طنجة.. توقيف أحد المجرمين السبعة الفارين من سجن بالبرتغال    كيوسك الإثنين | المغرب يسجل أداء متميزا بين 50 دولة في مناخ الأعمال    فاس.. توقيف ثلاثة أشخاص متورطين في السرقة باستعمال السلاح الأبيض    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعزي في وفاة الصحفي مصطفى لخيار    حماس تعلن إطلاق صواريخ من غزة باتجاه إسرائيل تزامنا مع إحياء ذكرى 7 أكتوبر    "حزب الله": لا بد من إزالة إسرائيل    مشعل: إسرائيل عادت إلى "نقطة الصفر"    فيلم "جوكر: فولي آ دو" يتصدر الإيرادات بأميركا الشمالية    في لبنان مصير العام الدراسي معلق على وقع الحرب وأزمة النازحين    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكي ف" أشجاره مع التغير المناخي    رئاسيات تونس.. عزوف الناخبين وسجن المعارضين يشكك في نزاهة الاقتراع    بنحدو يصدر ديوانا في شعر الملحون    انطلاق منافسات الدورة ال25 لرالي المغرب    السلطة المحلية تداهم مقهى للشيشة بطنجة    في ما يشبه الإعتذار.. ماكرون لنتانياهو: إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها والتزام فرنسا بأمنكم لا يتزعزع    الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة من السياسيين أنفسهم    اتحاد طنجة يخرج متعادلا من موقعته أمام الجيش الملكي    الحكومة الإسبانية تؤكد دعمها للشراكة الاستراتيجية بين المغرب والاتحاد الأوروبي: الرباط شريك أساسي لا غنى عنه    سجلت أدنى معدل مشاركة منذ ثورة 2011.. سعيد يفوز في انتخابات بلا منافسة حقيقية بنسبة 89%    اختتام الدورة 15 لمعرض الفرس للجديدة باستقطاب 200 ألف زائر    انتقادات "الأحرار" تقلق "البام" بطنجة    "أيقونة مغربية".. جثمان الفنانة نعيمة المشرقي يوارى الثرى في مقبرة الشهداء    رواندا تطلق حملة تطعيم واسعة ضد فيروس "ماربورغ" القاتل    الملك محمد السادس يبعث ببرقية تعزية إلى أسرة نعيمة المشرقي    مهرجان "الفن" يشعل الدار البيضاء بأمسية ختامية مبهرة    إسرائيل تجازف بوجودها.. في مهبّ عُدوانيتها    تغييب تمثيلية للريف باللجنة المركزية للاستقلال يقلق فعاليات حزبية بالمنطقة    إسرائيل ربحت معارك عديدة.. وهي في طورها أن تخسر الحرب..    الملك محمد السادس يشارك الأسرة الفنية في حزنها لفقدان نعيمة المشرقي    7 سنوات على موجة "مي تو"… الجرائم الجنسية تهز قطاع صناعة الموسيقى بالولايات المتحدة    ردا على قرار محكمة العدل الأوروبية.. الجمعية المغربية للمصدرين تدعو إلى تنويع أسواق التصدير    موكوينا: غياب الجمهور غير مقبول بالمغرب    زراعة الفستق تزدهر في إسبانيا بسبب "تكيّف" الأشجار مع التغير المناخي    استقرار سعر صرف الدرهم مقابل الأورو وتراجعه أمام الدولار    كارفاخال يخضع لعملية جراحية بعد إصابته الخطيرة    مشروع لغرس 500 هكتار من الاشجار المثمرة ب 6 جماعات باقليم الحسيمة        تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي        جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلسلة الملحون .. "ديوان المغاربة" يتغنى بالمديح و"الغَزَل" والطبيعة
نشر في هسبريس يوم 11 - 05 - 2019

الملحون "ديوان المغاربة" الذي يعكس غنى رؤاهم وتوجّهاتهم ومعيشهم وتجاربهم، ويختزن كلّ هذا في قصائد شفهيّة بدارجة رفيعة مقفّاة تمدح النبي صلى الله عليه وسلم، أو تعظ الناس وتشاركهم الحِكَمَ، أو تنبّههم إلى الأخلاق المذمومة، كما تتغزّل أو تتغنّى بالجمال أو بما تشتهيه النفس.
