بعد إحرازه للمرتبة الأولى في مسابقة الأولمبياد الإفريقي للرياضيات، نائلا بذلك الميدالية الذهبية، بصَم المغرب على نتيجة متواضعة في المسابقة الدولية لأولمبياد الرياضيات، الذي احتضنت فعالياته اليابان خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 13 يوليوز الجاري، مكتفيا بالرتبة ال68. النتيجة التي حققها المغرب في الأولمبياد الدولي للرياضيات، الذي شهد مشاركة 112 دولة، جعلته يتخلف عن دول من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ فقد جاءت السعودية في الرتبة ال36، واحتلت الجزائر الرتبة ال57، بينما تموقعت سوريا التي توجد في حالة حرب منذ سنوات في الرتبة ال61. محمد الشلوشي، الباحث التربوي، فسّر تأخر المغرب عن الجزائر والسعودية واحتلاله لرتبة متأخرة في الترتيب العام لمسابقة الأولمبياد الدولي للرياضيات، على الرغم من التفوق الذي حققه قبل أسابيع على المستوى القاري، ب"ضعف المنافسة إفريقيا وسهولة المواضيع المطروحة نسبيا مقارنة مع الأولمبياد العالمي". وأردف الشلوشي، في تصريح لهسبريس، أن ضعف وفقر التكوين الذي يتلقاه الطلبة المغاربة المؤهلون للأولمبياد العالمي للرياضيات، كمّا وكيْفا، عبر المركز الوطني للتجديد والتجريب، حال دون حصد المغرب لنتائج مشجعة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. وتقرّ الأوساط الرسمية المغربية بأن التلاميذ المغاربة يواجهون صعوبة كبيرة في القراءة والرياضيات، وصنفت العديد من الدراسات والتقارير الدولية المغرب في أقل من المعدل الدولي من حيث تمكن التلاميذ من الكفايات الأساسية. هذا الواقع أكده شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في أكثر من مناسبة، معزّزا بالدلائل، حيث يواجه 70 في المائة من التلاميذ المغاربة صعوبات في القراءة والكتابة والرياضيات. وشدد الشلوشي على أن تحسين نتائج التلاميذ المغاربة في الأولمبياد الدولي للرياضيات مستقبلا يوجب تغيير نمط التكوين للتلاميذ المؤهلين للنهائيات، وكذا الطاقم المشرف على هذه التكوينات بآخر أكثر تنافسية وحماسا وخبرة في مثل هذه المنافسات الدولية. كما دعا الباحث التربوي إلى توسيع زمن التكوينات ليشمل كل المجالات التي تطرح في المسابقة، وكذا تدريب التلاميذ على المواضيع العالمية السابقة. وأضاف المتحدث ذاته: "ما يحتّم تغيير نمط التكوين وتغيير زمن التكوينات وتغيير الطاقم المشرف عليها هو أن طلبتنا الستة المشاركين في الأولمبياد العالمي للرياضيات لم يستطع أحد منهم الإجابة عن التمرينين الثالث والسادس، بينما احتفت دول عديدة بمشاركيها بما أجابوا به في هذين التمرينين". وما زالت الصين تتربع عرش النبوغ العالمي في الرياضيات، حيث تصدرت ترتيب الدول ال112 المشاركة في الأولمبياد العالمي الأخير، تلتها في الصف الثاني الولاياتالمتحدةالأمريكية، في حين احتلت كوريا الجنوبية المرتبة الثالثة. وعزا الشلوشي سيطرة القوتين الاقتصاديتين الأوليين عالميا على هذا المجال إلى كونهما لا تخصصان فقط دورات تدريبية مكثفة لطلبتها المؤهلين للأولمبياد العالمي للرياضيات، بل يخصص لهم فصل مستقل ولمدة سنة كاملة يسهر عليه أفضل الأساتذة المؤهلين لمثل هذه التكوينات. وأردف الباحث التربوي أن نشر ثقافة أولمبياد الرياضيات وتشجيع التلاميذ على خوض غمارها والاحتفاء بالمتفوقين جهويا ووطنيا وإقليميا ودوليا "سيسهم بدون شك في تحبيب الرياضيات للأجيال المقبلة وتكوين خزان حقيقي للعقول العلمية التي ستضع المغرب في سكة الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا".