عبثا يحاول العابثون ويجهد المنحرفون في توطين أفكار شاذة واستدعاء عقائد خاطئة وتوريد سلوكات منحرفة وجلب "قيم" مدمرة، فكل تلك الجهود التي تستنزف الأزمان والأموال سرعان ما تذهب هباء غير مأسوف عليه تذروه رياح الحقيقة الأخلاقية والاجتماعية الضاربة في أعماق المجتمع المغربي المسلم. "" وسفها يقولون حين يَدْعون الإنسان "هذا المخلوق الضعيف" إلى تحد صُنع الله وخِلقة المبدع وسلامة الفطرة وقانون الكون وأسس المجتمع، فإذا بالشذوذ واللواط مثلية وحرية وميول، وحق شخصي صرف ليس من حق المجتمع التدخل فيه بداعي الأخلاق أو الدين أو القانون!!. للأسف علا من بين أبناء مغربنا الحبيب صوت من يطالب بإقرار "حق" الشذوذ والدفاع عنه وعن أصحابه، فكان هذا ديدان دعوة "محمد مقصيدي" في مقاله "المثليون الجنسيون والشواذ السياسيون"، وهي نفسها جزء من عصارة تفلسف "عبد الصمد الديالمي" في عرضه "معركة جنسية بين الشباب المتفجر وفقهاء القانون في المغرب"، وقبلها دعاوى "محمد كوحلال" المتكررة، وآخرها تصريحات "سمير بركاشي" رئيس جمعية "كيف كيف" للشواذ جنسيا بالمغرب، وليت هؤلاء وغيرهم اعتبروا "الشواذ جنسيا" مرضى يحق لهم العلاج ويجب على المجتمع أن يرحمهم ويحتضنهم حتى يشفوا، بل إنهم في أتم الصحة والعافية، وما هذا إلا خيار يدخل من صميم حقوقهم المدنية والثقافية، وبالتالي ينبغي على العقل والقانون والمنطق والدين أن يدركوا ذلك، ولتتغير جميع هذه المرجعيات لصالح ذاك الخيار، ولتذهب قيم المجتمع إلى الجحيم من أجل هذا "الحق" وتلك "الحرية". الشذوذ الجنسي.. أسئلة للتأمل بعيدا عن الفلسفات الإلحادية التي تريد تبرير كل شيء يمت إلى الشهوانية بصلة، وقفزا على السفسطائية التسطيحية التي يزين من خلالها البعض شتى الانحرافات، دعونا نتساءل بمنطق صحيح ونتأمل بفكر سليم: 1-هل كل الظواهر الاجتماعية ينبغي علينا أن نقبلها كسلوكيات وتصورات وممارسات طبيعية وعادية ومقبولة وصحيحة؟ إذا كان الجواب نعم، أفلا نهدد في هذه الحالة النظام الاجتماعي والأسري وطبيعة العلاقات الإنسانية التي تربط مكونات المجتمع الواحد؟ وفي هذه الحالة-قبولنا بمختلف الظواهر الاجتماعية- لما نحارب السرقة والرشوة واغتصاب الأطفال...؟ وإذا كان الجواب "لا"، فما هي الخصوصية التي تدفع البعض إلى اعتبار الشذوذ الجنسي، مادام سلوكا منحرفا، استثناء يجب القبول به؟ 2- وهنا قد يقول قائل بأنه خيار فردي وحرية شخصية، حينها حق لنا أن نستغرب ونتساءل: فمن جهة هل اقتحم أحدٌ على أحدٍ خلوته في بيته ليطلع ما يفعل وكيف يأكل وماذا يشاهد وما نوع الجنس الذي يفضل؟ لو فعل الأول في وقت حافظ فيه الثاني على سلوكه الخاص داخل مجاله الخاص لاعتبرناه فعلا تعسف وتدخل في حرية شخصية ورغبات خاصة. ولكن يعلم الجميع أن واقع الحال بخصوص دعاوى الشذوذ والشواذ يتجاوز كل ذلك، ليصبح جمعيات تُؤسس وحقوق تُنتزع وتكتل اجتماعي ودعوى لتكييف منهجنا الجماعي في الحياة مع هذه "الحرية الفردية"، فهل لأحد بعد ذلك أن يغالط ويتحدث عن حرية شخصية بل إننا حينها في صميم نمط العيش وأسس المجتمع ونوع الأسر ومنهج الحياة. ومن جهة ثانية، إننا نعيش في مجتمع ونحيا جماعات في الأسرة والعمل والشارع والمسجد والمدرسة. لكل واحد منا حريته التامة في اختياراته الخاصة ولكن دون أن يعتدي على حرية وحقوق الآخرين، وإذا كنا جميعا نرفض الاعتداء المادي على حرية الآخر، فما بال بعضنا يريد لنا أن نقبل بالاعتداء على حقوقنا المعنوية والشعورية والقيمية. من قال وقرر بأن مظهر تقبيل شاب لشابة في الشارع العام (هذا الذي يتمناه مقصيدي ويفلسفه الديالمي) وانخراطهما في مقدمات السفاح لا يُؤذِي؟ وهل أصبح عادي أن يخرج الواحد وأمه وأخته وزوجه وابنته ليرى هذا المظهر المقزز ويقفوا جميعا للتأمل ثم ينصرفوا وهم مسرورين فرحين؟! فما بالكم بالشذوذ، مالكم كيف تحكمون. 3-وما دمنا نتحدث عن مزاعم "الحرية الشخصية" للشاذ جنسيا دعونا نقف، ولو على عجل، عند البعد الفلسفي للحرية. من قال بأن الحرية هي أن يفعل الواحد ما يريد؟ وإلا فلمَ نتأفف عندما يزعجنا الجيران بالصوت العالي للمسجلة في الواحدة والثانية وليلا، ولمَ نستهجن سلوك صاحب الدراجة النارية حين يمر في الشارع بسرعة جنونية، وما بالنا نمقت من يبيع سم المخدرات لأبنائنا، فهؤلاء جميعا -وِفق هذا المنطق الغريب- يمارسون الحرية؟ قد يقول قائل بأن هذه النماذج يشترك فيها "الاعتداء المادي" لفرد على حقوق وحريات الآخرين، وهو كذلك، لكن وهذا هو الجوهر الذي نتحدث فيه وأشرنا إليه، لماذا يراد لنا أن ندافع فقط عن حقوقنا المادية دون حقوقنا المعنوية، هذه الأخيرة التي تعني فيما تعني عدم تطاول فرد ما على قيم وثقافة وأعراف وهوية "المجموع"؟. وإلا فإنه وكما للفرد حرية فإن للجماعة حق، فبأي حق نقبل حرية الأول ونهضم حق الثانية؟ وفي المقابل لمَ نخضع لقواعد قانونية وضوابط اجتماعية وتقاليد عرفية تؤطر العلاقات والسلوكيات العامة؟ فتجدنا نقف للضوء الأحمر ونحترم الرجل المسن ونحترز أن نتلفظ بالكلام البذيء ونهبُّ غيرة إذا أسيئ لأخواتنا أو بنات جيراننا... فلنخرقها جميعا إذا باسم الحرية ولننتقل للحياة الفوضوية دون نظام ينتظم حياتنا وعلاقاتنا، وليفعل من شاء ما شاء ومتى شاء!!. ليست الحرية أن تفعل ما تريد بل أن تفعل ما يجب. وما يجب هو ممارسة الحرية في إطار من احترام حريات الأفراد واحترام حقوق المجتمع، إذ لا يمكننا أن نهدم أصول المجتمع وقيمه وما تعارف عليه الناس ونتجاوز صريح دينه بدعوى "الحرية الفردية"، وإلا فإنها حرية ظالمة لحقوق الآخرين أفرادا ومجتمعا. ولذلك تحدت فلاسفة الإسلام عن "عدل الحرية". ثم إن هذه الحرية المتحدث عنها ألا ينبغي أن تمارس في إطار من الديمقراطية، والديمقراطية تعني فيما تعني حكم الأغلبية، فالأغلبية المغربية المسلمة ترى في الشذوذ الجنسي وسائر العلاقات المحرمة سلوكات منحرفة غير مقبولة. فلماذا تريد أقلية الأقلية تجاوز الديمقراطية باسم "الحرية"؟ 4-وسؤال رابع يطرح على دعوى "الحق الكوني" في إشارة إلى المرجعية الكونية، أي حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا وكما يراد "كونَنَتُها" من قبل البعض لتلغي كل التمايزات والفروق والخصوصيات. لسنا في حاجة لأن يزايد علينا أحد في مسألة حقوق الإنسان، لكن الخلاف مع أصحابنا هؤلاء قائم حول التناقض الصارخ والواضح والذي لا لبس فيه بين ما تريد هذه "الكونية" فرضه علينا في تجاوز "للخصوصية" وهذا هو النقاش الحقيقي. إذ لم يقل أحد بأنه ضد حرية التعبير أو حق الانتماء السياسي أو حرية التملك أو التجول أو الحق في الحياة... إلى ما هنالك من مختلف هذه الحقوق، ولكننا نقول: لماذا تريدون للمغاربة أن يتبنوا النظرة الغربية للرجل والمرأة والتي تلغي كل الفروق إلى الحد الذي يصبح فيها الاثنان وكأن لا فرق بينها في الحالة الفيزيولوجية أو الوضع الاجتماعي أو التمايز في الأدوار والوظائف من أجل التكامل؟ وبالتالي ومن باب أولى لماذا تريدون للمغرب أن يقفز على مرجعيته الإسلامية الواضحة لصالح مرجعيتكم الكونية في موضوع الشذوذ الجنسي؟ فإذا كانت بعض مجتمعات الغرب لا تناقض لديها بين هذا "الحق" وبين "قيمها"، فما بلكم ترغبون في فرض ذلك علينا والتناقض عندنا أوضح من الوضوح؟ ثم ما بال هذه الكونية تراد لنا فقط، بل وتفرض علينا رغما عنا، فيما يخرب مجتمعاتنا (الجنس، الشذوذ، المخدرات، تجارة الأطفال والنساء...) أما ما ينفع مجتمعاتنا فلا تفرض علينا ولا هم يحزنون بل ولا تعرض علينا أصلا (التقدم العلمي، التصنيع، التفوق العسكري، الديمقراطية السياسية...)؟. 5-ثم إني أتعجب من البعض الذي يقول بأن الاستبداد السياسي مرض والاحتكار الاقتصادي مرض والشذوذ الجنسي صحة!!، أقصد فكما أنه ليست كل الظواهر السياسية والاقتصادية صحية بل بعضها مرضي وبعضها الآخر سليم، فنفس المنطق يسري على الظواهر الاجتماعية. أي فكما أن الديمقراطية مقبولة والاستبداد مرفوض، والتوزيع العادل للثروات محبوب والاحتكار مكروه، فكذلك الأمر بالنسبة للظواهر والممارسات الاجتماعية ومنها الجنس. ففي علاقاتنا الاجتماعية التعاون مطلوب والتحاسد مرفوض والتعايش مع الغير قوة والانعزال ضعف، وهو نفس المنطق الذي يسري على العلاقات الجنسية، فهي محبوبة بين الرجل والمرأة في إطار الزواج ومقززة مستهجنة مخالفة للفطرة دون ذلك وخلاف ذلك. وإلا فما الداعي إلى استثناء الزنا واللواط والشذوذ عن هذا المنطق الذي ركبه الله فينا، وهو أن نستحسن الحسن ونستقبح القبيح؟. المرجعية العليا.. حسم واضح دعونا ننتقل، بعد هذه الأسئلة التأملية التي نتمنى أن نفكر فيها بروية ومنطق وعقل وفطرة، إلى الحديث من زاوية ثانية رغم أنها كثيرا ما تحرج أصحابنا ولكنها ضرورية ومصيرية وحاسمة بالنسبة لنا معاشر المغاربة المسلمين. الدين.. نعم ديننا الإسلامي الذي ارتضاه ربنا لنا، أين هو من كل ذلك؟ أليس له قول وحكم في هذا؟ إن كان له، فما بل مقصيدي والديالمي وكوحلال وبركاشي يريدوننا أن نقفز عليه ونتجاوزه ونصم آذننا عنه؟ وإن فعلنا، فإني أتساءل، بكل براءة، ما معنى أننا مسلمون إن كنا سنرد حكم الله على الله لأنه لا يناسب هوانا؟ أصحابنا يهربون من هذا النقاش لأنه يحرجهم، بل دعونا نقول لأنه يجعل الإنسان على المحك الحقيقي، الشهوة والجنس والشذوذ من جهة والدين والدنيا والآخرة والحساب من جهة أخرى، وهو مطالب-الإنسان- بأن يُخضع شهوانيته لصريح دينه بل قل عقله وفطرته وإنسانيته. لا يا أخي.. لم نبتعد عن الموضوع، فنحن باعتبارنا مسلمون موقنون أن بعد هذه الدنيا التي نحياها آخرة للحساب بين يدي من خلقنا فجنة أو نار، (أسأل الله تعالى أن نكون جميعا من أهله وأهل جنته). وإذا فأنا المسلم ملزم في الدنيا بتكاليف وأحكام، إذ لم يخلقني ربي عبثا في هذا الكون بل حدد لي غاية وجعل لي منهاجا وحمَّلني رسالة، ولست تائها إلى هذا الحد الغريب: أيحق لي، وأنا مسلم أدين بالعبودية لله، أن أمارس الشذوذ أو أدافع عنه؟ ولا حرج في ذلك ولا تناقض، إذ يمكنني أن أصلي الجمعة –وأنا رجل- ثم ألتقي ب"شقي الثاني" –رجل-!، أو أصوم في نهار رمضان لأعاشر شاذا بالليل! أو أحدث أبنائي عن تعاليم الدين، ومنها حرمة الزنا بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج فبله بالشذوذ، ثم أقول لهم بأنهم أحرار في اختيار "ميولاتهم الجنسية"! أو أجلس والوالد والوالدة وأفراد العائلة لنستمع لحديث قال الله وقال رسول الله ثم ننهيه بانصراف كل منا لممارسة السحاق أو الشذوذ أو الزنا!. غريب، حقا غريب هذا "الإسلام" الذي يمكننا في داخله أن نجمع بين هذه المتناقضات والمتضادات، وليس فقط في السلوك بل في القناعة والتصور والإحساس الداخلي العميق. وتصوروا معي هذا المجتمع المغربي المسلم الذي يرفع يديه بالدعاء والتأمين والبكاء وراء "القزابري" ثم يأتي ليشاهد على شاشات التلفاز برنامجا للشذوذ ليتحدث لنا فيه "الديالمي" أو "مقصيدي" عن هذا الحق الكوني الإنساني الرائع! أو لنستمع للشواذ أنفسهم ليحدثونا عن جميل شعورهم ورقة إحساسهم أثناء ال.... لا حولا ولا قوة إلا بالله، والله إنه لمقزز هذا الحديث ومنفر هذا الكلام وإني لأعتبر نفسي أخوض في صغائر الأمور ولم أكن أتصور بأن يصل بنا مستوى النقاش في المغرب هذا الحد من الدونية. ولكنها الضرورة التي تدعوا إلى النزول لسفاسف كهذه حبا لأبناء هذا الوطن، علَّ بعض العقول "الشاردة" تفهم والفطر "السكرانة" تستفيق والقلوب "الميتة" تحيى وتحن إلى صبغتها التي صبغها الله عليها. إن حكم الإسلام في الشذوذ قاطع وواضح لا لَبس فيه، قال خالقنا جل جلاله: "كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ، قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ، قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ، رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ، فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ، ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ، وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ". (الشعراء الآية 160-175). وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه "الذي عمِل عمَل قوم لوط فارجموا الأعلى والأسفل وارجموهما جميعاً". فهل لنا بعد ذلك أن نختار على اختيار الله ونستدرك عليه سبحانه، أو نبتغي غير سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أي ذرائع وهمية؟. إن الشذوذ الجنسي، وبهذه الحدة التي يُفرض علينا اليوم، ممول دوليا ومدعم خارجيا من جهات لا رادع لها من أخلاق أو دين أو قيم أو عقل، وإن الشذوذ الجنسي لَهو واحد من أخس منتجات الحضارة الغربية الحديثة (أقصد شرعنته قانونا وتبنيه كجزء من النظام الاجتماعي والإنساني)، تلكم الحضارة التي أفقدت الإنسان معناه وأوردته مهاوي الحيرة والتخبط والشيئية واللامعنى. وفي بلدنا فجمعية "كيف كيف" لاقت دعما دوليا قويا إبان تأسيسها في 27 يونيو 2007، خاصة من قبل "التنظيم الدولي للشواذ والسحاقيات"، بل إن تنظيما سويسريا يحمل اسم "best homo"، والذي يعد من أبرز التنظيمات الداعمة لشواذ المغرب ماديا ومعنويا، خصص مبلغ مليون يورو لتنظيم الاحتفال بتأسيس الجمعية ساعتها. وغير خاف أن ذلك