مجيبا عن سبعة أسئلة قُدّمت من فرق المستشارين، مساء الثلاثاء، "في إطار وحدة الموضوع" تمحورت حول "محاربة تشغيل الأطفال" وأبعاد الظاهرة، أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن "المملكة المغربية من بين الدول الرائدة التي حققت نتائج جد إيجابية في مواجهة انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، تُوجت باختيارها إلى جانب 22 دولة كبلد "رائد" في المجال". وقال السكوري، متحدثا من منصة البرلمان، إن هذا الاعتراف الدولي بالريادة المغربية في محاربة تشغيل الأطفال والقُصَّر "ما هي إلا نتاج للسياسة التي نهجتها بلادنا عبر إشراك كافة الفاعلين من أجل كسب رهان التصدي لهذه الظاهرة التي تمس المجتمع ككل". واستحضر الوزير أن "المغرب كان في مقدّمة الدول التي صادقت على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل سنة 1993′′، مسترسلا: "منذ ذلك التاريخ، تسعى مختلف السياسات العمومية الوطنية إلى تنزيل إصلاحات قوية على مستويات عديدة؛ القانوني منها والمؤسساتي، عبر مجموعة من البرامج والاستراتيجيات تستجيب لحاجيات الأطفال وتضمن لهم حقوقهم الأساسية المتعارف عليها دوليا". "إننا، اليوم، واعون بضرورة محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال"، أورد الوزير الوصي على قطاع التشغيل مسجلا أنها "استأثرت وما زالت تستأثر باهتمام الفاعلين المجتمعيين، سواء على المستوى الدولي أو على المستوى الوطني؛ لكونها مسألة ذات أهمية قصوى وذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وكذا سياسية، لأن الدولة التي تعمل على حماية أطفالها وتحتويهم وتواكبهم سوف تحصل في النهاية على شباب قادر على الاعتماد على نفسه والحصول على حياة تتوفر فيها ظروف العيش الكريم"، وفق تعبيره. وتابع المسؤول الحكومي ذاته: "تُشكل ظاهرة تشغيل الأطفال نقطة التقاء للجهود الدولية والوطنية في سبيل إشراك جميع الدول في مستقبل خالٍ من ظاهرة تشغيل الأطفال؛ ما يجعل الخيار المتمثل في القضاء عليها يظل من أهمّ الأولويات المُلحة في عصرنا". تعزيز للمكتسبات هذه المكتسبات، حسب السكوري، تعززت ب"التوقيع على اتفاقية شراكة بين مجموعة من القطاعات الحكومية لتفعيل البروتوكول الترابي للتكفل بالأطفال في وضعية هشاشة"، في 27 ماي 2024 مؤطرا هذا التحرك ضمن "تنزيل البرنامج الوطني التنفيذي الثاني للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة 2023-2026". وأعلن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أنه "بفضل المجهودات المبذولة من طرف المغرب ومساره المتميز في مجال محاربة تشغيل الأطفال، فقد حظيت بلادنا بثقة "مكتب العمل الدولي" لتنظيم فعاليات "النسخة السابعة للمؤتمر الدولي لتشغيل الأطفال" المرتقب تنظيمها سنة 2025. وزاد المسؤول الحكومي: "المشاورات جارية حاليا بصدد إعداد الترتيبات الضرورية لإنجاح عقد المؤتمر المذكور؛ ما يستدعي تعبئة جهود كل المتدخلين في هذا المجال، من قطاعات وزارية وفرقاء اقتصاديين واجتماعيين". التفتيش والمراقبة "تعزيز نظام مراقبة تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالحد من تشغيل الأطفال" محور آخر تشتغل عليه الوزارة الوصية عبر "الجهود المبذولة من أجل محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال في الأعمال الخطيرة والنهوض بأوضاعها بشكل عام". وكشف السكوري في هذا الشأن عن "تعيين 54 نقطة ارتكاز تابعة لجهاز تفتيش الشغل من أجل تتبع وتنسيق المجهودات المبذولة للحد من ظاهرة تشغيل الأطفال على مستوى المصالح الخارجية للوزارة محليا وجهويا". كما أفاد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات ب"إدراج موضوع محاربة تشغيل الأطفال كأولوية وطنية في إطار البرنامج الوطني للتفتيش"، كاشفا أن "أعوان تفتيش الشغل، في إطار المهام الرقابية الموكولة إليهم برسم سنة 2023، قاموا بتسجيل 493.007 ملاحظات؛ منها 318 ملاحظة تتعلق بتشغيل الأطفال". المجتمع المدني شريك يتقوى حسب إفادات قدّمَها الوزير السكوري، فإن "23 اتفاقية شراكة مع جمعيات مدنية عُقدت ما بين 2021-2023، في مجال محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال، أما في 2023، تم عقد 7 اتفاقيات شراكة في مجال محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال". كما لفت وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، إلى أن "الغلاف المالي لدعم مشاريع الجمعيات العاملة في مجال محاربة تشغيل الأطفال ارتفع من 3 إلى 5 ملايين درهم ابتداء من سنة 2024′′، بعدما خُصص في هذا الإطار غلاف مالي سنوي في ميزانية الدولة لدعم مشاريع الجمعيات العاملة في مجال محاربة تشغيل الأطفال، التي تركز أساسا على انتشال الأطفال أقل من 15 سنة من سوق الشغل وإعادة إدماجهم في أسلاك التعليم النظامي أو مراكز التكوين المهني والحد من ظاهرة تشغيل الفتيات في سن مبكرة ك'خادمات'؛ ما يعني المساهمة في محاربة الهدر المدرسي". مؤشرات دالة مستنجدا بلغة الأرقام وللتدليل على "انخفاض حجم الظاهرة"، استدعى يونس السكوري "تقرير المندوبية السامية للتخطيط بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال (12 يونيو 2023)، معلقا: "نلاحظ أن المغرب حقق تقدّما ملحوظا في مكافحة عمل الأطفال، رغم مجموعة من التحديات". كما أشار وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في معطى لافت، إلى أن "ظاهرة الأطفال المشتغِلين بالمغرب تنتشر بين الذكور أكثر من الإناث"، معتبرا أنها "غالبا ما ترتبط بالانقطاع عن الدراسة"، حسبه. وسجل المسؤول الحكومي عينه، ضمن جوابه الطويل، أن "عدد الأطفال المشتغلين مستمر في الانخفاض"، مستدلا "بالمقارنة بسنة 2021، تراجع عدد الأطفال النشيطين المشتغلين ب14 في المائة. كما تقلّص هذا العدد "بنحو النصف" (48,6 في المائة) مقارنة بسنة 2017. وأجمل السكوري باسطا بعض الإحصائيات، وفق أحدث أرقام "HCP"، بأن "81,5 في المائة من الأطفال المشتغلين هم ذكور، و91 في المائة منهم من الفئة العمرية بين 15 و17 سنة؛ فيما يعيش 82 في المائة في المناطق القروية". وسجل الوزير أن "12,2 في المائة من الأطفال يشتغلون بالموازاة مع تمدرسهم، و85,3 في المائة غادروا المدرسة؛ بينما لم يَسبق لنسبة 2,5 في المائة منهم أن تمدْرَسوا".