عبد الحميد البجوقي: الموقف الإسباني تجاه ملف الصحراء المغربية "أصبح واقعا لا رجعة فيه" بعد فشل ألبرتو نونيز فيخو، زعيم الحزب الشعبي للمرة الثانية، في الحصول على الأصوات التي تمكنه من تقلد منصب رئيس الحكومة الاسبانية المقبلة، يفتح الباب أمام بيدرو سانشيز لتشكيل الحكومة الإسبانية لولاية ثانية. وبحسب مختصين في الشأن الإسباني، فإن مسار الزعيم الشعبي، كان يقوده منذ البداية إلى الأفق المسدود، لعدم الاتفاق جملة وتفصيلا مع سياسيات الأحزاب اليسارية، أو من خلال جولات المفاوضات مع باقي الأحزاب الأخرى. وتعليقا على الموضوع، قال عبد الحميد البجوقي، كاتب ومختص في الشأن الإسباني، إن "إخفاق زعيم الحزب الشعبي ألبرتو نونييز فيخو، في الحصول على أغلبية برلمانية لرئاسة الحكومة كان منتظرا سواء في الدور الأول أو الثاني". وأضاف البجوقي، ضمنَ تصريحه ل"العلم"، "في إسبانيا يسود نظام الملكية البرلمانية الذي يحتاج فيها المكلف بتشكيل الحكومة من طرف الملك، الحصول على أغلبية مطلقة، أي 176 صوت من 350 مقعد برلماني في الدور الأول، وبأغلبية عادية في الدور الثاني"، مبرزًا أن فيخو الذي فاز بأكبر نسبة من المقاعد البرلمانية ب 137 مقعدا في انتخابات 23 يوليوز الماضي، وحظي بدعم غير مشروط من طرف حزب فوكس اليميني المتطرف، الذي حصل على 33 مقعدا، اصطدم برفض مبدئي للأحزاب الجهوية في كاتالونيا وجهة الباسك والتي تحولت في هذه الانتخابات إلى مفتاح تشكيل الحكومة والحصول على أغلبية الأصوات في البرلمان خلال الدورتين. وأوضح المتحدث، أن"دعم حزب فوكس اليميني المتطرف، جعله رهينة في يد هذا الأخير وعائقا للحصول على دعم اليمين الجهوي الباسكي، الذي يعتبر التحالف مع اليمين المتطرف المعادي للجهوية الموسعة خطًّا أحمرا". وتابع، "من الناحية الدستورية تبقى للملك صلاحية تكليف مرشح جديد لتشكيل الحكومة والحصول على دعم البرلمان، وسيأتي التكليف الملكي المنتظر بعد جولة من المشاورات سيجريها الملك مع زعماء الأحزاب البرلمانية ابتداء من اليوم الاثنين، والتي من المنتظر أن تسفر هذه المرة عن تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال الاشتراكي بيدرو سانشيز كزعيم لكتلة ائتلافية تضم تحالف سومر وريث حركة بوديموس الذي تقوده نائبة رئيس الحكومة الحالية يولاندا دياز، ودعم أحزاب جهوية يسارية ويمينية من جهة الباسك وكاتالونيا مقابل إصدار قانون للعفو العام على كل المتابعين في الاستفتاء على استقلال كاتالونيا غير القانوني في أكتوبر سنة 2017 وفي مقدمتهم رئيس جهة كاتالونيا في حينه وزعيم حزب " جميعا من أجل كاتالونيا" اللاجئ في بلجيكا بويج دي مونت". وشدد، على أن هذه المشاورات، ستجري في إطار، "التفاوض حول توسيع الصلاحيات الجهوية والتوافق على تعديل دستوري يسمح مستقبلا بتنظيم استفتاء تقرير المصير مستقبلا".
وأشار البجوقي، في ذات السياق، إلى أن "كل المؤشرات تؤكد على أن الزعيم الاشتراكي وافق على الشرط الأول رغم رفض الجناح المحافظ في الحزب الاشتراكي، واستحالة تحقيق الشرط الثاني المتعلق بالاستفتاء لن تكون عائقا في دعم الأحزاب الانفصالية لحكومة ائتلافية يتزعمها الاشتراكي بيدرو سانشيز مقابل توسيع صلاحيات الحكومات الجهوية في جهة الباسك وكاتالونيا واستعادة الاستقرار ورفع المتابعات". وفي سياق إعادة تنصيب سانشيز للمرة الثانية، وتداعيات التحالف الحكومي الإسباني المقبل على ملف الصحراء المغربية، أكد البجوقي، على أن فشل سانشيز في الحصول على موافقة البرلمان لتشكيل حكومته سيؤدي بموجب الدستور إلى دعوة الملك إلى إعادة الانتخابات، ولو أن هذه الفرضية مستبعدة نظرا لتراجع الأحزاب الجهوية والانفصالية في الانتخابات الأخيرة. وأبرزَ المتحدث، أن انعكاسات هذه "النتائج على ملف الصحراء المغربية، لن تؤثر سلبا على الموقف الاسباني الجديد من هذا الملف"، مضيفًا أن "استمرار حكومة سانشيز يعني استمرار الموقف الإسباني كما هو الآن". وفي سياق متصل، قال البجوقي إن، "احتمال حدوث انتخابات جديدة وفوز محتمل لتحالف اليمين لن يؤدي إلى تغيير الموقف الاسباني، لأنه موقف دولة ترسخ بفعل المصالح المشتركة بين البلدين وأهميتها الاستراتيجية المتزايدة"، مشيرًا إلى، أن "فيخو أثناء عرض برنامجه الحكومي في جلسة ترشيحه لرئاسة الحكومة يوم 26 شتنبر أشار لموضوع الصحراء مرة واحدة فقط، وبشكل عابر مقترحا تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في أسباب الموقف الاسباني الجديد من ملف الصحراء المغربية". وأجمل المتحدث، "ما يعني أن الموقف الاسباني أصبح واقعا لا رجعة فيه، وأن الحزب الشعبي لا يناقش جوهر القرار ولا يدعو لمراجعته، وتشكيل لجنة لمناقشة أسباب القرار تروم أساسا تثبيته بصفة نهائية".