يأتي ضمن خطة استراتيجية متعددة الوسائل ومتنوعة الأدوات تستهدف المغرب وكل العالم الإسلامي، من أجل توطين هذه السلوكات والقناعات التي تنخر في مجتمعاتنا وتدفعنا دفعا نحو هاوية التفتت الاجتماعي والخراب القيمي. والأعجب من العجاب، في دعاوى الشذوذ وأدعيائه المدافعين عنه، هو ادعاء البعض أن الشاذ خُلِقَ هكذا حاملا لهذا الميول الذي لا فكاك له عنه، وبالتالي فلا ينبغي على المجتمع ظُلمَه تحت أي مسمى. إذ لو صح ذلك لكان الأحق بتقديره هو من خلق هذا الإنسان، ولأن الأمر ليس كذلك فقد عاقب الله تعالى- وهو أرحم بعباده من رحمة الأم بوليدها- اللواطيين أشد العقاب حين جاهروا بمعصيتهم وتحدوا بها أمر الله، وذلك لأن هذا السلوك انحراف بكل المقاييس وخروج عن الفطرة التي فطر اللهُ الناسَ عليها "أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ". خلاصة القول إن الشاذ جنسيا إنسان مريض ينبغي أن يعالج وعلى المجتمع أن يمنحه هذا الحق، وفعلا علينا ستره والتدرج به للعودة إلى الحالة الفطرية الطبيعية، وعلى الأطباء وعلماء الاجتماع والدعاة إيجاد الصيغ الملائمة التي تسترجع هؤلاء الأفراد الذين انحرفوا عن "حسن نية" إلى سرب "سلامة الفطرة"، أما من يدافع عن ذلك كحق ينبغي إقراره والاعتراف به كلون واختيار وسلوك عادي، فيلزم دينا وفطرة وعقلا ومصلحة فضحه ومقاطعته وعزله. وشخصيا يمكن أن أفهم، وإن كنت لا أبرر، ذاك الشاب الذي ينحرف في علاقات مع فتاة، أو تلك التي يغويها أحدهم بكلامه المعسول المسموم، وتلكم الحالة "شبه العامة" من الانحراف السلوكي في العلاقة بين الجنسين عند كثير من شباب وشابات مغرب اليوم، لكني أجزم بأن هؤلاء جميعا مقتنعون بأنهم يخطئون في حق أنفسهم وغيرهم، ويرتكبون ما ليس لهم بحق، لأن الأسس التي تربوا عليها ورضعوها مع لبن الأم وحنو الأب تحرم تلك العلاقات خارج إطار الزواج وترفض ذلك. أي أن هذا الذي نشاهده اليوم هو خطأ سلوكي وليس انحراف فطري. إذ عندما تَتحدَّثُ مع أغلب من يسلكون هذا المسار الخاطئ تجدهم يمقتون ذاك الفعل ويتمنون التوبة والخلاص منه، وديدنهم في ذلك قول الإمام الشافعي: أحب الصالحين وليست منهم**أرجو أن أنال بهم شفاعة وأكره من تجارته المعاصي**ولو كنا سويا في البضاعة أما الدفاع عن الشذوذ وتبريره تحت أي العناوين والشعارات فهو الخروج الأكيد عن الفطرة السوية، والانمساخ الممقوت عن الخِلقة الجميلة، والمناقضة التامة لمقتضات العقل والمنطق، والانحراف الخطير عن الحكمة التي جعلتنا -معاشر الرجال- والنساء شقين لنتكامل في وحدة منسجمة، وفوق كل ذلك مناقضة صريحة لحكم القرآن وقول المصطفى العدنان وتحد خاسر لإرادة الله فينا. في الأخير أدعوا الجميع للتأمل في هذه الآية الجميلة التي تطرب لها النفس السوية: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم- 21)، وللتفكر في هذه الآية الجامعة التي ترنو لها الفطرة السليمة "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ" (النحل-72). اللهم لا تجعلنا ممن يؤمنون بالباطل ويكفرون بنعمتك، ورضِّنا بما قسمت لنا في الخَلق وأعطنا أفضل ما أردت لنا في الخُلق. اللهم ادفع عن شبابنا كل الفتن والأهواء والأشياء التي تغضبك وتبعدنا عنك وتضرنا في الدنيا والآخرة. آمين. [email protected]