بدأت أوجه الاختلاف بشأن النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة تتبدى أكثر فأكثر من خلال اللقاءات التي تنظمها اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة للاستماع إلى الهيئات المعنية، والتي انطلقت منذ يوم الأربعاء إلى اليوم الجمعة، وأظهرت أنه بينما هنا اتفاق على ضرورة التعديل في قضايا الزواج والطلاق والولاية الشرعية والحضانة والنفقة، فإن الاختلاف الأكبر يكمن في قضايا الإرث والتعدد. وفي الوقت الذي تطالب فيه جمعيات بمنع تعدد الزوجات وتعديل مقتضيات الإرث ضمانا للمساواة بين الجنسين، تطالب أخرى بالإبقاء على التعدد لكونه "مكنة الشرعية"، وترى أن "الإرث ثابت لا يمكن المس به". وفي هذا الصدد، قالت بثينة قروري، رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، الذي استقبلته اللجنة اليوم الجمعة، إن "مرجعيتنا في التعديل هي المرجعية التي أكد عليها جلالة الملك في خطابه ورسالته إلى الحكومة، وأيضا خطاب افتتاح البرلمان. هي المرجعية الإسلامية بفهم متجدد وأصيل وعميق، ومن منطلقات الواقع الذي تعيشه المرأة المغربية والتطبيقات التي تعرفها المدونة الحالية". وأضافت قروري، ضمن تصريح لهسبريس على هامش اللقاء المغلق، أن "مطالبنا ليست تعديلا شموليا، بل تعديل جزئي حدده جلالة الملك في الرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة، ويتعلق الأمر بالإشكالات ذات الطبيعة القانونية". وتابعت قائلة: "الإرث ثابت من الثوابت لا يمكن المس به، لكن اقترحنا تعديل الفصل 322، أي قبل اقتسام التركة ينبغي أن يحتسب ما حققته المرأة من خلال كدها وسعايتها في الأموال المشتركة"، مضيفة أن "التعدد أمر حلال ونسبة ممارسته 0.66 بالمائة من أذونات الزواج، وبالتالي هو مكنة شرعية ممارستها ضيقة لا يمكن أن نمنعها، فهناك أزواج تكون زوجاتهن مريضات ولا يرغبن في التخلي عنهن". وتحدثت قروري عن مختلف التعديلات التي طرحها المنتدى على أنظار اللجنة، قائلة: "نقترح تعديلات مرتبطة بتبسيط مسطرة الزواج، وأخرى مرتبطة بالفصل 47 من خلال قاعدة قانونية هي الكد والسعاية، وهو ما تعارف عليه عدد من الفقهاء المغاربة على مر التاريخ، ثم مقترحات مرتبطة بالولاية والحضانة، خاصة في الشق المتعلق بتعسف الزوج". من جانبها، قالت خديجة الروكاني، عضو تحالف ربيع الكرامة الذي استقبلته اللجنة كذلك: "قدمنا اليوم مذكرة مطلبية تعكس تصورنا لمدونة أسرة عصرية، حداثية، ديمقراطية تحقق المساواة بين أفراد ومكونات الأسرة، وتضمن حقوق الطفل انطلاقا من مبدأ المصلحة الفضلى للطفل". وأضافت الروكاني ضمن تصريح لهسبريس: "بسطنا مقترحات دقيقة تتعلق بجميع المواضيع التي تعالجها مدونة الأسرة، سواء مفهومنا للزواج القائم على المسؤولية المشتركة، أو مفهوم الخطبة، أو مفهوم الطلاق والتطليق الذي يتعين أن ينحصر في مسطرتين اثنتين، إما الطلاق الاتفاقي أو الطلاق بطلب من أحد الزوجين، وكيفية تحديد النفقة وكيفية تنفيذها، ومسؤولية الدولة في التنفيذ عندما يتعذر على المرأة ذلك". وشددت الروكاني كذلك على ضرورة "منع التعدد، ومنع وتجريم تزويج الأطفال بصفة عامة، وأيضا إنصاف النساء وحذف جميع مقتضيات التمييز التي تنظم الحضانة، إضافة إلى منظومة المواريث وما يتعلق بالتعصيب والوصية"، مطالبة ب"فقه متنور".