بمناسبة اليوم الوطني للحلقة، الموافق ل 4 أبريل من كل سنة، ننبش قليلا في ذاكرة مراكش عن حلقاتها المنقرضة أو السائرة في طور الانقراض، على أمل أن يتعزز الاهتمام بدور هذه الحلقات في الفرجة والثقافة والإبداع والتواصل، والحفاظ على التراث والقيم والبيئة، على اعتبار أن حلقات الفرجة هاته تقدم الفنون الشعبية بمختلف روافدها من أغان وموسيقى شعبية وسرد شعبي... وعلى أمل أن تقوم المؤسسات ذات الصلة بدورها في الحفاظ عليها من ضياع محقق... تقول الأسطورة إن نشأة واحة النخيل التي تحتضن مراكش بدأت عندما وصل الرحل المرابطون من الجنوب وحلوا بهذه الأرض، مستهلكين التمور التي سقط عصفها في الثقوب التي خلفتها أوتاد خيامهم أو غارت تحت أخفاف إبلهم أو ما تبقى مما علفت رواحلهم من تمور ذات جفاف ..هكذا نشأت الواحة ونشأت حاضرة مراكش .. هناك، حيث تحط الحكايات رحالها بين النخيل كما تحط في أزقة المدينة الضيقة على أفواه الصناع التقليديين، فلا تقف الحكاية على الممارسة الكلامية بل تتلقفها الأشياء المصنوعة، فكل شيء يعرض على ضفاف الدكاكين الصغيرة يحكي حكايته الخاصة، ليتجمع هذا الحكي المتفرق أخيرا عبر أبواب أسواق السمارين ويلتقي جميعه بحكي حلقات ساحة جامع الفنا، حيث كان الرواة الشعبيون يتداولون حكاياتهم البهيجة الخيال وهم يتلقفون مخيلة الزائرين ليسبحوا بهم في هذه العوالم المليئة بسذاجة الطفولة والبطولة, حيث يصير حق الحلم حقا طبيعيا وعفويا... هنا وهناك، تنتشر الحكاية وتتناسل لتعبر عن هموم الناس وأحلامهم، تكاد تخرج من بين الدروب بألوان شخصياتها المتعددة ومهنهم المختلفة، لتنقل شيئا واحدا هو هذا العالم الساحر الذي هو عالم الحكاية... عالم مليء بالحلم، حيث يمتح الأطفال مراكشيتهم من هذا الكلام الجميل والتحيات العابرة والعبارات المجازية... مجمع الفرجة رغم ما قيل عن الساحة وتاريخها كفضاء يعدم فيه المتمردون أو كفناء الجامع المهدم، جامع الفناء بفتح الفاء، أو كسرها، أو جامع الهنا أو جامع الربح... فهي منذ بداية القرن السابع عشر تقدم عروضها وفرجتها المتنوعة: حلقات الموسيقى والرقص من أحواش وروايس وحوزي وكناوة... ومن حلقات السرد الشعبي وحلقات البساط... مثلت الساحة روح الجنوب، فهي سوق بلا أبواب لجميع السلع، حتى سلع الكلام وأنواع الفرجة، هي ساحة للتعدد اللغوي وتداخل الملفوظات، وحلقات الساحة تجمع بين فنون الفرجة الشعبية المختلفة وفرجة العين والآذن والبطن، تعبق برائحة التاريخ وامتزاج الثقافات واللغات، وتلك الرائحة المنبعثة من السقوف وأسواق الصناعة التقليدية لتمتزج برائحة المأكولات الساخنة في فضاء الساحة... والساحة، رغم اختلاف الآراء حولها، بين رافض لها ومولع بها، أو متأسف على ما آلت إليه، تظل متحفا حيا للمتخيل البشري، جالبة للسياح والزائرين،شاهدة على ماضيها الحافل، زاخرة بالكنوز البشرية الحية، سواء كانت مسرحا حيا، كما يقول البعض، مفتوحا للجميع دون تمييز أو تراثا شفويا للإنسانية... أصحاب الثعابين بثعابينهم المتعددة حتى المصطنعة منها، أصحاب القردة بصناديقهم الخضراء والزي الذي يلبسونه