اسم بارز في فن الملحون كانَه الحاج عمر البوري، الذي رحل عن دنيا الناس بعد مسار جمع فيه بين الإبداع في هذا الفن الشعري وصيانته وحفظه وتعليمه وبين الصناعة التقليدية. ومن أبرز ما تركه هذا الشاعر الروداني "ديوان فن الملحون"، الذي صدر عن منشورات أعرق الأندية الثقافية بالمغرب "النادي الجراري" بتقديم عميد الأدب المغربي الأكاديمي الراحل عباس الجراري. وفي نعي الفقيد كتب المسرحي والباحث عبد المجيد فنيش "ورقة أخرى تسقط من شجرة الملحون الوارفة، وبسقوط هاته الورقة يكون المغرب قد فقد علامةً وضاءة في مسار الملحون في المملكة عامة، وفي تارودانت على وجه الخصوص." وتابع النعي الذي توصلت به هسبريس: "لقد رحل عن دنيا الناس الفقيد الحاج عمر البوري (...) الشاعر المنشد، الأستاذ المعلم لعشرات الشعراء والمنشدين، مكتشف المواهب وداعمها بكل سخاء." وواصل فنيش: "لقد ظل الراحل العزيز إلى آخر لحظات عمره مرتبطا رباطا منتظما ومؤثرا بكل مظاهر حيوية الفعل في مجال الملحون، وبالتالي لم يكن أبدا مستغربا أن يكون في مقدمة الحاضرين في اجتماع لجنة إعداد سلسلة أنطولوجيا الملحون بإشراف وتأطير مباشرين من أكاديميّة المملكة المغربية، حيث التقى أعضاء هاته اللجنة يوم 10 يناير، في أول اجتماع لهاته اللجنة بتشكيلتها الجديدة، ثم حضر في مساء نفس اليوم العرض الأول لاحتفالية "الدر المكنون في ذاكرة الملحون"، التي أشرفت عليها الأكاديمية في إطار برنامجها الذي تزامن مع تصنيف الملحون تراثا لا ماديا للإنسانية." وزاد عضو لجنة الملحون بأكاديمية المملكة: "بعد أسبوعين من هذا الموعد حل الراحل بمدينة الرباط مجددا ليحضر في أول جلسة للجنة المصغرة التي تفرعت عن اللجنة الموسعة، وقد تم اختياره ضمن المجموعة التي ستحسم في القصائد والأنظمة العروضية التي سيتم تسجيلها في أول محطة من سلسلة أنطولوجيا الملحون." وكتب فنيش "إنه الحضور البهي، رغم الظروف الصحية وبعد المسافة، لهذا الرجل الذي هام حبا في الملحون وأخلص له، وأغنى الخزانة بعدد من الإبداعات التي أكدت علو كعبه، ورسخت موقعه ضمن طليعة الشعراء خلال أكثر من نصف قرن"، قبل أن يجمل بالقول: "إن خير العزاء في هذا الفقد يتجلى ببهاء فيما تركه من مأثورات، وما قدمه من جليل الإحسان لنساء ورجال الملحون".