في مقالتي السابقة: "المفهوم الخاطئ للبدعة وآثاره السلبية" حاولت أن أوضح أن البدعة عند جماهير الفقهاء هي "ما ليس له أصل في الشريعة" وأن المفهوم الذي يحصر معنى البدعة فيما لم يفعله النبي صل الله عليه وسلم، مفهوم ضعيف ومرجوح، ذلك لأنه يفضي إلى نتائج سلبية خطيرة، سواء على مستوى فهم الدين وما يتضمنه من الأحكام الشرعية، أم على مستوى العلاقات الاجتماعية بين الناس ذلك لأن الدين يلعب دورا أساسيا فيها. وقد أشرت في المقال المذكور إلى بعض هذه الآثار السلبية من حيث: توسيع دائرة الحرام، وعرقلة الكثير من أفعال الخير، وإرباك العلاقات الاجتماعية بين الناس إلى حد تسميمها، مستعرضا في ذلك مجموعة من الفتاوى التي بُنيت على هذا المفهوم الخاطئ للبدعة. في هذا المقال أحاول استعراض أثر سلبي آخر لهذا المفهوم الخاطئ للبدعة، وهو: إن القول بأن معنى البدعة هي: "ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم" سيجعل "تَرْكَ" النبي صلى الله عليه وسلم داخلا في مفهوم السنة؛ أي أحد عناصر الأحكام الشرعية؛ وهذا أمر من الخطورة بمكان، إذ سيتجاوز الجوانب التي حددها العلماء المسلمون لمفهوم السنة التي هي مصدر الأحكام؛ وهي: القول والفعل والتقرير؛ سيتجاوز هذه العناصر الثلاثة إلى إضافة عنصر رابع، هو: "التَّرْك"؛ وهنا سنكون أمام فوضى في الأحكام الشرعية، إذ أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم للشئ له أكثر من احتمال كما سنعرف. إذا حديثنا في هذه المقالة عما يُعرف عند العلماء ب"مسألة التَّرْك"؛ أي هل تَرْكُ النبي صلى الله عليه وسلم، يُعتبر حجة شرعية أولا؟. ما هي: "مسأله التَّرْك"؟ أنبه هنا إلى أنني لا أتناول "التّرك" من جانب هل هو: فعل أو ليس بفعل؟ وهي مسألة تناولها الأصوليون واختلفوا حولها؛ ومسألة "الترك" التي أتناولها هنا، هي:؟ هل يجوز لنا أن نفعل شيئا تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفعله؟ أو بمعنى آخر، هل يجوز لنا أن نستدل على حِرمة شيء ما، أو كونه بدعة؛ بأن النبي صلى الله عليه وسلم تركه ولم يفعله؟ قال الشيخ عبد الله بن الصديق رحمه الله في تعريف التَّرْك: "أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم شيئا لم يفعله، أو يتركه السلف الصالح، من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو كراهته" انتهى. حسن التّفهم والدرك لمسألة الترك ص 9. التعريف واضح من حيث تحديد المقصود بالتّرْك؛ ومحل الضابط فيه، ألا يرد ما يفيد بأن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الشيء أو الصحابة من بعده، إنما كان لأجل أنه حرام أو مكروه. هل يدل التَّرْك على التحريم؟ أجمع العلماء المسلمون إلا ما ندر، على أن التّرْك يدل على الحِلِّ والإباحة، ولا يقتضي التّحريم أو البدعة؛ والنادر من العلماء الذين قالوا باحتمال أن يدل التّرك على المنع، قصروا ذلك على جوانب معينة كما سنعرف. واستدل العلماء على أن الترك لا يقتضي المنع أو التحريم بأدلة شرعية وعقلية كثيرة، منها: أولا: النصوص الصريحة من القرآن والسنة تدل بكل وضوح على أن الترك لا يفيد لا تحريما ولا كراهة؛ قال الله تعالى: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.." سورة الحشر. الآية 7. فلم يقل الله تعالى في الآية: وما تركه فاجتنبوه؛ وإنما قال: "... وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" لتدل الآية بوضوح على أن إفادة عدم جواز الشيء إنما يكون بالنهي الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم وليس بمجرد تركه