ما زال القطاع الصحي بالمغرب "حبيسَ إضرابات متتالية" لم تهدأ وتيرة خوضها منذ أسابيع؛ فيما لا تزال النقابات مُصمِّمة بقوة على الاستمرار والتصعيد بعد تكتّل ثمانية إطارات نقابية منظَّمة ضمن "التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة"، جاعلة شهر ماي "شهر تصعيد وتيرة الاحتجاج". وحسب مصادر نقابية تحدثت إليها جريدة هسبريس الإلكترونية، فإن الإضراب الوطني "نُفّذ فعليا بمختلف المؤسسات الاستشفائية ومؤسسات الرعاية الصحية بمختلف أقاليم وجهات المملكة في ظل استمرار تجاهل الحكومة وتعنّتها في الاستجابة لانتظارات الشغيلة الصحية؛ ما يعني استمرار التنسيق النقابي في تنفيذ برنامجه النضالي". وتخوض الشغيلة الصحية، اليوم الثلاثاء وغدا الأربعاء، إضرابا وطنيا في "كل المؤسسات الصحية مع استثناء أقسام المستعجلات والإنعاش"؛ موحِّدة مطالبها في "الحفاظ على كل حقوق ومكتسبات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وصفة موظف عمومي لمهنيي الصحة مع تنفيذ كل الاتفاقات الموقعة بين وزارة الصحة والنقابات". وفي بلاغ سابق صادر نهاية أبريل الماضي بعد انعقاد اجتماع تنسيقي بالبيضاء، كانت نقابات قطاع الصحة قد قررت جعل شهر ماي "شهراً لتصعيد وتيرة الاحتجاج"، وفق توصيفه، مُسطرة برنامجا نضاليا ممتدا عبر "وقفات احتجاجية إقليمية وجهوية لمدة ساعة يوم 9 ماي، بالإضافة إلى إنزال وطني يوم 23 ماي بكل الفئات بالرباط مصحوبا بإضراب وطني"؛ فيما يرتقب عقد ندوة صحافية حول مستجدات الملف يوم 14 من الشهر الجاري. محمد الوردي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أفاد، في تصريح لجريدة هسبريس، مساء الثلاثاء أول أيام الإضراب، بأن "الأخير عرف نجاحا وإقبالا من مختلف الأطر الصحية التي لم تجد بعد آذانا صاغية من الفاعل الحكومي لفتح حوار جاد ومسؤول"، معتبرا أن "هذه المحطة كسابقاتها نجحت في شلّ حركة المستشفيات ما عدا الإنعاش والمصالح الاستعجالية"، قبل أن يتوقع "إقبالاً أكثر على تنفيذ الإضراب الوطني للمهنيين الصحيين في يومه الثاني الأربعاء". وتابع الوردي بأن "التنسيق النقابي الذي يمثل الشغيلة لم يتوصل، إلى حدود مساء اليوم الثلاثاء، بأي دعوة للجلوس إلى حوار أو عقد لقاء في موضوع المطالب المرفوعة"، واصفًا بأن "زيارة المستشفيات والمراكز الصحية خلال أيام الإضراب في قطاع الصحة تكفي للشهادة على أوضاع كارثية وصلت إليها المنظومة، حيث يعمّ الاستياء في أوساط المواطنين كما المهنيين"، وزاد: "كما رصدنا تذمّرا واضحا في أوساط المواطنين الذين تتعطل مصالحهم واستفادتهم من المرافق الصحية العمومية". ودعا الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة، العضو في التنسيق النقابي، الحكومة إلى "التمتع بالحس الوطني للتحرك قبل فوات الأوان وتصعيد المسار الاحتجاجي نحو أشكال غير مسبوقة، نأمل كتنسيق نقابي عدم الوصول إليها"، قائلا: "نطلُب من الحكومة أن تخاف الله في صحة المغاربة؛ فما يحصل منذ أشهر بعد الاتفاق وعدم تفعيله غير مقبول"، قبل أن يتساءل باستنكار في حديثه مع هسبريس: "هل أصبحت صحة المغاربة غير مهمة بالنسبة للحكومة؟". وجدد الفاعل النقابي ذاته "الاعتذار على ما قد يلحق المواطنين المرتفقين بالمؤسسات الصحية من تعطل للخدمات الصحية"؛ فيما حمّل "مسؤولية هذا الاحتقان بقطاع الصحة وما قد يترتب عن الإضرابات للحكومة التي لم تلتزم بتعهداتها في تثمين مهنيي الصحة، مما يؤثر سلبا على إنجاح ورش إصلاح المنظومة الصحية". يشار إلى أن التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة، الذي يضم كل النقابات الممثلة للشغيلة الصحية، كان قد أجرى تقييماً للمحطة الاحتجاجية الأولى المتمثلة في إضراب وطني لمدة 48 ساعة يومي 24 و25 أبريل المنصرم، مسجلا "نجاحا كبيرا وتجاوبا واسعا من طرف الشغيلة الصحية؛ مما يعكس حجم الاحتقان الذي يعيشه قطاع الصحة ومستوى تذمر المهنيين جرّاء تجاهل الحكومة للمطالب العادلة والمشروعة للشغيلة الصحية والتنكر للاتفاقات الموقعة بين وزارة الصحة وكل النقابات بالقطاع". وفي حالة عدم التجاوب الجدي والمسؤول للحكومة"، هدد التنسيق النقابي بأنه "ستتم متابعة البرنامج الاحتجاجي بصيغ نضالية نوعية وغير مسبوقة"، مجددا "التأكيد على ضرورة الحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهني الصحة؛ وعلى رأسها صفة موظف عمومي، وتدبير المناصب المالية والأجور من الميزانية العامة للدولة، والحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية المقررة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وكل الضمانات التي يكفلها"، مع "التشبث بمضامين الاتفاقات ومحاضر الاجتماعات الموقعة بين وزارة الصحة وكل النقابات في شقها المادي والمعنوي والقانوني".