تعلمنا الفواجع سلوكيات وعبرا، لكن فاجعة مثل زلزال الحوز علمتنا فوق ذلك أسماء لم ننطقها وربما لم نسمعها من قبل، إذ لا حاجة للدال إن توارى المدلول. أسماء قرى وأشخاص ومناطق وجد مراسلو الإعلام العالمي صعوبة في نطقها وهم يصفون قصصا إنسانية تكشف حجم المأساة بين جبال الأطلس الكبير، وأخرى تكشف حجم تعبئة مغاربة ومعهم بضعة أجانب لإنقاذ أهاليهم. تعلم كثير من المراسلين الأوروبيين أو كادوا نطق حرف الحاء، وهم يرددون يوميا عبارة "زلزال الحوز". وإذا كان من الطبيعي أن يجد أجنبي صعوبة في نطق أسمائنا فإن الغريب هو أننا كمغاربة اكتشفنا جزءا كبيرا من أسمائنا مع الفاجعة؛ فدقائق بعد الكارثة تعرف عدد كبير منا على "إغيل"، مركز الزلزال، التي قفزت في غفلة من النسيان والجبال المحيطة بها إلى واجهة الشاشات والصفحات الأولى للمواقع الإخبارية التي رددت اسمها وهي تنقل بيانات مراكز الرصد عن الزلزال الذي أخرج سكان مدن كالرباط والدار البيضاء وفاس من منازلهم، بينما استحال على عدد من سكان قرى "أمزميز"، وهو اسم آخر تذكرناه، الخروج منها. كم منا كانوا يعرفون قرية "تيخت" مثلا؟ وكم منا علموا قبل ذلك بوجود دواوير صغيرة لم تسمع ربما أزيز محرك من قبل؟. ضرب الزلزال أناسا خارج نطاق تغطية شبكات فضولنا وربما اهتمامنا أيضا، فاكتشفنا قرية "تاجكالت" في تارودانت وأمرسكان بورزازات و"ثلاث نيعقوب" بالحوز. قد نكون أعجبنا يوما ما بصورة أو بطاقة بريدية عن تلك الدور الطينية المعلقة بين الجبال؛ أثارنا جمالها فأخفى عنا هشاشتها وهشاشة من يسكنها، وهم أناس لا يصرخون إلا بعد أن تتحرك الجبال. "امرزكان"، "إغرمان"، "أبارداتن"، "تكاديرت"، "أديسيل"، "أمصلوح"، "تمنغاست"، "مولاي إبراهيم" و"توفغين"... كلها أسماء تعلمناها في الفاجعة للأسف، ونتمنى أن نتذكرها جميعا حتى بعد أن تختفي من على الشاشات ويرحل عنها المراسلون. إنها أسماء تلخص حيوات أناس رضوا بالقليل فجاء الزلزال ليأخذه منهم، في امتحان عسير لهم وامتحان أعسر لإنسانيتنا ولمواطنتنا ولمسؤولياتنا.