لم يستح رئيس دولة "عظمى" في حجم فرنسا من الوقوف خلال بداية شهر ماي بمناسبة ذكرى انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، خاطبا ودَّ أفراد من قدماء المحاربين المُنحدرين أصلا من جنسيات مختلفة ، شاكرا تضحياتهم، ومعدّدا مزاياهم القتالية في قضية تحرير لا تعنيهم وآباء آبائهم، مفتخرا بأنهم تركوا بلدانهم ترزح تحت الاحتلال والحماية لأحفاد نابليون وجاؤوا لتحرير فرنسا من سيطرة النازية، قبل أن يُعلن "سَارْكُو" عن "حُكْمٍ جُمْهُوري" قاضٍ بكونهم لا يُساوون سوى 26% من الفرنسيين "الحقيقيين"، بمنحهم تعويضا شهريا لا يتجاوز 160 أورو عن "تضحياتهم الجسام"، ويُعادل مَا يُعادل تقريبا قيمة "السميك" المغربي في قلب بلد الأنوار، في الوقت الذي يتقاضى الفرنسي "المُقَاتل" إبَّان نفس الفترة قيمة 600 أورو منذ أمد غير يسير، يحدث هذا في جمهورية "لِيبِيرْتِي، إِكَالِيتِي، فْرَاتِيرْنِتِي". "" كَما لم يستح والي أمن الرباط، عاصمة بلدنا المُقتدي بأرض "لِيبِيرْتِي، إِكَالِيتِي، فْرَاتِيرْنِتِي"، من الخروج على خلفية كارثة موازين بتصريح يفيد بأنّ الأحد عشر مواطنا غادروا ملعب حي النهضة إلى مقابر "آخِر رَقْدَة" بدون سبب، وكيف أنّ رجال الأمن قاموا بواجبهم على أكمل وجه، فيما يحيل إلى أنّ وقوع القتلى سببه "حْكْ جْرْ.. و التْلْوَازْ.. و التْكْسْكِيسْ"، وألاَّ رَادّ لقضاء الله وكذَا تأثير "جْرَّات السْتَاتِي" على البِلاد والعِبَاد.. في الوقت الذي كان يجب أن يفخر بكوننا أصبحا فعلا موازين إيقاعات العالم، عن جدارة واستحقاق، ونحن نعمل بجدّ على زلزلة الكرة الأرضية بهذا الخبر الفاجعة المؤكّد أنّ الخروج لحفل غنائي بالمغرب قد يتحوّل إلى خروج من الدّنيا بأسرها. وقِمّة قِمَم الوَقَاحة، هي أن تُفقد أرواح بباب الذّل بسبتة جرَّاء التدافع، دون أن ينال الأمر مَا يستحقّه إعلاميا ولا تدبيريا بالوطن، إذ في الوقت الذي يُعربُ الحزب الاشتراكي طبعا الإسباني عن أسفه لسقوط الضحيتين المؤنّثتين جثّتين هامدتين تحت النعال، ويُصدر تصريحا رسميا على لسان إِلِينَا فَالِينْسْيَانُو بصفتها كاتبة السياسة الدولية والتعاون لتُعَزّي أسر الضحيّتين وتلتمس الشفاء للجرحى، المسألة مَا تستحقّه وطنيا رُبَّمَا لإيمَان مسؤولينا بأنّ "لِّي تْلْفْ يْشْدْ الأرْضْ" ويقينهم بأنّ المُهرّبين بسبتة ومليلية "تَالْفِينْ مْنْ زْمَانْ" جعلهُم يُباركُون تسويتهم بالأرض اليوم قبل الغد. ولا يتمالك المرء نفسه وهو يرى هذه الوقائع المُؤلمة، ليُوقن بأنّ المُوَاطنَ من صنف "أَرْضْ أَرْضْ" لا قيمة له بوطن لا يَهتَزُّ لفقد أبنائه، وطن لا يُعنى بتدبير حقيقي لمواضيع تمسّ أرواح أبنائه ويحيطها بالعناية اللازمة التي قد تُولى لأتْفَه فرْد من "وْلِيدَات بَابِي وْمَامِي" وتَجْعَلُه مَحطّ تتبّع ومخطّطات لو أُصيب بصدمة عاطفية من صديقته الثامنة عشر بعد المئة، أوْ تَقادمت سيّارته الربَاعية الدّفع، أو شعر بالضجر لعمله بمكتبه الفخم وأراد أن ينال ترقية ليضجر ببلد آخر، أو لأي سبب تافه قد يرد للذهن. هنا يجبُ على المغرب أن يعلم أنّه محتاج إلى التقرّب من بُسطائه وانشغالاتهم الحقّة، فهؤلاء مُحتاجون حقّا لوطن يفتح فمه ليمُنّ على أفراده البسطاء بمُنجزاته ونشاطاته الفعّالة، وأن يكون ذلك عوضا لمغرب اليوم الذي يلومهم بمنّهم عليه بمنجزاتهم، وهم الذين اشتغلوا "بْلاَ خْبَارْ وَزير الشغل ولاَ المَالية"، وَ داووا أنفسهم وعلّمُوا أبناءهم وشيّدوا منزلهم وأمّنوا أحياءهم وسنُوا تشريعاتهم وتآزروا وتلاحموا وأقاموا شعائرهم بلا حسيب ولارقيب ولا مُخطِّط ولا مُدبّر. ولنا في المُناضل الحقوقي المُعتقل شكيب الخياري أسوة حسنة، وهو الذي رفضت النيابة العامّة تمتيعه بالسراح المُؤقّت في أولى جلسات مُحاكماته بدعوى مَنّه بمُنجزاته عَلى وَطنِه، لنعرف أنّ المُنجزَات الفردية قد تقُود إلى "بُوغْمْغَامْ" وأنّ تعداد هذه المُنجزات قد يدخل إطار "المَنّ"، ويَعمل على الحرمان من السراح المُؤقّت برؤى مفتقدة إلى الحكمة وقوانين "اللْعْبْ بالفْنْ" إلى إشعار آخر.. صَحِيح أنّ " لّي حْشْمُوا مَاتُوا.. واللي مَاتُوا ارْتَاحُوا..".. في الرباط وباريس وما جاورهما.