كيف تعاملت الأحزاب السياسية المغربية مع الانتخابات المحلية 2009 من خلال الإنترنت؟ "" ربما للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نطرح آخر: هل للإنترنيت أهمية في الحملة الانتخابية؟ للمشككين في الأمر نورد بعض الأرقام: 14% من الإنخراطات الجديدة في حزب إتحاد الحركات الشعبية الفرنسي تتم عبر موقعه الرسمي. 45 ألف هو عدد الذين وقعوا للتضامن مع ساركوزي أثناء أزمة الضواحي الباريسية على موقع حزبه فقط. الرئيس أوباما نجح بفضل حملته المميزة على الانترنت والفايسبوك، كما فتح حسابا على تويتر. حملة التضامن الإفتراضية مع المدون المغربي محمد الراجي ساهمت في الافراج عنه. نجاح إضراب 6 أبريل بمصر ثم بفضل الدعوة إليه عبر الإنترنت. هذه بعض الأمثلة لما يمكن أن نقوم به بواسطة الإنترنت من تأجيج للحركات الاجتماعية وخوض الحملات الحقوقية والترافع والضغط من أجل تغيير القرارات السياسية. إذن، الويب مهم جدا بالنسبة لفاعلين السياسيين، خصوصا في فترة الحملة الانتخابية لأنها وسيلة اتصال ناجعة وليس منفرة كالحملات التقليدية التي تقوم على توزيع الأوراق و التلوث السمعي البصري الذي تنشره قوافل الطعريجة والبندير، ولأنها مصدر خبر بالنسبة للصحفيين والمناضلين والمهتمين. ومن اجل إعداد هذه الورقة، قمنا بملاحظة مواقع الأحزاب المغربية، وانتظرنا النتائج النهائية لنقتصر على الأحزاب المحتلة للمواقع الثماني الأولى والتي حصلت على ما يقارب 90 % من الأصوات، وهذه الأحزاب هي: الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التجمع الوطني للأحرار، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،الاتحاد الدستوري، الحركة الشعبية، العدالة والتنمية، التقدم والاشتراكية. كما قمنا بوضع المعايير التالية أساسا للملاحظة، وهي: التعريف بالحزب والمنظمات الموازية، اللغات المستعملة، خدمات الإنخراط عبر الإنترنت والرسائل الاخبارية، ووجود البرنامج الانتخابي في الموقع وأخبار الحملة الانتخابية للحزب ومنتدى للحوار، والبودكاست وإستطلاعات الرأي. التعريف بالحزب أغلب الأحزاب لم تهمل هذه الجزئية، باستثناء موقع حزب العدالة والتنمية، والغريب في الأمر أن الموقع كان يحتوي في وقت سابق على مثل هذه الأمور. المنظمات الموازية أغلب الأحزاب المغربية تتوفر عليها وتهم بالخصوص الشباب والنساء، لكن فقط 3 من 8 أحزاب تضع روابط منظماتها الموازية. اللغات الاتحاد الدستوري إختار تقديم موقعه للزوار باللغة الفرنسية، والاستقلال والعدالة والتجمع بالعربية، بالنسبة لأحزاب الاتحاد الاشتراكي والتراكتور والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية فقد اختارت أن توفر للزائرين إمتياز الإختيار بين اللغتين. الانخراط عبر الإنترنت 6 من 8 أحزاب مغربية توفر هذه الخدمة. والتي لا توفرها هي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة. يبقى التساؤل الوحيد هل هناك تتبع لهذه الحالات التي تختار الانخراط عبر الموقع؟ منتدى للحوار "فوروم" 4 من 8 أحزاب توفر هذه الخدمة. وهي خدمة مهمة تتيح التحاور بين المناضلين حول قضايا الشأن الحزبي الخاص وحتى مع المتعاطفين. البرنامج الانتخابي من أجل الجماعات المحلية التقدم والاشتراكية، والأصالة والمعاصرة لم يهتما بتقديم البرنامج الانتخابي لزوار موقعهما، بينما فعلت باقي الأحزاب الستة، لكن موقع العدالة والتنمية وفر أمكانية تحميل البرنامج على شكل ملف "بي دي أف". أخبار الحملة الانتخابية للحزب لم يهتم كل من الاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية بتقديم أخبار حملاته الانتخابية على موقعه