تجذب الاستعراضات التي يقوم بها محترفون بتربية الثعابين أعدادا كبيرة من المتفرجين الذين يتحلقون حولها في الأسواق المغربية، وتتباين آراؤهم حول هذه الحرفة بقدر ما تختلف تعابير وجوههم وهم يتابعون رقصات الثعابين فمنهم من يصيح رعباً ومنهم من يركض خوفا حين يخرج الثعبان من مخدعه بينما يصفق آخرون لهذه الاستعراضات ولقدرة مربي الأفاعي على إخراج الثعبان وترقيصه. ولا يجد أغلب الناس الشجاعة الكافية لتتبع تلك الاستعراضات لأن عالم الثعابين مخيف ومرعب حتى إن البعض لا يقوى على رؤيتها عبر التلفاز أو الاستماع لقصص فتكها بالبشر، رغم وجود حيوانات أكثر فتكا بالبشر منها ورغم أن الثعابين السامة التي نسبت للثعابين هذه العدوانية والسمعة السيئة، لا تمثل سوى ثلث أعداد الثعابين عامة أما الأنواع الباقية فهي مسالمة تخاف البشر ولا تملك ما تدافع به عن نفسها. وقد عرفت هواية تربية الثعابين منذ آلاف السنين، واليوم يقبل المغاربة كثيرا عليها ويقول محمد العيساوي "مربي أفاع" إنه ورث هذه الحرفة عن أجداده وهو يمارسها منذ صغره متنقلا عبر الأسواق الشعبية والمواسم والمهرجانات بالمدن والقرى، وينفي محمد أن تكون هذه الاستعراضات طريقة لاستجداء الناس ويقول: "نحن نخاطر بحياتنا ونذهب للبحث عن الثعابين الضخمة في الأودية والجبال ونظل نطاردها حتى نمسك بها، ثم نعتني بها ونوظف إمكانياتنا لنوفر لها ظروفا مشابهة لبيئتها ونقضي شهورا لتعليمها الاستعراض على إيقاعات الناي، كل هذا يستحق التنويه والتشجيع المادي والمعنوي". ويؤكد محمد أنه لا يشعر بالخوف من الثعابين وهو يطاردها وينصب الكمائن لاصطيادها حتى إن تحصنت داخل جحرها، ويقول إنه يصطاد العشرات منها يومياً يبيع بعضها ويحتفظ بالأنواع النادرة ليستعملها في استعراضاته. ويبدأ الاستعراض حين يتجمهر عشرات المتفرجين حول محمد ومساعده الذي يدعو الناس بأعلى صوته لرؤية "استعراضات خارقة لرجل يطوع أضخم الثعابين وأشرسها"، ويحث محمد الأفاعي على الخروج من الصندوق والقيام برقصات متناسقة مع إيقاعات الناي وتتلخص هذه الرقصات التي شاهدناها ونحن نحاور محمد العيساوي في ارتفاع الثعبان عن الأرض بنحو 20 سنتمترا أو أكثر حسب طوله وتمايله يمينا ويسارا مع تحريكه للسانه بين الفينة والأخرى وحين يتوقف عزف الناي ينبطح الثعبان تدريجيا على الأرض، حينها يبدأ محمد باستعراض مهارات أخرى كحمل الثعبان وإدخاله في جيبه وتقريبه من وجهه ثم يحمله ويجول به على المتحلقين حوله منهم من يبتعد ومنهم من يبادر إلى حمل الثعبان وأخذ صورة معه بعد أن يطمئنه محمد أن الثعبان مسالم. ويقول محمد إنه شارك في العديد من المعارض والاحتفالات والأماكن العامة ونال إعجاب الجميع ويطمح إلى تأسيس جمعية خاصة بمربي الأفاعي تسهر على تنظيم الاستعراضات بكل المدن وتفرض على الجمهور رسوما محددة لأن محمد يؤكد أنه ورفاقه لا يفرضون على المتفرجين مبلغا معينا، حيث يجود كل واحد بما يستطيع وتجمع الأموال من مساعد المربي عند كل نهاية استعراض. صور لأحد مربي الأفاعي المغاربة من Getty Images