من غير نهي عنه. وقد جاءت السنة بتأكيد هذا المعنى، ففي الحديث الصحيح عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ،..." مسلم. ح رقم: 4348. ثانيا: ترك النبي صلى الله عليه وسلم له احتمالات متعددة، فقد يكون بسبب: أ- العادة، أي أن يترك صلى الله عليه وسلم شيئا ما لأنه لم يتعوده، كما ترك أكل الضَّب: ف"عن خالد بن الوليد بن المغيرة :أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه و سلم فأتي بضب محنوذ –مشوي- فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة اخبروا رسول الله صلى الله عليه و سلم بما يريد ان يأكل منه؛ فقيل هو ضب يا رسول الله؛ فرفع يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه؛ قال خالد فاجتررته فآكلته ورسول الله صلى الله عليه و سلم ينظر". الموطأ؛ باب ما جاء في أكل الضب. ب- أن يترك الشيء تفاديا لأن يفرض على أمته؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج إلى الصحابة بعد أن اجتمعوا في المساجد لصلاة التراويح خشية أن تفرض عليهم. ت- أن يترك الشيء مراعاة لشعور بعض الصحابة؛ فقد عبر صلى الله عليه وسلم لأم المومنين عائشة رضي الله عنها عن رغبته في تجديد بناء الكعبة لولا أن ذلك سيكون مبعث قلق لبعض الصحابة من أهل مكة، خاصة ممن أسلموا حديثا، وذلك بسبب مكانة الكعبة في قلوبهم؛ "عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَنَقَضْتُ الْبَيْتَ ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا..الحديث. البخاري، باب فضل مكة وبنيانها. إلى غير ما هنالك من احتمالات دواعي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لشيء ما؛ ولاستعابها يمكن الرجوع لكتاب: "حسن التفهم والدرك، لمسألة الترك" للحافظ المغربي عبد الله بن الصديق رحمه الله؛ فقد بين رحمه الله هذه المسألة وأزال الشبه المتعلقة بها. إذا بما أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء ما، يحتمل أكثر من سبب، رأى الفقهاء أنه لا يصح أن يعتبر حجة، أو أصلا تبنى عليه الأحكام الشرعية. ثالثا: جميع أدلة التشريع التي اعتمدها الفقهاء والأصوليون وعامة العلماء، سواء في ذلك المتفق عليها أم المختلف حولها، ليس من ضمنها مسألة التّرك؛ وهذه الأدلة هي: القرآن والسنة، والإجماع والقياس، والاستحسان، والمصلحة المرسلة، والعرف، وشرع من قبلنا، ومذهب الصحابي، والاستصحاب، وعمل أهل المدينة، وسد الذرائع.. إلخ؛ فجميع هذه الأدلة سواء ما كان منها محل إجماع، أم ما كان موضع اختلاف ليس بينها مسألة الترك. رابعا: يُعرّف الفقهاءُ الحكمَ الشرعي بأنه: "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين اقْتِضاء أو تَخْييرا أو وضْعا" اقتضاء: أي الطَّلب، وينقسم إلى نوعين: أ- طلب فعل، فإن كان الطلب جازما أفاد الوجوب، وإن كان غير جازم أفاد الندب والاستحباب. ب– طلب تَرْك، فإن كان جازما أفاد التحريم، وإن كان غير جازم أفاد الكراهة. تخييرا: وهو ما خيرت الشريعة في فعله أو تركه، وهو المباح؛ وقد تناولته في المقالة السابقة. وضْعا: المراد به خِطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بجَعْل الشيء سَببا للشيء أو شرْطا له أو مانعا منه. وقد أشار إلى هذا الإمام ابن عاشر رحمه الله في منظومته المشهورة بقوله: الحكم في الشرع خطاب ربنا المقتضي فعل المكلف افطنا بطلب أو اذن أو بوضع لسبب أو شرط أو ذي منع فالتَّرْك ليس داخلا في مفهوم الخطاب الشرعي الذي يُبين الله تعالى من خلاله الأحكام لعباده. رأي ابن تيمية رحمه الله وأرى أنه