الالكتروني، بينما فعلت باقي الأحزاب الست، مع تغطية مميزة لكل من أحزاب الاستقلال، والعدالة والتنمية، والاصالة والمعاصرة... وضع كل من الاستقلال والحركة والعدالة شريطا إخباريا على مواقعهم، بينما اجتهد القائمون على موقع العدالة والتنمية بتوفير نشرة يومية خاصة بالحملة الانتخابية يمكن تحميلها من على موقع الحزب لعموم الزوار. الرسائل الاخبارية 4 من 8 مواقع توفر هذه الخدمة. لكن مع شكوك كبيرة حول إذا ما كانت هذه الخدمة مفعلة فعلا. استطلاعات الرأي 4 من 8 مواقع تضع سؤالا يمكن للزائر المشاركة في الإجابة عنه ومعرفة النتائج. البودكاست مبدئيا 3 من 8 أحزاب سياسية تضع فيديو على موقعها، هي الأصالة والحركة والعدالة. لكن مع تميز للعدالة والتنمية التي تضع بودكاست حديثة وعديدة. رغم تواجد هذه الخدمة على موقع حزب الاستقلال لكنه غير مفعل. ملاحظات أخرى موقع العدالة والتنمية تميز بتضخم الهاجس الإنتخابي إلى حد تحول من موقع للحزب إلى موقع للحملة الإنتخابية للحزب، وقد أفرد مساحة مهمة للدفاع عن بلكورة العمدة المعزول عن مدينة مكناس، وهو على العموم موقع جيد. موقع حزب الاستقلال يوفر إمكانية تحميل شعار الحزب الميزان، ويوفر رابطا خاصا بانتخابات 2009، ويتشارك هذه الخاصية مع أحزاب الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية. حزب الأصالة والمعاصرة يتوفر على موقع جيد هو الآخر، ويتم تحيينه باستمرار، لكنه يتمر بخاصية التشارك مع مواقع أخرى ، ويتوفر على روابط للمجموعات الداعمة للحزب على الفايسبوك. أما عندما يدخل الزائر إلى موقع الاتحاد الاشتراكي فتستقبله لوحة تبشر بقرب إفتتاح الموقع الجديد للحزب، إنها بادرة جيدة في توقيت سيء. موقع الحركة الشعبية يوفر إمكانية تحميل بعض الأغاني. التجمع الوطني للأحرار يوفر بعض لوائحه الانتخابية، مع رابط لمعرفة نتائج الانتخابات. تركيب يلاحظ تفاوت في مستوى مواقع الأحزاب المغربية، وهذا بلا شك راجع إلى عدم وعي المسؤول الحزبي بدور الإنترنت المتنامي في التواصل مع المواطنين والمناضلين والمهتمين، وبالإمكانيات الهائلة في الماركوتينغ الحزبي. في هذا الإطار، تبدو الإدارة متقدمة بعض الشيء عن المؤسسة الحزبية في المملكة المغربية، فقد أنشأت الداخلية موقعا خاصا بالاستحقاقات الجماعية 2009 على شبكة الأنترنت يوفر عدة خدمات مجانية كالتأكد من التسجيل في اللوائح الإنتخابية عبر النت وعبر الرسائل الهاتفية القصيرة، ورابط الموقع موجود كلوحة إشهارية في أكثر من موقع مثل الجريدة الالكترونية واسعة الانتشار هسبريس. مشكلة أخرى تواجه المواقع الحزبية المغربية، وهي عدم تحيين محتواها بشكل مستمر مما يوحي بعدم الجدية المرتبط أساسا بعدم الوعي، وهذا راجع أساسا إلى اكتفاء الأحزاب بالمتطوعين وعدم توظيفها لمسؤول تقني وصحفيين متخصصين في الصحافة الإلكترونية، ومن الأفضل لو كان المسؤولون عن إدارة الموقع أعضاء في الحزب. كذالك بعض الخدمات التي من الممكن أن توفرها الإنترنت للأحزاب السياسية لم تصل بعد إلى الأرض المغربية، مثل التبرع للحزب، ونظام للإنذارات بواسطة الرسائل الهاتفية القصيرة. تبقى الإشارة إلى أن هذه الورقة قدمت ملاحظات تهم المواقع الرسمية للأحزاب المغربية، ولم تتناول المواقع والمدونات ومجموعات دعم المرشحين التي أنشأها مناضلون حزبيون كمبادرات فردية. في الأخير، لو طلب منا ترتيب كل مواقع الأحزاب المغربية، فباستثناء تصعيد موقع العدالة والتنمية إلى أحد مواقع البوديوم الثلاثي، لما اختلف عن ترتيبها حسب عدد المقاعد الجماعية المحصل عليها. * صحفي إلكتروني ومدون مغربي، مهتم بالنضال السياسي عبر الفضاء الافتراضي.