من لا يعرف "كيف كيف" وهي الجمعية التي ينضوي تحت لواءها المثليون المغاربة، لا نقول الشواذ، إيمانا منا بان كل ما يحصل في رحم الطبيعة، يعد طبيعيا، وباعتبار أن ظاهرة الميول المثلية لا يخلو منها مجتمع كيف ما كان شأنه وتوجهاته الأخلاقية والعقائدية أو الإيديولوجية، ولا حقبة من حقب التاريخ، أما أشد أنواع الشذوذ فهو ما يتغلغل في الدين والسياسة وربما حتى العجز عن استيعاب النسق الهوياتي أو الزيغ به ليتجاوب مع مصالح تصب في المصلحة بمفهومها الضيق وقد تكون له انعكاسات كارثية على مستقبل المغرب المنظور. "" ظاهرة المثلية الجنسية كانت دوما استثناء يكاد لا يبدو له اثر في النسيج الاجتماعي ومع ذلك فقد كانت دائما موجودا، يتخذ أتباعها مبدأ التقية الشيعي الذي يقول " لو علم سري لقطعته" في المجتمعات التي تواجه هذه الظاهرة بالقمع والمنع، بل بالحكم ضد ممثليها بالموت، كما يحصل في العراق من حملة إعدامات ضد المثليين العراقيين الذين خدعتهم"عودة مظاهر الهدوء الأمني الزائف. وما يحصل في إيران، من اضطهاد مقيت وممارسة "أشكال تعذيب سادية" من بينها إغلاق مؤخرات المثليين ب"مادة صمغية" إيرانية الصنع، وإعطائهم "مادة مسهلة" لمضاعفة آلامهم، حتى الموت المبرح. وهو استثناء يخرج إلى العلن في البلدان التي قطعت شوطا في التسامح إلى الحد الذي جعلها ترخص، زواج المثليين بمقتضى عقود و تبني الأطفال، وتبوء المناصب العليا. بين هذا النموذج وذاك فان الظاهرة في مجتمعنا كانت تكتسي طابع السرية، وترتبط اجتماعيا بنوع من الشفقة باعتبارها حالة لا إرادية و لا اختيارية، لكي لا نقول مرضية وفي أقصى الحالات ترتبط صفة المثلية بكلمة "حاشاك" أي بنظرة الدونية، أو بالعزل الاجتماعي. لكن دون تعذيب أو قتل. وجاءت جمعية كيف كيف التي ما فتئت، تصدم الوعي الجمعي للثقافة المغربية، من خلال خرجاتها إلى العلن وتخريجاتها و تصريحاتها الصحافية ودعواتها إلى إقامة مؤتمرات مثل تجمعها الأخير "الجندر والجنسانية في الثقافة المغربية" ومطالبها التي تتوخى القفز على الشروط الموضوعية التي تتميز بنوع من التسامح ولكن دون السماح بان يكتسح الاستثناء القاعدة، نحن مع الحرية الشخصية ولكن دون أن تعمد إلى المساس بمقومات المجتمع الثقافية، وهو المجتمع الذي لا يستطيع استيعاب هذه الظاهرة، خارج تصورها كتشوهات نفسية أو عضوية . وان المسألة لا تقتصر على ممارسة جنسية غير سوية، بل على فلسفة حياة، يتنازل بمقتضاها البعض عن "ذكورتهم"، ويفضلون أن يعاملوا ك"إناث"..في زمن أصبح فيه للأنثى شأن كبير. سبب هذا السؤال الذي قد لا يروق للبعض، نجد ما يبرره في محاولة الانتقال الصاروخي من حال إلى حال، عن طريق القفز، ومحاولة جعل الاستثناء يحكم القاعدة، "كيف كيف". إن بعض الحرية الذي نتنفسه، يجب أن يتم ترشيد استعماله، لأنه ناتج عن تضحيات جسيمة قدمها مناضلون شرفاء ومعهم كافة شرائح المجتمع المغربي. يجب عدم إساءة استعمال سلاح الحرية لكي نؤمن أنفسنا من مغبة ارتداده إلى نحورنا. وان نحذر من شر المغالاة ومن شر التطرف و الشذوذ كخرجات بعض متسيسي آخر الزمان الذين صار بعضهم يدعونا إلى العودة إلى الالتصاق بحضارة بائدة وسنن سلفها الصالحين،مؤكدين أن شذوذهم مرهم لعلاج كل الأمراض الاجتماعية، وكل إشكالات القرن الواحد والعشرين، في المقابل هناك شواذ آخرون يدعون إلى هندسة تقسيم المغرب إلى طوائف وكيانات قزمية متصارعة وإثارة النعرة الطائفية والعنصرية، وقد كنا بفضل الصدفة التاريخية بمعزل عنها قبل أن تتفتق قريحة هؤلاء العباقرة المهندسين عن اتخاذ حركة اللسان ولهجة التخاطب دليلا على الهوية، وصياغة أطروحات عنصرية هشة من أساسها وتستند على جهاز مفاهيمي يفتقر إلى النزاهة العلمية، والروح الوطنية، ويلزمه دعوة جميع المغاربة إلى القيام باختبار الحمض النووي الريبي لنتأكد ممن ينتمي بالوراثة الجينية سواء إلى جنس الأصيل الذي ينحدر من شيشقان وأكسيل ، أو إلى مختلف الأجناس التي امتزجت بهذا العنصر عبر فترات التاريخ . وحتى إن حصل فان في قلب هذا الوطن متسع للجميع. بهذا الكلام لا نروم التعميم، لكن دافعنا بالأساس التخوف على الأجيال القادمة ومصير بلدنا وقاه الله من شر الشذوذ ومن شر القادم من الأيام.