تحت عنوان "حملة لمكافحة الخمور في المغرب"، نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية الصادرة أمس تقريرا لمراسلتها في مدينة مكناس، إليزابيث ناش، تخبرنا فيه كيف أن "السلطات الدينية" في ذلك البلد، الذي تقول عنه إنه يبيع 40 مليون زجاجة نبيذ في العام، تخوض غمار حرب ضد من يستهترون بأمر تحريم المشروبات الكحولية. "" ومع التقرير نطالع أيضا صورة وتعليقا. في الصورة يظهر شاب وقد انهمك بتحضير كأس من النبيذ في مبنى يبدو أنه مصنع للخمور، أما في التعليق، فنقرأ: مدينة مكناس هي موطن لأكبر مصنِّع للخمور في المغرب، "تشاتو روزالين"، وهي التي استضافت مهرجانا للنبيذ مثيرا للجدل. وفي التفاصيل تحدثنا المراسلة كيف أن "العالم الإسلامي تكتنفه منذ أمد بعيد مشاعر متناقضة حيال الخمر: ففي الوقت الذي يُفترض بالمسلمين أن يجتنبوه ويهجروه، دأبت بلدان عدة من شمال أفريقيا إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وما وراءها على زراعة أشجار الكرمة (العنب) والاعتناء بها من أجل استخدام ثمارها في صناعة النبيذ على مرِّ القرون." يقول التقرير: "واليوم تزدهر صناعة الخمور ابتداء من المغرب فالجزائر وتونس ومصر ولبنان والأردن، وحتى سورية، حيث تتحسن نسبة المبيعات وسويَّة ونوعية الخمور المُنتجة عاما إثر عام، وذلك على الرغم من معارضة المحافظين." ويرى التقرير أن المحافظين من الإسلاميين في المغرب "يقاتلون بضراوة لمكافحة وقمع الحماس لتخمير ثمار الكرمة من أجل إنتاج النبيذ، الأمر الذي ينجم عنه صراع وتضارب مصالح في تلك البلاد التي تسعى جاهدة للانفتاح على الغرب. ونقرا في التقرير أيضا: "تحظر القوانين المتشددة والصارمة بيع المشروبات الكحولية للمسلمين، لكن بإمكانك شراء النبيذ من أي متجر (سوبر ماركت) مغربي. فقسم المشروبات يكون عادة في ركن منفصل عن المنطقة الرئيسية، إلا أنه يعج على الدوام بالنشاط حيث يغادر الناس علنا حاملين معهم زجاجات (الخمور) في أيديهم." وتنقل المراسلة عن أحد مدراء تلك المتاجر قوله: "المغرب هو بلد منفتح، فبوسع الكل شراء ما يريد أو ما يبتغي." تقول المراسلة إن الإسلاميين من "حزب العدالة والتنمية"، والذي يحظى بوجود فاعل داخل البرلمان المغربي، يودّون إيقاف مثل ذلك النهج المتساهل في الحصول على الخمور، ويرغبون عوضا عن ذلك بتطبيق حظر بيع المشروبات الكحولية للمسلمين، والذي فرضه الحكام في عهد الاستعمار الفرنسي للبلاد قبل أكثر من 50 عاما. ويقترح ممثلو الحزب المذكور في البرلمان حظر الإعلانات والمهرجانات التسويقية التي تروِّج للمشروبات الكحولية، بالإضافة إلى فرض غرامات باهظة وتطبيق عقوبة السجن ضد كل من يخرق مثل ذلك الحظر. إلا أن المتطرفين، ودائما حسب تقرير الإندبندنت، "يخوضون حربا ضد صناعة ديناميكية" وحيوية تزدهر وسط واحات النخيل وفي السهول الصحراوية المترامية على تخوم مدينة مكناس الغافية على الحافة الشمالية لجبال الأطلس، حيث تؤمِّن صناعة الخمور فرص العمل للآلاف وتنتج النبيذ الذي يستهلكه سبعة ملايين أجنبي يزورون البلاد كل عام. ولمحمد الرواندي، عضو المجلس الأعلى للعلماء، رأي آخر في الأمر، إذ تنقل المراسلة عنه قوله إن الإسلام يحرم شرب الكحول بكل وضوح وجلاء. ويضيف الرواندي قائلا: "إن شرب المسلم (الخمر)، فبإمكان الحكومة أن تعاقبه، كما سيعاقبه الله أيضا." وتختتم المراسلة تقريرها بكلمات على لسان أحد العاملين في مصانع الخمور المغاربية تلك، إذ يقول: "أنا مسلم ملتزم ولا أشرب الكحول أبدا. لكن، هنالك ستة آلاف شخص هنا لديهم وظائف وأعمال وهم يعيشون في بحبوحة ببساطة بسبب وجود الخمر."