لجنة المَلحون التابعة لأكاديمية المملكة المغربية جمعت في سلسلة "التراث" أهمّ دواوين الملحون وأعدّتها، فوضعت "موسوعةُ الملحون" على الرفوف، في السنة الجارية، جزأها الحادي عشر الذي نظمه الحاج أحمد سهوم، ليجاور دواوين: عبد العزيز المغراوي، والجيلالي امتيرد، ومحمد بنعلي ولد الرزين، وعبد القادر العلمي، والتهامي المدغري، وأحمد الكندوز، وأحمد الغرابلي، وإدريس بن علي السناني، والمولى عبد الحفيظ، ومحمد بن علي المسفيوي الدمناتي.
وتروم هذه السلسلة الرمضانية تقديم بعض من قصائد الملحون المغربية، والتعريف بناظِميها، وعمق وتبصّر مضامينها وما تحمله من غنى وتميّز، انطلاقا من العمل التوثيقي المعنون ب"موسوعة الملحون" الذي أشرف عليه عضو أكاديمية المملكة عباس الجراري، ومجموعة من الخبراء والمتخصِّصين.
تراث شفهي
وضع الراحل عبد اللطيف بربيش، أمين السر الدائم السابق لأكاديمية المملكة، اهتمام الأكاديمية بالملحون في إطار اهتمامِها منذ نشأتِها بالتراث المغربي باعتباره عنصرا من عناصر الهوية وأساسا للوعي بالذات الوطنية. وقال في تصديره ل "موسوعة الملحون" إن أكاديمية المملكة تسعى إلى "إحياء ما اندثر من التراث الشفهي والمكتوب، وتصحيح ما لحق به من تشويه وخلل بحكم التقادم".
وذكّر عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، بأن تراث فنّ الملحون "في طليعة الأنماط الشعرية التي انفرد بها المغاربة وأبدعوا فيها بعبقريّاتهم شعرا وبحثا وإنشادا"، وزاد قائلا في تقديمه الوارد في كُتَيِّبِ "احتفالية الملحون ديوان المغاربة": "الملحون سجلّ للذاكرة الثقافية والاجتماعية والفنية للمغاربة، وإرث حضاري متميّز، ووعاء للقيم الوطنية والإنسانية يختزن غنى تراثيا وذاكرة وطنية وأبعادا حضارية إنسانية".
وسبق أن وصف أمين السر الدائم الحالي لأكاديمية المملكة الملحون ب"ديوان المغاربة دونَ منازِع"، وقال في كلمة ألقاها خلال افتتاح احتفالية الملحون الثانية في مدينة وجدة: "كان وما يزالُ للمغاربة باعٌ طويل وسبق فريد في جودةِ فنّيّةِ الملحون وتنوِيع قضاياه، وبديع صوره، ورائق أدائه".
إبداع مغربي
يرى عباس الجراري، عضو أكاديمية المملكة رئيس لجنة موسوعة الملحون، في مقدّمته للموسوعة، أن كل متتبّع للتراث الشعري العربي قديمِه وحديثِه لا يلبث أن يلاحظَ أن "الملحون" يمثّل أحد الأشكال التي تفنّن المغاربة في إبداعها وما يزالون، متوسّلين بلغة غير معربة، وإن كانت في معجمها العامي تحاول أن تبتعد قليلا عن اللسان الدارج المتداول، مع التصرّف في الصيغ واعتماد جوانب بلاغية، والارتقاء بفنّية الأسلوب.
ويرجّح الكاتب أن تكون تسمية الملحونِ راجعة إلى "اللّحن"، بمعنى الخلوّ من الإعراب أو عدم الالتزام به، وليس بمعناه الدّال على التّنغيم للتغنّي والتّطريب.
ويوضّح الجراري أن أبرز تسميات هذا الفنّ هي: "لَكْلامْ" الدّال بقوّة على عدم التغنّي، ولا سيما حين يُمَيَّز بينه وبين مصطلح الآلة الذي يُقصَدُ به التوقيع اللَحني المصاحَب بالآلات الموسيقية، وارتبطت تسميته بالموسيقى الأندلسية التي تُشَكِّلُ مع الملحون أبرز الأجناس الفنية في المغرب.
كما يرجّح الكاتب أن تكون الأصول التي انطلق منها "الملحون" هي الأغاني والمردَّدَاتُ الشعبية المحلية، حتى ولو تأثّر فيما بعد، وهو في إطار تطوير نفسه، بالأزجال والموَشَّحات الأندلسية وبالقصيدة العربية وب"عروض البلد" القريب من المُوَشَّح.
ويذكر عميد الأدب المغربي أن أقدم شيخ معروف عند حُفّاظ الملحون هو مولاي الشاد الذي عاش في القرن التاسع الهجري بتافيلالت، حيث ظهر بنمطٍ شعري عُرف يومئذ ب"كان حتى كان"، وهو ما يرى فيه الجراري "تسمية معبّرة عن تداوله الشفوي كأحد فنون القول"، مشيرا إلى أن "الكتابة جاءت متأخّرة على يد غير العوامّ وهو ما يزيد في توضيح تسمية الملحون بلَكْلام".
مسار حافل
بحكم طبيعة الملحون وقع اهتمامٌ، حَسَبَ الجراري، بمن يحفظه ليسرُدَه في الزوايا والمساجد، وكان يُطلَقُ عليهِ "الحَفَّاظْ". ورغم أنّ هذه القراءة كانت تقوم على السّرد، فإنّها لم تكن تخلو من التّمطيط والضّغط على الحروف، مما يعطيها بعض التوقيع، ثم لم تلبث هذه المرحلة أن أفضت إلى الإنشاد المنغّم والموقّع، فأُطلق على المُنشد "شيخ لكريحة" و"شيخ النّشاد"، موازاة مع "شيخ السجيّة"، و"شيخ النّظام" الذَيْن يُقْصَد بهما الشاعر.
وارتبط الإنشاد في هذه الفترة، وِفْقَ ما أورده الكاتِب، بالنّقر على "التَّعْرِيجة" أو "لَكْوال"، ثم غدا يصاحَبُ في مرحلة لاحقة بالعزف على الآلات الموسيقية، بعدما تطوَّرَت مضامين المَلحون ولم تعُد مقتصرة على المواعظ، وعرفت تنوّعا كبيرا كان في طليعته الغَزَل، وبعد أن عُرِفَت "نوبات الآلة" التي وَفَدَت من الأندلس بحكم التواصل الذي كان للمغرب معها على عهد الوحدة، ثم على إثر الهِجرات التي توجّهت إليه بعد عملية الاسترجاع، وهكذا ظهر ما أُطْلِق عليه "لْوْزانْ"، ثم بدأ نصّ الملحون يكتمل ليأخذ شكل "القصيدة" أو "لْقصيد"، ويصاحبه وضع لمصطلحات دالة مثل "الميزان" للدلالة على البحر، و"القياس" على الوزن، و"الحرف" على القافية، و"الصروف" على التّفعيلة.
واستمر تطوير الأوزان والبحور بما لم يعرفه الشعر المُعَرَّب، حَسَبَ المصدر نفسه، على يد شعراء كبار، وكَثُرَت القصائد حتى قيل إنّ "الحافظ لألف وزن فشلان". واعتُبِرَ استعمال الكلمات المُعَرَّبَة الفصيحة عَيْباً أطلقوا عليه "البرص".
ورافَقَ التطوُّرَ في الأوزان والبحور، وِفقَ الجراري، تطَوُّرٌ آخر في أساليب التفنّن في التعبير، ومع التطوير الذي مسَّ الشكل والأداءَ عرف المضمون كذلك تطويرا واسعا ابتداء من القرن التاسع الهجري، فبعدما كانت القصيدة مقصورة على المديح النبوي وما يرتبط به من حِكَمٍ وتَصليّات، جاء الحمري، تلميذ عبد الله ابن احْساين، فقال في الطبيعة قصيدته الربيعية، كما سبق أحد تلاميذه الآخرين محمد بن علي بوعمرو إلى الغَزَلِ الذي لم يكن يومئذ مسموحا بتناوله، وظهرت بعد ذلك موضوعات جديدة مثل "السّولان"، أي الألغاز، والسياسة، ثم القصائد الفكاهية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.