تواصل وضعية الموارد والاحتياطيات المائية التي تختزنها السدود المغربية سيرها في "منحدر الانخفاض"، مسجلة مستويات ملء إجمالي للحقينة بأقل من 30 في المائة؛ وهي النسبة التي تذكّر المغاربة ب"سيناريو صيف قاسٍ"، سبق أن عاشته مدن وقرى مغربية عديدة قبل حوالي سنتيْن (صيف 2022). ويزداد الترقب خالقا هواجس كثيرة مع توالي إعلانات نشرات إنذارية من مديرية الأرصاد الجوية ب"موجات حر" تصل خلالها درجات الحرارة ذروتها في عدد من مناطق المملكة ب47 درجة مئوية، خصوصا خلال الأسبوعين الأولييْن من شهر يوليوز الجاري؛ ما يرفع بشدة نسبة "تبخر المياه"، فضلا عن إشكاليات التوحل وصيانة المنشآت المائية. وسط هذا المشهد يَبرُز "الإجهاد المائي"، الذي طالما كان مجرد "تحذيرات على لسان خبراء مائيين ونشطاء بيئيين"، ك"حقيقة واقعة" تصعّب من مهمة مدبّري ومسيّري الشأن المائي بالمغرب. "مؤشرات مقلقة" حسب ما طالعته واستقرأتْه جريدة هسبريس، يتبيّن أن مؤشرات الوضعية المائية بالمغرب مستمرة في مسار إظهار "مؤشرات مقلقة"، لا سيما باستحضار "ارتفاع الطلب على استهلاك الماء" طيلة أشهر فصل الصيف، وتفاقم إشكالية "الإجهاد المائي" المتواصلة تداعياتها بالتوازي مع سادس سنوات الجفاف الهيكلي الذي أقرّ وزير الماء في البرلمان غير ما مرّة بأنه تسبَّب في "طوارئ مائية". البيانات الرسمية المحيّنة على بوابة "مغرب السدود"، التي تسهر عليها "المديرية العامة لهندسة المياه" التابعة لوزارة التجهيز والماء، حول وضعية السدود والأحواض المائية بالمملكة تؤكد انخفاض نسبة الملء الإجمالي إلى 29,60 في المائة (حسب آخر تحديث اليوم السبت 13 يوليوز)؛ ما يعني "نسبة تراجع" ب0.08 في المائة مقارنة مع يوم الجمعة). وفقا للبيانات ذاتها، فإن نسبة الملء الإجمالي لحقينة سدود المغرب بلغت، بحلول اليوم 13 يوليوز، 4771,98 مليون متر مكعب في تراجع لافت، بالمقارنة مع اليوم ذاته من السنة الماضية، حينما كانت نسبة الملء تتجاوز 31 في المائة بقليل (ما يعادل 4999 مليون متر مكعب). الوضع المائي يزيد "خطورة وتعقيدا" بالنظر إلى تفاوت وتباين نِسب الملء الإجمالي حسب كل سد، وكذلك بالنسبة لكل سد ضمن مجموع الحوض المائي الذي يتواجد في دائرته الجغرافية؛ وهو ما يكشفه تحليل معطيات البوابة الرسمية ذاتها من خلال رسم بياني عن "تطور نسبة الملء"، التي تفيد بأن "بداية الانخفاض لنسبة الملء الإجمالية للسدود كانت منذ نحو منتصف شهر ماي 2024، خاصة بعد توالي موجات الحرّ التي تخلّلت النصف الثاني من فصل الربيع هذا العام، ثم نسبيا بشكل متفاوت ومتدرج خلال شهر يونيو المنصرم، قبل أن يُسرّع الدخول الرسمي لفصل الصيف دينامية انخفاض الاحتياطيات المائية. وفي وقت تتواصل، وفق المخطَّط له، مشاريعُ الوزارة الوصية لإنشاء سدود تليّة وأخرى كبرى ومتوسطة في أكثر من جهة؛ فإن عددا من السدود الكبرى بوسط البلاد وجنوبها تبصم أرقامها على "حقينة مياه آخذة في الانخفاض" متأثرة بعامل "التبخر" أساسا، ما قد يجعل الصيف "قاسيا" من حيث التزود بالمياه بالنسبة لساكنة المناطق المحيطة. وبحلول نهاية هذا الأسبوع، بلغت حقينة سد سيدي محمد بن عبد الله (جهة الرباط-سلا-القنيطرة) نسبة ملء 32,3 في المائة، وسد إدريس الأول (جهة فاس-مكناس) 27,5 في المائة، بينما سد "بين الويدان" (جهة بني ملال-خنيفرة) انحدر إلى 6 في المائة فقط، واستقرت حقينة سد "المنصور الذهبي" (إقليمورزازات، جهة درعة-تافيلالت) في 12 في المائة. بالمقابل، مازالت مؤشرات ملء إيجابية تخيّم على بيانات الحقينة الإجمالية لمختلف سدود جهة الشمال (خصوصا منطقتي طنجة–تطوان والعرائش ونواحيهما)، بعد أمطار "قياسية" كانت قد تلقّتْها أقاليم هذه الجهة في شهريْ مارس وأبريل الفائتين. "تفاوت الأحواض" وفقا لاستقراء وتحليل نسبة "ملء السدود حسب الأحواض"، وفق ما طالعته جريدة هسبريس من بيانات متوفرة حسب المصدر الرسمي ذاته، لا تزال الصدارة من نصيب "حوض اللوكوس" الذي يستمر على رأس قائمة أكثر الأحواض امتلاء بنسبة 58 في المائة، متبوعا ب"حوض سبو" ب47,42 في المائة، بينما حل ثالثا "حوض تانسيفت" ب46,46 في المائة. وتؤشر بيانات وزارة التجهيز والماء المحيّنة، السبت، إلى بلوغ حوض "أم الربيع" نسبة ملء منخفضة جدا بوضعية حرجة" (4,90 في المائة)، مقابل نسبة 22 في المائة في حوض "ملوية" (الشمال الشرقي)، و12.59 في المائة في حوض "سوس ماسة"، ونسبة مماثلة تقريبا في "حوض درعة واد نون"، وأكثر بقليل من 25 في المائة في حوض "زيز كير غريس". وحسب مصدر البيانات المائية ذاته، فإن "حوض أبي رقراق" تعادل نسبة ملئه 31,78 في المائة، في وقت تظل فيه بقية الأحواض المائية المغربية في "وضعية حرجة" أكثر، خصوصا أن معظمَها يقع جغرافيا في مناطق تعاني أزمة جفاف أو إجهادا مائيا هيكليا (الجنوب الشرقي والجنوب).