شاهدت جبهة البوليساريو ب"كثير من الحسرة" وثيقة الاتفاق بين سانشيز وتحالف "سومر" المكونة من 48 صفحة لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وهي لا تتضمن شعارات يولاندا دياز الانتخابية لدعم أطروحة الانفصال. ولم يرد ذكر قضية الصحراء المغربية في نقاط الاتفاق المعنون ب"إسبانيا منفتحة على العالم وبصوتها على المسرح الدولي"، على الرغم من المشاحنات السياسية التي أطلقها تحالف "سومر" ضد المملكة المغربية، وضد موقف مدريد من دعم مخطط الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، ووعوده ب"إحداث تغيير في الموقف". وانتقل تركيز يولاندا دياز، التي وضعتها أصوات البوليساريو في مكانة "البطل المنقذ"، من التشكيك في العلاقات بين مدريد والرباط وضرب الموقف الإسباني من قضية الصحراء إلى الاهتمام بالشأن الاقتصادي الداخلي من خلال تضمين ملف خفض ساعات العمل، الذي يبقى احتمال إقراره "لحظة تاريخية في الجارة الشمالية". ويبقى الإنجاز الوحيد الذي تعتقد قيادة الرابوني أنها حققته من انتخابات إسبانيا هو دخول صوتها في شخص الشابة تشي سيدي إلى مجلس النواب، على الرغم من غياب صوتها وتأثيرها إلى حدود اللحظة "كما كان متوقعا". إلى ذلك يضع سانشيز لبناته الأخيرة لتشكيل حكومة طال انتظارها، وحدا لطموحات قيادة تندوف وقصر المرادية في تغيير موقف مدريد السيادي من ملف الصحراء المغربية عبر قنطرة استغلال المعارك الانتخابية المجهولة الوجهة. اليمين نفسه تخلى عن وعوده عبد الحميد البجوقي، كاتب ومحلل مختص في الشأن الإسباني، يرى أن " فيخوو نفسه تخلى عن وعوده الانتخابية، واتصل بانفصاليي كتالونيا من أجل تطبيع العلاقات مع الأحزاب القومية". وقال البجوقي لهسبريس إن "سومر الذي يشارك اليوم في الحكم ليس هو ذاك التحالف اليساري المتطرف في الانتخابات، وفي الوقت الراهن لن يكون ضد الأحزاب الاشتراكية الأخرى". وأضاف أن "المزايدات الانتخابية طبيعية، وما كانت تقوله دياز كان الهدف منه هو الوصول إلى أكبر عدد من الناخبين، وفي الواقع فسومر لا يستطيع تغيير السياسة الخارجية لمدريد التي ستبقى كما هي". "السياسة الخارجية في الجارة الشمالية لن تتغير في الحكومة القادمة، خاصة تجاه موضوع الصحراء المغربية، ويولاندا دياز فهمت أن ما يربط المملكتين ليس مجرد مواقف، بل مسألة جيواستراتيجية محضة واقتصادية مرتبطة بالأمن القومي الإقليمي والعالمي"، يوضح المحلل المختص في الشأن الإسباني. وتابع قائلا: "سومر والحزب العمال الاشتراكي كانا قبل دخول المعركة الانتخابية مختلفين تماما، وفور بدء العملية وحدا جهودهما، حتى أن دياز قامت بمهمات حرجة ك"التفاوض مع بودجيمون في بروكسيل"، مما يعني أننا أمام تحالف قوي للغاية". وخلص البجوقي إلى أن "تشكيل الحكومة في المستقبل بإسبانيا ليس مستعجلا لأن تحالف دياز وسانشيز يخاف من حدوث أي مستجد قد يؤثر على عملية المفاوضات مع الانفصاليين، ويبقى الهدف هو إقرار قانون العفو العام والتركيز على العناصر الاجتماعية كخفض ساعات العمل". أولوية تشكيل الحكومة من جانبه، بين العمراني بوخبزة، محلل سياسي مختص في الشأن الإسباني، أن "اليسار في إسبانيا له أولوية تشكيل الحكومة وتجنب سيناريو إعادة الانتخابات". وأضاف بوخبزة لهسبريس أن "هاته الأولوية تفرض وجود تنازلات من قبل الأطراف قصد الوصول إلى حد أدنى من التفاهمات حول القضايا الشائكة". وأوضح أن "سانشيز يعي جيدا أن إبقاء علاقات متقدمة مع المملكة المغربية سيعطي مدريد مستقبلا كبيرا، وهو ما يتجلى بشكل أكبر في تنظيم "مونديال 2030′′، وهذا درس تعلمه تحالف سومر". واستطرد قائلا: "دياز تعلم أنها لا تستطيع تغيير الموقف الإسباني، لذا تضع أولوياتها من خلال الحفاظ على سير تشكيل الحكومة".