اتفقت مع طوربن وبيتر على أن نذهب إلى "جهجوكة" من اجل الليلة الكبرى خلال أيام عيد الأضحى عام 2000، لهذا غادرت "اللحم السنوي" هكذا اسمي كبش العيد. "" في البيت لم يفهموا لكنني ادعيت أن لي عملا بطنجة. الحقيقة أن طوربن الصحفي في اذاعة كوبنهاكن كان قد رتب موعدا مع بول بولز الذي كان في آخر أيامه. وصلت إلى محطة العرائش وكنا قد اتفقنا ان ينتظرني بيتر بالسيارة ومنها نذهب إلى جهجوكة عبر طنجة. كنت متشوقة لرؤية هاته القرية العجيبة ومقابلة بشير عطار وفرقته. بشير يقطن نيويورك وكنت قد قرأت كثيرا عن فرقته الموسيقية (كتب عنه بول بولز وبرايان كيسن) منذ ان تعرف على بيتر كابرييل وعزف معه تغيرت أحواله وصار من أهم فرق الوورلد ميوزيك. لم يكن هناك احد في انتظاري بالمحطة. شاحبة وحزينة ارتميت في الشارع . شاب بعينين جميلتين(هم هكذا شباب الشمال بعيون جميلة) تبعني لمسافة طويلة وهو يعاكسني. حين طلبت إليه بأدب ان ينصرف أجابني: ان الله لاينظر إلى وجوهكم بل إلى قلوبكم. من يحسب نفسه؟ كان فقط الها وكنت امرأة شاحبة. احتميت من أفكاري السوداء بردهة المحطة حيث المسافرون المتعبون والمثقلون بقفف لا اعرف ما تحويه. بعد ساعة اتصل بيتر الو حنان، اعتذر لم استطع المجيء سهرنا كثيرا البارحة ودخنتم كثيرا تعرفين طوربن. لديه دائما مفاجئات اتفقنا على ان يلحقا بي في العرائش بعد ان اعتذر بول بولز عن اللقاء لظروفه الصحية. في الخامسة مساءا استقلنا سيارة أجرة باتجاه جهجوكة. مراكز تفتيش كثيرة في اتجاه القرية. طلبت من طوربن ان يرمي مابحوزته من حشيش. لكنه أصر على الاحتفاظ به. قال: انه اجنبي ولايخاف شيئا. قلت: إنني موظفة وستضيع الوظيفة اذا ضبطت معه. رغم الخوف كنت احلم بان أصل في الأخير الى جهجوكة وان انصت لعفاريت الغيطة والطبل وان ادخل في جذبة تفني جسدي وتفتح فيه فضاءا للخلوة بنفسي. في جهجوكة رافقنا الأطفال صعودا في الجبل. الطريق لايمكن استعمالها الا سيرا على الاقد ام. وصلنا بيت بشير عطار. كان هناك أجانب. جلسنا حول بردوز لاعب الغيطة سابقا والذي توقف بسبب عمره المتقدم. بردوز بفم فارغ من الاسنان تحدث عن بول بولز: "هنا جلس وهنا عزفت له دون توقف حتى الصباح". تحدث عن مايك جيكر وعن الجوانات التي دخنوها جميعا. بردوز لم يعرف طريقا الى المدرسة بل ان المدرسة هي التي لم تعرف طريقها الى جهجوكة. لن يدخل أحفاده أيضا إلى المدرسة ولماذا المدرسة؟ قال: فكرت: معلم هناك معلم هنا معلم بطباشير هناك معلم بغيطة واساطير هنا. ربما من الافضل لاحفاد بردوز ان يتعلموا الغيطة والطبل. هذا ما ينتظره العالم منهم: موسيقى، جذبة في انتظار براين كايسن آخر وبول بولز آخر يلتفون الى هؤلاء الغرباء، غير المالوفين، يجلبون سياحا قلائل الى قرية ما، هضبة ما، في مغرب ما هو مغرب "الاوباش". قطع حبل تفكيري عزف مصطفى الأخ الاصغر لبشير. أحسن عزف ناي سمعته في حياتي. سلته عن أحسن ذكرياته في العزف فقال: - حين عزفت مع نصرة علي خان في هولندا. كانت الشمس آيلة للغروب وكان بشير مخمورا يحاول جر جنيفر الى غرفته. "ضاعت الليلة، لن يستطيع بشير العزف هاته الليلة وهو في هاته الحال. قال طوربن قلت: -لاعليك نحن اتينا لليلة الكبرى بعد غد -عزيزتي، اسف لن تستطيعي حضور الليلة ولماذا؟ رد طوربن بحرج احدى الاميرات ستحضر ولاتريد مغربيا واحدا بين الحضور "هكذا اذن حتى حينما نريد فقط ان نبرد عظامنا بموسيقى منا والينا سيأتي من يمنعنا " انصرفت في الغد مبكرا. عدت الى الرباط وقضيت الليلة في الشارع الخامس، مرقص باكدال. رقصت حتى الصباح ولم اخل بنفسي لحظة واحدة. جهجوكة: قرية شمال المغرب قرب العرائش معروفة باسطورة عيشة قنديشة وبموسيقى الغيطة وحشيش جيد. *كاتبة مغربية مقيمة في جنوب فرنسا