لقردتهم، العرافون والعرافات وكلامهم المطمئن عن المصير والسعد، أصحاب الحكايات، مقدمو الفكاهة والموسيقيون، الراقصون بألبستهم النسوية، أصحاب الحركات البهلوانية، بائعوا الماء بألبستهم المتميزة الحمراء ونواقيسهم النحاسية، راقصو كناوة بألوانهم الرمزية، بائعو الأعشاب الطبية، نقاشات الحناء بجلابيهن الفاتحة وقاماتهن الرجولية، بائعو الأدوية ومقتلعو الأضراس، «شوافات» لا ينظرن أكثر من الورق أوالكارتة التي يوزعنها أمام طالبات السعد أو المتوجسين من حسد أو عين... بائعو الليمون والفواكه الجافة و«السيديات»... مركز ثقافي كانت الساحة مكانا للتثقيف الذاتي بأقل كلفة، هناك كانت تعرض الكتب المستعملة التي يحصل عليها القارئ بسهولة وبثمن بخس، اقتناء أو كراء أو استبدالا، تقريبا صفيان متقابلان من البراريك الحاملة لمختلف أصناف الكتب، منها عدد لا بأس به من الكتب الصفراء وتفسير الأحلام وعلم التنجيم والروض العاطر... وهناك اقتنى الكثيرون كتبهم المدرسية أو استبدلوها بكتب المستوى اللاحق وتعرف الكثيرون على مجلة العربي وروايات نجيب محفوظ، وطرزان وأرسين لوبين.. وزومبلا والروايات الفرنسية... وكانت أيضا مكانا يجمع كل فنون القول وفن المشافهة والفرجة، ويقدم مختلف أنواع العروض من غناء ورقص وموسيقى، وعروض المسرح الهزلي، وعروض الحكي الشفوي،عروض الحيوان، الطب الشعبي وفنون الوشم والنقش، والكتابة، مركزا ثقافيا حقيقيا، يجسد مكونات وروافد الثقافة المغربية المتعددة... فالساحة تشكل ملتقى ثقافيا يتميز بخليطه الإثني واللغوي، هنا يظهر التعدد اللغوي بين الفصيح والأمازيغي والدارج، والتعدد الأدبي والفني بين إيقاع مختلف المناطق: الزياني والحوزي والأمازيغي، والجمع بين الجد والهزل، الهزل بين البادية والمدينة، والمنافسة بين الشعر والنثر، وبين أجناس القول المتعددة... هنا تلتقي الحكاية الهادئة والموسيقى الصاخبة والغناء حسب طلب المستمعين .. ومهارات القرداتيين وطبول أصحاب الثعابين، وإيقاع فرق كناوة وهمس قارئي الورق والطالع، ودبيب كاتبي الأحجبة أو التمائم، وإشارات العشابين للباحثين عن الخصوبة... ويسود شكل الحلقة كشكل للفرجة ذات المضامين المتعددة، فتركيب الساحة يتكون من حلقات متعددة، هذه الحلقات والأشكال الدائرية من الناس التي تدور حول الفنان كمركز ومنبع للفرجة حيث يمكن النظر إلى كل حلقة منها على حدة أو على شكل حزم من الحلقات منظمة ومرتبة بين فناني الحلقة، حسب نظام معلوم في الزمان والمكان حتى يحموا حلقاتهم من المتطفلين والمنافسين والمبتدئين... باب الذاكرة باب الذاكرة مفتوح تؤثثه مجموع حلقات كانت تضم كائنات تجمع ما بين الحقيقة والأسطورة لتخلق الفرجة وتؤثث الفضاء، صاحب صندوق التصوير في الهواء الطلق على مشارف الساحة الملقب ستوديو سربيني أو دركني والذي يمنح الصورة في حينها للمستعجل ويخرج الصورة وهو يضع رأسه في الصندوق ويقوم بحركات بهلوانية بيديه، حلقة الرجل الذي ينفث جرعات من البنزين في عصيه المشتعلة ليؤجج نارا متصاعدة في الهواء، وكأنه تنين أسطوري يقذف النار، أو الساحر الذي يخرج بشكل لا