لسيارته ثم يرجع على رجليه كلمترات ليقضي مصلحته التي لا تستغرق إلا دقائق مثلا؛ مما يشكل عائقا من عوائق الحركة التجارية الموسمية، وكنت شاهدتُ بعيني حرج أمننا الوطني وتردده الإيجابي بين إخلاء الشارع وبين مرونة ترك السائحين لبضع دقائق...، أين هي الهندسة الطرقية وهندسة الأحياء الملائمة لمغرب الألفية الثالثة!؟ ألا يتوقع مهندسونا أن المدينة السياحية ستمتلئ عن آخرها أيام العطل؟ ألا يعلمون أن المدينة المعاصرة اليوم عبارة عن مراكز؟، كل مركز مكتمل بمجالاته مكتف بما يؤثثه من وسائل العيش، ومتاعُ سياحتنا الداخلية بطبيعتها تكون مسخرة بيسر وسهولة للسائحين، لا أن تكون مبعثَ قلق وحرج وضيق ينفّر السائح ولا يحفّزه. – وقضية سياحتنا الداخلية التي ما جلسنا مجلسا إلا وجدنا استغرابا وامتعاضا من غلاء تكلفتها مقارنة ببعض الدول المجاورة التي اقتنع كثيرون بالرحيل إليها بين الفينة والأخرى عوض البقاء في فخاخ غلاء منفّر من البلاد والعباد، بل ينوّعون طرق الإشهار والدعاية المجانية لسياحة تلك الدول عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تغيّر الرأي العام في أسرع وقت. لا أفهم كيف ينظر منظرو سياحتنا وجميع المتدخلين فيها لأفراد الشعب الذين يطّلعون صباح مساء عبر النت على آخر ما جدّ في عالم السياحة والسياح، بل لأغلب المغاربة أهلٌ وأصحابٌ في البلاد الأجنبية، بل كثير منهم ذاق من جميل أناقة السياحة خارج المغرب!! بل اشترى خوخ المغرب في بلد مجاور بأورو EURO واحد، وهو يباع بمغربنا الحبيب بعشرين درهما. – والشيء بالشيء يّذكَر: متى نرقى من مستوى ترخيصنا لمختلف المقاهي والمطاعم وكل ما يرتاده عادة عموم الناس بعد توافر فضاء لوقوف سيارات المرتادين من غير إحداث عرقلة في مرور المواطنين!؟ ولعله بإلقاء نظرة سريعة على متعدد المقاهي والمطاعم وغيرها مما تزدحم الطريق بجانبها بشكل لافت للنظر؛ تتضح لنا مؤشرات فرضية خروقات قانونية بهذه القضية. – وقضية مدارات ملتقى طرق السيارات: حيث أسبقية المرور لمن ولج المدار أولا؛ فقد تكرر مرارا أني لاحظتُ مَن يأتي بعدي للمدار ويمرّ قبلي نظرا لانسيابية المرور في اتجاهه هو، أنه بهذا يكون حيف في حق اتجاه آخر يضطر معه السائقون لخنق المدار بالازدحام؛ فلو كان ضَبطُ مرور السيارات في هذه المدارات بالإشارة الضوئية المنصفة لَما حصل حيف ولا ازدحام ولما أرهقنا كاهل رجل/امرأة الأمن بضبط المرور في مكان يمكن إثبات الإشارة الضوئية فيه، ولوفّرنا بذل جهد رجل/امرأة الأمن في أماكن أخرى هي أولى... – وقضية ممرات الراجلين: إلى متى نترك فيها فوضى وَهْم الراجل أنه متى ما وضع رِجلَه ليقطع طريق السيارات يجب على الجميع التوقف حتى يمرّ الراجلون ولو كان عددهم كبيرا جدا؟ هل يوجد عند كل ممر علامة إلكترونية تنبه السائقين على قرب الممر؟ متى سنفكر في ضبط قطع الراجلين لطريق السيارات بضرب من الضبط حتى لا تبقى العملية فوضى، يكثر فيها التلاسن المجاني بين الراجلين والسائقين؟ – وقضية الصيانة: أذكر منها الإهمال الواضح لكل ذي عقل المتمثل في التماطل في تجديد رسم خطوط طريق السيارات ومنها خطوط ممرات الراجلين، نتساءل: كم يُكتَب في تقرير المصاريف بشأنها سنويا!!!؟ أما تجديد الطرقات بتزفيتها فأخصّ بالذكر منها تساؤلات في الآتي: أليس من العدل أن تنصف سلطاتنا المنتخبة بإعطاء الأولوية للأحياء التي بُنيت قبل غيرها والتي أَهلَكَت حُفرُ طرقاتها سياراتِ الساكنة؟ فلا يُعقل بتاتا أن تُعطى الأولوية لحيٍّ بُنِيَ حديثا ويُهمَلَ آخر بُنِيَ قبله بعشر أو عشرين سنة! وحتى إذا ما كان إكراه للمجلس البلدي اضطره للتدخل بالتزفيت عبر مراحل فعليه أن يقدّم أولا الحي المبني زمنيا قبل غيره فيكمل تزفيته، وهكذا... وأختم قضية الصيانة هذه بما لاحظناه في حديقة مقاطعة المرينيين بفاس وما هو منشور بالشبكة العنكبوتية من غرس لشجر النخيل بعشوائية يلاحظها عوام الناس قبل متخصصيهم، ففي مكان واحد رَأَيْنا مثلا خمس نخلات؛ الواحدة بجانب الأخرى، وتكرر هذا في مواضع متعددة من نفس الحديقة؛ فإذا كان مِثل هذا صنيع مؤسسات يؤثثها مهندسون متخصصون في شتى القطاعات منها الفلاحة، فما عسانا ننتظره من عموم الناس غير المتخصصين؟ ثم أين هي المتابعة والمحاسبة مما اختاره مغربنا من نظام الحكامة؟ هذه الحكامة التي نتساءل من خلالها أيضا عن تنفيذ برنامج صيانة الأحياء السكنية بالمبيدات التي يضع برنامجَها المجلسُ الحضريّ تتكلف به مصلحة حفظ الصحة قد نرى أثره الإيجابي وقد لا نرى موظفيه إلا بعد سنتين كاملتين؟ أما مستخدَمو شاحنات النظافة بشركة أوزون للبيئة وتطوير الخدمات فحراس بعض الأحياء السكنية يعانون من جر حاويات النظافة إلى المكان الذي يفرضه عليهم عمدا هؤلاء المُستخدَمون؛ استَنتَجَ منه الساكنة أن عليهم تقديم رشوة للمستخدَمين حتى يقوموا بواجبهم المهني!!! هذا ناهيك عن معاناة بعض الوداديات من عدم تسلم حاويات الأزبال ليتخلى بعض مسؤولي أوزون عن واجب ردهم عن متعدد المكالمات الهاتفية طبعا بعدما يكونون قد وَعَدوا بالتزويد بالحاويات، لتمرّ شهور تصل إلى السنة مع الأسف الشديد... فالوداديات لا راتبَ شهريّ لأعضائها وهم يسعون في تلميع حضارة مدينتهم، ومن يتقاضى راتبا نجده آخر من يفكّر في نظافة البيئة وتطوير الخدمات.. أتساءل أيضا عما يدور في ذهن مستخدَمي شاحنة النظافة وهم يعصرون عصارة الأزبال المجموعة مثلا بجانب مقهى أو مطعم مثلا...؟ لِمَ يجمعون نفاياتنا ويعصرونها في أزقتنا وشوارعنا؟؟؟ – وقضية المنافسات الرياضية: كنتُ كتبتُ مقالا إلكترونيا بعنوان "كرة القدم المغربية لعبة حضارة" أشَدتُ فيه بأداء فريقنا الوطني ووضّحتُ بقرائن قوية التخطيط لإقصائه في نصف نهاية كأس العالم 2022 الماضي، ومما كتبته فيه ما يلي: "ألا يكفينا فخرا أن جهودنا الذاتية المحلية هي بأقدام مغاربة أفذاذ، تخصَّصَت أكاديمية محمد السادس لكرة القدم الغراء في صقلهم وتجويد أدائهم!". لكن ما أود إثارته هنا ونحن نعيش منافسات أولمبياد فرنسا أن ما حققناه من قبل مثلا في ألعاب القوى من مكتسبات لم نستطع الحفاظ عليها مع الأسف الشديد، وكنتُ استمعتُ مؤخرا في وسائل التواصل الاجتماعي لعتاب البطل العالمي السابق "مصطفى لخصم" لبعض مسؤولي الرياضة عندنا لمّا فوّت فرصة إشراك بطلة في منافسات أولمبياد فرنسا، مع العلم أن في رصيدها ميدالية ذهبية؛ وهذا لأنها لم تعتذر لهذا المسؤول، وقد استنكر بطلنا مصطفى لخصم خلط هذا المسؤول لأموره الشخصية بقضية الوطن!! هذا وكم تألّمنا من قبل لما سمعنا من أخبار تَخاصُم وتَنازُع بعض مسؤولي ألعاب القوى مع أبطال أعلوا رأس المغرب ورايته عالميا؛ نتج عن ذاك الخصام اللاحضاري تجمد إنتاجنا لأبطال يحملون المشعل، بل لم نُفِد من إمكانيات أولئك الأبطال ليرحلوا لبلدان أجنبية يدرّبون بها رياضيّيهم وينظّرون لمحلليهم. إنّ أيّ عاقل يتساءل بصدق: متى لا ترِدُنا من جامعتنا الرياضية إلا أخبار الوئام والانسجام عوض المخاصمات الصبيانية بين الرياضيين قواعد ومسؤولين؟ لِمَ يصبح رحِم ألعاب قِوانا المغربية عاقرا بعد أن يلد الأبطال الأفذاذ لمدة زمنية ما!؟ هل ننتظر حتى يَسطَعَ نجمُ بطلٍ مغربيّ في بلد أجنبي ثم نهرول لنعطيه رايتنا المغربية ليعليها بعد انتصاراته!؟ لِمَ لا نلمس على أرض الواقع تناسل خريجي جامعتنا المعنية في مختلف الرياضات، والمغرب زاخر بمتعدِّد الطاقات والقدرات والمهارات!؟ لِمَ لا نرى تطويرا لما اكتسبناه من قبل على الأقل في ازدياد عدد المشاركين عند كل ملتقى رياضي دولي على الأقل بما يناسب تعداد مغربنا السكاني!؟ لِمَ لا نُبعِد تحكّم بعض المسؤولين الذاتي عن تدبير التّسيير العقلاني الحضاري المحايد لرياضيّينا!؟ متى سنتخلّص من ارتجاليتنا في تدبير مجالنا الرياضي لنرتقي للتخطيط المؤسسي الحضاري بعيدا عن الذاتية؟ – وقضية ترشيد الطاقة: أخص منها بالذكر ما اتخذه المغرب من قرار لاستبدال مصابيح الإنارة العمومية البيضاء بالصفراء. وبحسب علمي فقد صدرت وثيقة لوزارة الداخلية بشأن التدبير الأمثل لخفض استهلاك الإنارة العمومية لعله في أكتوبر 2022، ونحن على أبواب 2025 وما زالت الإنارة بالمصابيح الصفراء تفعل فعلها، ومن ضمن تلك الأحياء حيّنا الذي نسكن فيه، حيث يتم تغيير المصابيح بسرعة السلحفاة مع الأسف. – وقضية المعوزين وذوي الهشاشة: لا يجادل عاقل في أن ما يبذله مَلكُنا -حفّه الله بكل حفظ ورعاية- من جهد في سبيل تحقيق "الدولة الاجتماعية"، غايته الحضارية هو تأهيل كل المتدخلين والمشاركين للشباب والعاطلين بغية ولوج مجال الاستثمار والإنتاجية، ومع كل هذا لا مناص من المقاربة الاجتماعية التي تواسي من ضاقت به السبل وضيّقَت عليه العيشَ مصائبُ الدهر من شتى البلاء والوباء، عجزت معها شركات العالم العملاقة بل منها من أعلنت إفلاسها. والسؤال المطروح هو: هل انخرط فعلا كل الفاعلين والمتدخلين بما أوتوا من مناصب وشركات ومؤسسات وميزانيات من مال الشعب العام في تحقيق دولتنا الاجتماعية؟ ما سر شكاوى كثير من أفراد الشعب في المجالس الخاصة والعامة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ولدى الوسطاء الذين يسجلونهم في الدعم الاجتماعي المباشر، وما سر ضجرهم من وسيلة AMO تضامن؟ ما سر لخبطة المؤشر الاجتماعي والاقتصادي للاستفادة من AMO؟ في مجتمعنا أعتبرها ظاهرة: وهي ما يصرح به مثلا كثير من أفراد الشعب من حالات متناقضة بحسب ضابط المؤشر الاجتماعي والاقتصادي، تتجلى في وجود من يسكن وحده وسكناه ليست مِلكا له بل هي لأحد المحسنين فقط فيُحرَم من الدعم، وفي وجود مَن له أفراد عائلته سجلها معه فاستحق الدعم وهو أفضلُ اجتماعيا واقتصاديا من الذي حُرمَ! فهل ما يحكيه هؤلاء هو الحقيقة أم ما تضبط به حكومتُنا عتبةَ الفقر هو الحقيقة!؟ وختاما فهذه نماذج على سبيل التنبيه لِما يمكن تَدارُكُه تكملةً لبناء حضارتنا وترشيد تقدمنا وتطوير أداء مؤسساتنا ووقاية مراكز القرار في بلدنا من عبث العابثين وتسكع المتسكعين. (*) جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس