رغم ما يعرفه الوطن العربي من تراجع خطير على مستوى الحريات وحريات التعبير، تظهر في الأفق عرائس للحرية يقبضن بأيديهن على الجمر والقلم معا لإضاءة الدرب المفعم بالقمع والتضليل، الصحفية اليمنية فخرية علي، المدير التنفيذي لمنتدى الإعلاميات اليمنيات واحدة من هذه العرائس في الجهة الأخرى لهذا الوطن السليب،تخص هسبريس بهذا الحوار الشيق، تكشف فيه عورة الإستبداد الكامنة في أعماق هذه الأنظمة. "" بطاقة تعريف للأستاذة فخرية علي؟ فخرية علي حجيرة، المدير التنفيذي لمنتدى الاعلاميات اليمنيات منذ اكتوبر 2008م واعمل في المنتدى منذ يونيو 2005، خريجة كلية الاداب قسم لغة انجليزية، حاصلة على دبلوم في الصحافة العامة وصحافة الانتخابات من الهيئة الاذاعية البريطانية BBC وكورس في الصحافة الاستقصائية من المركز الدولي للصحفيين ICFJ عبر الانترنت, شاركت في عدد من ورش العمل والدورات التدريبة المحلية والعربية والعالمية التي تخصتص في حرية الاعلام وحقوق النساء وتفعيل دور الشباب تسمي الصحافة الإلكترونية " بالمساحة الضيقة للحرية" كيف ذلك؟ هي المساحة الوحيدة التي يحصل عليها المواطن والكاتب اليمني للتعبير عما يراه مناسبا ويحتاج أن يكتب عنه ، فالا يشترط الانترنت أن يكون المدون أو صاحب الموقع صحفي متمرس أو مهني ولكنه يسمح للجميع للمشاركةوالإبداء برائيهم. ولكن حتى الصحفي المتمرس والمهني يجد مساحة اكبر من الحرية في فضاءات الانترنت وصفحاته ، فلا يضطر أن يمر مقاله عبر عدد من الهيئات والإدارات كهيئة التحرير ورئاسة التحرير في الصحف وقبل كل هذا يجب أن يكون مقاله مراعيا لاهتمامات الصحيفة وانتمائتها وفي الأخير قد يجد مقالة نشرت باسمه لا تمت إلى مسودته بصلة بسبب التغيرات والتعديلات الواقعة عليها تماما عكس عملية كتابةعمل صحفي ونشره على الانترنت. وهذا مايميز الانترنتكما انه لا يخضع إلى الكثير من الرقابة من قبل الدولة واعتقد أن السبب في ذلك هو الأمية الالكترونية في اليمن. فمرتادي النت في اليمن لا يزيد عددهم عن300 الف مستخدم من أصل 22 مليون نسمة، فإذا كانت أمية القراءة والكتابة تقدر ب 65% في اليمن، فماهو حال أمية الالكترونيات والحاسوب والانترنت. ماهي يتطور مشهد الصحافة الإلكترونية في اليمن وماهي الإكراهات؟ لقد برزت عدد من المواقع الالكترونية الناجحة والتي حققت انجازات رائعة في مجال الصحافة وحرية الاعلام في اليمن وأصبح معظم قراء الصحف يستبدولونها بقراءة المواقع الالكترونية والاشتراك في نشراتهم الدورية التي تغطي الأخبار المحلية والدولية بشكل مهني ومتقن ومن هذه المواقع مارب برس والتغيير نت والحدث نت وموقع يمن بورتال ويرئسه الأستاذ وليد السقاف، وهو أول محرك بحث عربي ولكنه محجوب منذ أكثر من عام عن متصفحي النت في اليمن وهناك أيضا موقع أخرى ناجحة وتعمل بشكل مهني ولكن يتم حجبها عندما تمس بعض المصالح التي تتعارض مع مصالح العامة والشعب، ويفرج عنها بعد فترة من الزمن أو بعد انقضاء الحادثة التي تم تغطيتها .فأصحاب شركات الاتصال والانترنت في اليمن لهم نفوذ وسلطة وعلاقات تجارية وأسرية مع النظام الحاكموتقوم هذه الشركات بحجب المواقع وإلغاء خدمات SMS الإخبارية، على حسب متطلبات وزارة الاعلام والحكومة، ومازال النشطاء والصحفيين في اليمن ينادون بإلغاء وزارة الاعلام والتي تشكل عائق حقيقي أمام حرية الاعلام في اليمن لما نرى هذا التراجع في الوطن العربي عن الحريات العامة وحرية التعبير بشكل خاص؟ اعتقد انه بسبب العولمة وانفتاح العالم على بعضه وتواصل الناس فيما بينهم أصبح أيسر وأسهل ، أصحبت الحكومات العربية تشدد وتقلل من الحريات لتضمن تلميع سمعتها والخوف على مصالحها مع الدول الشقيقة والصديقة،ولكن أيضا يجب أن ننظر الى الموضوع بشكل متفائل بعض الشي ، فهناك نهضة فكرية عربية فقد عرف النشطاء والصحفيين المواثيق والاتفاقيات التي وقعت عليها حكوماتهم وصاروا يطالبون بالقوانين والحقوق التي تلزم بها الاتفاقيات الحكومات مثل قانون حق الحصول على المعلومة وإنشاء الهيئات المستقلة وإقرار أنظمة الكوتا وغيرها، صحيح أن الحكومات تتحايل بعض الشي في هذه القوانين وتحاول صياغتها بما تخدم مصالحها ولكن وجود منظمات المجتمع المدني وشراكاتها مع الاعلام قد تحدث تغييرا ايجابيا في هذا النمط ما الذي حققتم في منتدى الإعلاميات اليمنيات؟ منتدى الاعلاميات اليمنيات تأسس منذ فبراير 2004م وقد سعى في بداية مشواره الى حصول الاعلامية والإعلامي على حقوق متساوية في اليمن، وقمنا بدراسة أوضاع الاعلاميات ووجدنا أنهن بحاجة الى تأهيل وتدريب وصقل مواهبهن الإعلامية ، فقمنا بعدد من البرامج التي ترفع من المستوى المهني للإعلامية اليمنية ، ثم تم التركيز على خلق مساحة حرة للإعلامية للحصول على الخبر والأخبار العاجلة وليتم تدوين اسمها في الصفحات الأولى لصحف المحلية، فقمنا بعمل مؤتمرات صحفية خاصة بهن مع صناع القرار والذي يصعب الاجتماع بهم في الحفلات وفي مقايل القات اليمنية وذلك بسبب التقاليد والعادات الرجعية التي مازالت مسيطرة على اليمن، ويقوم المنتدى الآن بتشكيل مجموعات إعلامية متخصصة (إعلاميات وإعلاميون) في عدد من المجالات كمجموعة الصحافة الاقتصادية، وصحفيات من اجل حقوق النساء، وصحفيات من اجل حقوق الإنسان وإعلاميون ضد الفساد وغيرها من المجموعات المتخصصة التي تضمن مهنية وتخصص في العمل الصحفي وتصب جميع هذه المجموعات في نقطة واحدة وهي تفعيل دور الاعلام في التغير والتحديث في قضايا التنمية والديمقراطية والحكم الرشيد، كما يسعى المنتدى الآن الى تأسيس وسائل إعلامية مقرؤة ومسموعة مستقلة وخاصة وقد بدائنا بتأسيس أول وحدة إنتاج إذاعية مستقلة في اليمن، فجميع الوسائل الاعلامية المرئية والمسموعة مملوكة من الدولة ولا يحق للمواطن العادي إنشاء وسيلة إعلامية مقرؤة ومسموعة خاصة . كيف تقارنين بين المشهد اليمني والمغربي من خلال محاكمة الكثير من الصحفيين والصحفيات وفرض عقوبات حسبية وسجنية في نفس الوقت؟ اعتقد ان المشهد العربي بشكل عام متشابه ، فقد كنت شاركت في حملة إعلامية لاطلاق صحيفة المساء المغربية وفي نفس الوقت أوقفت صحيفة الوسط اليمنية وقد أدمجت الحملة لصحيفتين، ولكني اعتقد أن الحال في المغرب وفي باقي الدول العربية أفضل بكثير من اليمن، وذلك بسبب تفشي الأمية والفساد في بلادنا بمستوى اكبر من الدول العربية الأخرى بالاضافة الى مشاركة النساء الاقتصادية والسياسية. وفقا لتقارير التنمية وتقارير الشفافية الدولية . والصحفي اليمني يجرم بخمسة قوانين محلية، ويتم اختطافه وضربه ومصادرة الصحف، ومنع التراخيص، ومن أهم الأحداث الأخيرة التي حصلت في اليمن هو مصادرة ثمان صحف مستقلة من الأسواق ومنع طباعتها في وقت واحد. ولكن مايميز اليمن أننا نتمتع بحرية القول ، ولكن لانتمتع بحرية التدوين والكتابة والتوثيق. كلمة أخيرة؟ اشكر صحيفتكم واشكر الأستاذ عبدالله بشكل خاص ، وأن تواصلكم معي ، دليل على السهولة والحرية في استخدام الانترنت ، ويجب أن نتفق جميعا على أن نعمل معا لأجل حرية تعبير في الوطن العربي وان نسعى الى الأفضل ولا يتم مقارنتنا بتجارب مقبولة وإنما نريد أن نصل الى التجارب الممتازة. فلا نريد أن تتباهى الحكومة اليمنية بقانون حق الحصول على المعلومة بأنه أفضل من القانون الأردني، وفي حقيقة الأمر أن القانونين وضعوا بطريقة لا تسمع للصحفي أن يحصل على المعلومة ولكنه التزام دولي بسبب المصادقة على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد UNCAC. فيجب أن يشارك المواطن المغربي في حملات المناصرة للقضايا اليمنية وان يشارك التونسي في الحملات التوعوية فيما يخص دول الخليج ويشارك اليمني في القضايا المصرية وغيرها من الدول العربية ، فقد يكون صوتك أو توقيعك في هذه الحملة مهم للقضية .