نهائي كرات عديدة من جوفه، أو حلقة ذلك الشيخ الذي يعرض أمامه سيارات بلاستيكية من لعب الأطفال بمختلف الألوان والأشكال، ويهبها لمن يريد من الجمهور بأسلوب جدي كأنه يمنحه سيارة حقيقية مع القول له: «انت غا تركب في هاذي»، ويخلق مواقف مضحكة فيها المفارقة بين واقع الحال والمستقبل... وحلقة ذاك الرجل الذي يضع، أمام اندهاش الجمهور، مسمارا طويلا من عيار 10سنتمتر في أنفه عن آخره، وذاك الذي يصب من آنيته ماء لا ينقطع، أو الذي يشرب الماء الساخن من بقراج نحاس يعلو منه بخار كثيف، وعالم التنجيم التي يخط الأبراج على الأرض ويتقن حل المعادلات الرياضية والبرهنة عليها ويتحدث عن الأبراج السبعة وألوان قوس قزح السبعة والأيام السبعة ودرجات السلم الموسيقي السبعة ويتكلم في السياسة والاجتماع، وهو يقف على رجل واحدة كممارسي اليوغا ويصفق بيديه كل مرة، أو حلقة صاحب الحمار الذي يحاور حماره، يقول له نم فينام، يطلب منه التدخين فيدخن، ثم يطلب منه أن يخرج الدخان من منخريه، أو جلوق الذي عندما يتحرك تتحرك جوالقه معه والذي كان يمتع نفسه بما شاء من النياشين ويقلد بفمه مختلف الأسلحة النارية، أو المداحة الذين يتغنون بشمائل الرسول وسيرته مرفقة بالضرب على الدفوف المربعة التي تشبه قطع هنريس ، أو صاحب الدراجة التي بدون فرامل يدور بها وسط الحلقة كيف شاء ويقوم بعدد من الحركات البهلوانية، سي عمر مول العود، الشخصية المثيرة بجمالها الغير المألوف ولباسها الأنيق ولباقتها المتحضرة وأدائها الفني الرائع لأغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم رفقة صاحبه الدرابكي ... وفليفلة الذي كل وسائله كرسي وكمنجة، لا يعزف عليها إلا لماما ويرتحل كلاما عفويا وتلقائيا، نكت يخلقها في حينها في تفاعل وتواصل مع جمهوره، بحيث ينفذ إلى مشاعره ومجاهل نفسيته، حتى تجد جميع الأفواه مفتوحة وفاغرة، وبين الحين واللآخر يعزف موسيقى زائفة بالكمنجة ويستأنف النكت، وهو يسخر من واحد الجمهور... «ياك يا العروبي»... نبغ كثيرون في الساحة وتكلم عنهم الكثيرون ووصفوا أحوالهم وعددوا صفاتهم ...و بقي منها فقط ما علق بذاكرة متعبة .. القسم الدراسي .. تتخذ الحلقة عنده شكل قسم دراسي ويعتبر الجمهور هم التلاميذ، كل مرة يطلب الانضباط ويسجل الحضور والغياب، ويطرح الأسئلة، يبدأ بالنشيد يا إخوتي جاء المطر... وبسؤال الجمهور يشبه ما يسمى في الفكر التربوي المعاصر بمدرسة الاختيار: اش بغيتو نقراو اليوم؟ يجيبونه بسرعة، فهم يعرفون المنهاج المقرر، وهو قد حقق هدفا وجدانيا أساسيا: أن يقترن التعليم بالمتعة، هو يختلق دائما مواضيع مختلفة فيها من الغرابة والهزل: شلاظة ديال الميلتير في شريج المنارة، والملح تأتي به طائرة مروحية هيليكوبتير ... هو يتقمص دور طبيب يضع أمامه أنواعا من الخضر ينصح المريض في حلقته بتناولها... ويستعمل رجل دجاج كمجسة لكشف أمراض زبائنه وتشخيصها، فيصيح بأحدهم: أنت فيك بوصفير... هذا الهزل الجميل الذي تحدث عنه أحد السياح الذين كتبوا عن الساحة سنة 1943، عندما قال عن أحدهم: عندما لا يفعل شيئا فأنت تبتسم، وعندما