نظم، مساء أمس الاثنين، بالرباط حفل في فن الملحون بمناسبة مرور أربعين سنة على صدور كتاب "القصيدة" لعميد الأدب المغربي الأستاذ عباس الجراري. واستهل هذا الحفل المهدى الى الأستاذ الجراري، مؤسس البحث الأكاديمي في فن الملحون، بتقديم لوحة عبر كيوغرافية اعتمدت سيناريوها مستوحى من مقتطفات من قصائد الملحون ومعزوفات أدتها مجموعة من خيرة العازفين والمنشدين على الصعيد الوطني. وتفرعت عن هذا العمل الفني، الذي حمل اسم "ملحون الوفاء"، ثلاث لوحات تضمنت قصائد "البراقية" للشيخ المكي، و"الكناوي" للشيخ التهامي المدغري، و"مزين وصولك" للشيخ عبد القادر العلمي. وعكس هذا العمل التمازج بين أنماط الأداء التقليدي لقصائد الملحون وبعض تجارب التجديد التي تأسست مع مجموعتي "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة"، وتجارب المخضرمين الذين أولوا اهتماما للجانب الموسيقي في بناء أداء الملحون. وتخلل هذا الحفل الموسيقي، الذي حضره على الخصوص السيدان أندري أزولاي ومحمد القباج مستشارا جلالة الملك، وشخصيات تنتمي الى عالم الفن، إنشاد نسائي لقصيدة "ناكر لحسان" وإنشاد جماعي لقصيدة "الوردة". وعكس الحفل، الذي أخرجه عبد المجيد فنيش، المحطات البارزة في تاريخ صيانة الذاكرة الفنية الأصيلة، حيث قامت هذه الفرجة السمعية البصرية بتوظيف الإنشاد الجماعي والثنائي والثلاثي والتوزيع الموسيقي والتشخيص المسرحي، الى جانب العرض السينمائي، بمشاركة نخبة من العازفين والمنشدين والممثلين من أهم حواضر الملحون في المغرب ومن مختلف الأجيال. وشكلت قصيدة "عيد الأدب" للشاعر محمد الحضري أقوى لحظات هذا الحفل، إذ استحضرت هذه القصيدة - المعزوفة التي أطلق عليها إسم "لحظة الوفاء والاحتفاء"، الأعمال الجليلة التي أسداها الاستاذ الجراري لهذا التراث النفيس. وقد عبر المحتفى به، في كلمة بالمناسبة، عن اعتزازه لكون فن الملحون يرتقي أعلى الدرجات وسط زخم من الفنون الاخرى الموجودة في الساحة الفنية. كما عبر عن افتخاره وهو يعاين "هذا التجديد الذي حافظ على الثوابت في ظل مغرب متجدد بقيادة جلالة الملك محمد السادس". يذكر أن الأستاذ عباس الجراري يشرف داخل أكاديمية المملكة المغربية على لجنة إعداد وإصدار موسوعة الملحون التي تضم أكثر من عشرين ديوان لأبرز شعراء الملحون ابتداء من شيخ الملحون أيام السعديين الشاعر عبد العزيز المغراوي.