بعيدا عن المشكل القائم حاليا في حي بنكيران، الذي سيمر كسحابة عابرة مع وجود ساكنة بمستوى وعي كبير، تعرف ما لها وما عليها، ولديها ثقة في القضاء بأن يقول كلمته في الموضوع مع قادم الأيام إن شاء الله. دعوني أحدثكم وأعرفكم عن حي ليس ككل الأحياء الشعبية، حي بنكيران المعروف عندنا في طنجة ب "حومة الشوك". حي ربما لا يعرفه معظم من يقرؤون هذه السطور، رغم أن الحي عمره عقود من الزمن، حي تطور شيئا فشيئا، إلى أن أصبح من أشهر الأحياء وأكبرها في مدينة طنجة، اجتماعيا واقتصاديا... وفي كل المجالات، حي مزيج من الماضي والحاضر، شاهد على طنجة منذ أن كانت نبتة صغيرة إلى أن أصبحت طنجة العالمية، ثاني قطب صناعي بالمغرب، هذا الإنجاز حي بنكيران شريك فيه بنسبة كبيرة كباقي أحياء طنجة، فحي بنكيران تقطنه نسبة كبيرة من اليد العاملة، سواء من أبناء المدينة أو خارجها، ولطالما كان حي بنكيران صدرا رحبا لكل شباب المغرب الذين قصدوا طنجة من أجل العمل وتحسين وضعيتهم الاجتماعية والمادية. أزقة حي بنكيران تحمل أعمق الدلالات على روح التسامح وثقافة التعايش، بل ستجد سلوك التعايش على أرض الواقع بكل عفوية، فلا فرق بين الجميع، ساكنته لا تلقي بالا إلى لون أو عرق أو جنس، صادقة في الوجع قبل الفرح، لا همّ يشغلها إلا الكرامة والانتساب إلى الحي فخرا وانتماء، فالأصيل لا ينكر أصله بإيجابياته وسلبياته، هذا التعايش الذي حاول المشككون تزييفه وتشويهه، وزرع بذور الشقاق والنفاق بين أهاليه، إلا أنهم لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا، فنفحات الخير زرعناها في هذا الحي منذ عقود وهي ثابتة في النفوس وراسخة في القلب لا تمحى. في حي بنكيران تجد قيم المجتمع المغربي المتضامن مع بعضه بعض، في المناسبات والأفراح وفي الشدائد والأحزان. في حي بنكيران تجد الأزقة تداخلت وتشابكت، والمنازل تجاورت والتصقت سطوحها وامتدت بثبات يسند بعضها بعضا. في حي بنكيران تجد الأبواب مفتوحة والأولاد يلعبون في الأزقة مطمئنين يمرحون بسلام، فالجيران على عهد المحبة والألفة مترابطون، والأمهات لهن كل الاحترام في الحي، والشيخ الكبير له مكانته أيضا واحترامه، هكذا تربينا على قيم الاحترام والتسامح والتعايش، وهي فطرة الشعب المغربي. في حي بنكيران تجد الشعراء والكُتاب والمثقفين ورجال القانون والتجار والدكاترة والباحثين وطلاب العلم وحفظة القرآن الكريم، حي يزخر بخيرة الشباب والشابات، كفاءات مغربية في مختلف المجالات، تعمل من أجل راية الوطن ووحدته الترابية من طنجة إلى الكويرة. ركزنا في هذا المقال القصير على الجانب الإيجابي لحي بنكيران، وتبقى بعض السلبيات أمرا واقعا يعيشه الحي كباقي الأحياء الشعبية المغربية.