يبتسم فأنت تضحك وعندما يضحك فأنت تقهقه حتى تستلقي على قفاك من الضحك... بقشيش لكل صاحب حلقة أسلوب في جمع حلقته، وبقشيش متميز في هذا المجال، فكان عندما يريد أن يجمع حلقته يضرب بالبندير بقوة ويصرخ بكل قوته صرخات تنبه الجميع، ويعيد نفس الحركات حتى يجتمع الناس، وبعد ذلك يقول لهم: كون ما شفتونيش نغوث ما تجمعوش ينوع ألوان شعره المصطنع ويواظب على تحية السائحات بتحية خاصة جدا ويأخذ صورة معهن مقابل مبلغ من النقود، دون أن يكف عن غمز ولمز الحاضرين في حلقته وتذكيرهم بما فعل... تسخير الطير كان يرتب في حلقته علبا مصفوفة، وكان عنده عشر حمامات وله قصبة طويلة يهش بها على كل حمامة فتقف فوق علبة، يرتبهما ويعينها في مواضعها ويسميها بأسمائها فتنضبط لأمره، وبعد ذلك يهش إحداها على رأسها بلطف ويطلب منها باسمه أن تأتيه بالمال من بنك المغرب، فتطير أمام أنظار الجمهور المتتبعة حتى فوق بناية بنك المغرب وتمكث خمس دقائق ثم تعود، ويرسل أخرى بنفس الطريقة إلى بناية البريد لتأتي له برسائل وهمية فتطير بدورها وتحط فوق بناية البريد ثم ترجع إلى مكانها، ويرسل أخرى ويطلب منها أن تعين من عنده نقود من رواد الحلقة فتطير وتقف فوق رأس أحدهم، فيطلب صاحبنا منه العطاء بمرح، فيستجيب الأخير محرجا من ذلك الطائر أكثر من شعوره بإحراج مول الحمام... أصل الطيور... كانت حلقة الشرقاوي ورفيقه مفروشة بعناية، ومليئة بطيور الحمام، وكان حوارهما حول أصول الحيوانات والطيور والحشرات وانتمائها إلى القبائل والمدن المختلفة، مفعما بالهزل والضحك الجميل... الجاوج منين؟ طبيبط منين؟ الفار منين؟ الكبش منين؟ البقة منين؟ ...تعضك من هاذ الجنب والأخر كما كان الشرقاوي يردد الحكم المختلفة وأقوال عبد الرحمن المجذوب : التدبير التدبير ...... لما عنى بيك لوحو اللي مبدل النقرة بالقصدير........ ما شامت إلا بروحو الصاروخ ارتبطت حلقته بقوته الجسدية، فقد لقب بالصاروخ، لأنه كان طويل القامة، قوي البنية، حليق الرأس، وكانت أسنانه ناصعة البياض تنم عن ابتسامة عريضة، كان يتحدى الجمهور بقوته، وغلب عليه طابع الجد والتحدي والقوة حتى كانوا يحكون عنه الأساطير ومنها إنه كان يرفع الطاكسي بيديه... السرد والحكاية حلقة السير الشعبية: فين وصلنا البارح؟.. يمكن اعتبار المكان الذي كان مخصصا لحلقات السرد قرب جامع الكتبية بداية للسرد ومدرسة تكوين خاصة برواة الساحة، وقد عرف خاصة بسرد القصص الطويلة أو السير الشعبية من أزلية وهلالية ووهابية وفيروزية وذات الهمة... ولأن هذه النصوص طويلة جدا، فقد يستمر حكيها ما يزيد على مدار السنة كمسلسل متتابع من الحلقات والأحداث... كل مساء بعد صلاة العصر كان يتحلق المتفرجون على قطع كرتونية تنوب عن مقاعد السينما قد يشتغل أحد بكرائها لهم، وحيث يتناولون الخيال البهيج أمام أكواب الشاي الساخن، بينما تنتشر بعض أنواع الدخان من جوانب المكان، وكانت هذه الحلقات شبه محرمة على الصغار وتقام بعد صلاة العصر... يبدأ مقدم الحكي أو راوي السيرة سرده أمام انتباه الجمهور الكامل ومشاركتهم التامة، فهو لا يحب أن يفقد جمهوره خيط السرد .. لذلك يسأل دائما زبناء سرده المدمنين على هذا النوع من الخيال : فين وصلنا البارح؟ الشاي... كانت حلقة الحكاية تدور حول حكاية الصياد والعفريت، وهي من قصص ألف ليلة وليلة.. و لأن فن الحكي يقترن عند الراوي بالمتعة وبحلاوة الروح، يرسل في طلب براد شاي... وليحافظ سارد الحكاية على جمهوره تجده يذرع الحلقة جيئة وذهابا، يصفق باستمرار، يغير ملامح وجهه، ويؤدي حركات ميمية حسب المشاهد السردية، ويغير نبرته الصوتية حسب طبيعة الشخوص، لشد انتباه جمهور جامح يبحث عن الدهشة والفرجة .. وكلما سنحت له الفرصة يرشف من كأس الشاي المركز... يقطع سرده بالدعاء لأهل الخير، ومرضيين الوالدين من الجمهور، ويحثهم على العطاء، فالدنيا فانية، ولا يحمل أحدهم معه منها في الأخير شيئا، أو يرصع دعواته بقراءة الفاتحة بشكل جماعي ويقبل كفه بعد كل دعاء، قبل أن يجمع ما يجود عليه به بعض المستمعين... يقطع السارد سرده كل مرة ليرتجل بعض التعليقات التي لها علاقة بما هو معاصر... وليمرر بعض التعديلات على الحكاية ومغربة بعض العبارات... و كان كل مرة يعود إلى تنظيم حلقته فيطلب من الصغار أن يجلسوا، ومن الكبار أن يوسعوا له المكان، دون أن ينسى التذكير بالفرجة الآتية، فالمحافظة على الجمهور لمدة طويلة من الأمور الصعبة، رغم مهارة السارد... وبعد ذلك يعود إلى رشف الشاي... نهاية السرد... قطع السارد حكيه هذه المرة وغير نبرته، وعلى وجهه عبوس، هو يتحدث الآن عن الساحة، وعن الكنوز ورواد الفرجة الذين فقدتهم الساحة مثل فليفلة وبقشيش... ناهيك عن الرواة الذين غادروا الساحة مثل الحسين ومولاي احمد... ليؤكد أنه لم يبق في الساحة إلا ثلاث رواة منهم الراوي نفسه، وأن الحكي لعدم الاهتمام به بما يكفي، سينقرض من الساحة بعد خمس سنوات... و يستمر في استرجاع ماضي الساحة بحنين ليقول إن الخلف لن يكون للقصة لأنها تتطلب جهدا من الراوي ولا تدر دخلا مثل الحلقات الأخرى... كان الراوي يستغفر للذين رحلوا من رواد الساحة، ويتأسف على مصير الباقين، قبل أن يستسلم للحكي من جديد وكأنما ألمت به نار الحكاية من جديد، ويروي عن شيخ أدركه داء عضال، وأحضر أطباء وحكماء... إلى أن جاء طبيب استطاع أن يداويه بفضل الله تعالى، فأكرمه الشيخ غاية الإكرام وقربه منه، لكن لكل نعمة حسود... و هنا علق الراوي الحكاية، ليجمع بعض الدراهم، أو ليرشف رشفة من دكة وتلصيقة من شاي أصبح مائلا إلى السواد، حتى إشعار سردي آخر... خاتمة ماذا لو طبق المجلس البلدي فكرة إنشاء قسم التراث للمحافظة على الواحة والساحة، ولتدبير ثقافة الفرجة والحفاظ على التراث وإنصاف منشطي الساحة ومبدعيها... وماذا لو وسعت الجامعة درسها للأدب الشعبي، وساهمت في إنشاء مركز أكاديمي للفنون الشعبية والأدب الشعبي، كما أوصى بذلك مهرجان الفنون الشعبية، ألن تكون في ذلك إضافة بهجة على مدينة البهجة وحفاظ على حلقات تراثها وثقافتها وهويتها وتشجيع لسياحتها واقتصادها؟... أليس في هذا دعوة للبطن ألا يزحف على الذهن، وللإسمنت أن يفكر قليلا،ولحداثة بليدة على حد تعبير خوان غويتسولو أن تتريث، أليس كذلك ؟