من الضروري أن أشير هنا إلى رأي ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة حتى لا يظن أحد أنني أغفلت ذلك، خاصة وأن كثيرا من الناس يتعصبون في مثل هذه المسائل لرأي بعض العلماء أكثر من انتصارهم للحق وبحثهم عن المعرفة. رأى بعض العلماء ومنهم ابن تيمية رحمه الله أن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم على نوعين، نوع لم يوجد في عهده صلى الله عليه وسلم لكن حدث ما يقتضيه بعد ذلك، فهذا جائز فعله. ونوع آخر تركه النبي صلى الله عليه وسلم لكن مع وجود السبب المقتضي لفعله؛ فهذا المتروك لا يجوز فعله بعد النبي صلى الله عليه وسلم. فالنوع الأول من هذين القسمين لا إشكال فيه، فهو جار على عموم مفهوم التّرك كما هو عند عامة العلماء، وبالنسبة للنوع الثاني فإن فيه إشكالا يظهر من خلال المثال الذي ذُكر له. فقد مثل له ابن تيمية رحمه الله بمثال واحد لم يسلمه له عامة الفقهاء، حيث مثل له بترك النبي صلى الله عليه وسلم للأذان في صلاة العيدين؛ فقال رحمه الله: ".. فمثال هذا القسم الأذان في العيدين فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته وإلا لقيل هذا ذكر الله ودعاء للخلق إلى عبادة الله فيدخل في العمومات كقوله تعالى اذكروا الله ذكرا كثيرا وقوله تعالى ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله أو يقاس على الأذان في الجمعة فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين أقوى من الاستدلال على حسن أكبر البدع بل يقال ترك رسول الله صلى الله عليه و سلم له مع وجود ما يعتقد مقتضيا وزوال المانع سنة كما أن فعله سنة فلما أمر بالأذان في الجمعة وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة كان ترك الأذان فيهما سنة فليس لأحد أن يزيد في ذلك بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلاة وأعداد الركعات أو الحج .." انتهى؛ اقتضاء الصراط المستقيم.. ص 280. مثال ابن تيمية هذا لم يسلِّمه له الفقهاء ولم يوافقوه عليه في مسألة الترك، ذلك لأنه معلوم أن ترك الأذان في صلاة العيدين سنة، وأن من أذّن فيهما فقد ابتدع، لأن صلاة العيد عبادة معلومة ومعينة، بيّن النبي صلى الله عليه وسلم هيأتها وكيفيتها وزمانها؛ وقد قارنها ابن تيمية نفسه في هذا المثال بالعبادات المحددة كالصلاة والحج. كما أن هذا المثال محسوم بمسألة "السكوت في مقام البيان" أي أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبين لشرع الله تعالى لا يسكت حيث يكون ثمة داع للكلام والبيان وتوضيح أحكام الشرع؛ وهي قاعدة شرعية مؤصلة بأدلة قطعية صريحة، منها: عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أحل الله تعالى في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا". وعن أبي ثعلبة الخُشَنِيّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُوداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا". ويعبر عنها أي "السكوت مقام البيان" الفقهاء ب: "تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع" وهي قاعدة مسلّمة عند جماهير العلماء والأصوليين منهم تحديدا، ومعتمدة في الاستدلال وبيان الأحكام الشرعية، وكمثال على ذلك قول الإمام القرافي رحمه الله: ".. لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ" الفروق ج 6 ص 423. وقول السبكي رحمه الله: " لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لأنه تكليف بما لا يطاق" انتهى، الإبهاج ج 2 ص 215. إلخ.. والقلة القليلة من العلماء الذين يرون أنه يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة يبنون ذلك على أنه يجوز في الشريعة التكليف بما لا يطاق، قال ابن الحاجب رحمه الله: "تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع، إلا عند مُجَوّز تكليف ما لا يطاق" انتهى، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب للسبكي ج 3 ص 421. والتكليف بما لا يطاق مسألة افتراضية عند الأصوليين، فحتى إن سُلّمت نظريا فإنها عمليا غير واقعة في الشريعة الإسلامية. إذا فهذا التقسيم الذي ذكره ابن تيمية رحمه الله، لا حاجة له، إذ سينتهي بعد إزالة اللبس إلى أن "التّرْك" ليس بحجة في الأحكام الشرعية. أنتهي مما ذكرته هنا وفي المقالتين السابقتين إلى ضرورة الانتباه إلى خطورة استعمال مفهوم البدعة بمعنى "مالم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم" وهو مفهوم ساذج وفضفاض، قد يستعمله بعض الناس لبساطته، لكن عند الوقوف على حقيقته وآثاره المترتبة عليه سواء على مستوى فهمنا لديننا كمسلمين أم على مستوى علاقاتنا الاجتماعية، تتكشف لنا درجة الخلل الكامنة في هذا المفهوم. وهذا الخلل هو أحد الأسباب الرئيسية التي خلخلت التصور السليم للدين وجعلت الناس يسألون عن كثير من الأشياء التي هي من قبيل المباح، وهو الأمر الذي نراه اليوم واضحا في برامج الفتاوى الدينية. أخيرا أشير إلى ما أثاره بعض السادة المعلقين على المقال السابق: "المفهوم الخاطئ للبدعة وآثاره السلبية" من جزئيات هي بمثابة النتيجة التي تنبني على المعنى الحقيقي لمفهوم البدعة؛ وهو ما أحاول تقريبه للقراء الكرام في هذه المقالات المتتالية؛ فقد جاء مثلا في التعليق رقم 6: "إن كانت السبحة وقراءة القرآن جماعة ليسوا بدعا فآتنا بأدلة من الكتاب والسنة مع تفسيرها ومتنها تبيح لنا فعلها و أنا متأكد أنك لن تجدها فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أكمل لنا ديننا وأتم نعمته علينا و رضي اﻹسلام لنا دينا فلن تمر عليه هذه اﻷمور هباء دون الحسم فيها"؛ فواضح أن المشكلة لدى هذا المعلق تكمن في أنه يفهم البدعة بأنها "ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهو المعنى الذي بينت في المقالة السابقة أنه مرجوح عند العلماء ولا يُعتد به لأنه غير منظبط، ويفضي إلى آثار سلبية على رأسها تحريم المباح؛ ثم إن قول هذا القارئ الكريم: ".. و أنا متأكد أنك لن تجدها.." يشعر وكأنه قد حسم أمره وغير مستعد لتصحيح المعنى الخاطئ للبدعة لديه؛ وكفيما كان الأمر أقول: بالنسبة لقراءة القرآن جماعة يمكنك أن تراجع المقال الأول والذي كان بعنوان:"هل قراءة القرآن جماعة، فعلا دخيلة على الإسلام؟ من خلال الرابط التالي: http://www.hespress.com/writers/132351.html أما بالنسبة للسبحة، فهي من الوسائل أخي الكريم، والوسائل في الشرع تابعة للغايات، فلا علاقة لها بالبدعة؛ وقد أتناول هذه الجزئيات بالتفصيل في مقالات تالية، لكن ما أمَهّد له هنا، هو اللُّب الذي يحسن بك أخي الكريم إدراكه، لأنه سيحدد لك المعايير التي تمكنك شخصيا من أن تحكم على شئ ما، هل هو بدعة أو لا؟ من غير أن تحتاج إلى الاستفسار عنه بالضرورة؛ فإذا قال لك شخص مثلا، إن قراءة القرآن جماعة، أو الاحتفال بعيد الميلاد بدعة؛ وكانت حجته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، فستدرك الخلل في هذه الحجة بسرعة، وهو أن البدعة لا تعني "مالم يعفله النبي صلى الله عليه وسلم، أو ماتركه". اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. إمام بدوسلدورف/ ألمانيا [email protected]