في الصورة المغني الشهير "بوب مارلي" أحد رموز جامايكا جامايكا في سطور "" جامايكا هي إحدى دول أمريكا اللاتينية وهي ثالث أكبر جزر الأنتيل في البحر الكاريبي ، وتعتبر عروس البحر لجمالها ولطبيعتها الخلابة ذات النكهة الإفريقية ، شعبها بشوش وطيب ، تحس وأنت تتجول في دروبها وأزقتها كأنك تعرفه ويعرفك منذ مدة بعيدة..يشتهرون بشعورهم الطويلة الملفوفة والمسترسلة تقليدا للمغني الجامايكي الشهير"بوب مارلي" وحياة البحر وأسراره ، هي سر حياتهم ومعيشتهم ، ولاغرو فإنه محيطها وكوكبها وسر جمالها وحياتها، اكتشفها "كولومبس" سنة 1494م ، استقر فيها سنة كاملة ثم رحلها إلى اكتشاف العالم الجديد ، وقعت تحت الاستعمار الإسباني منذ أوائل القرن السادس عشر، ثم أصبحت مستعمرة بريطانية في سنة 1660، وفق اتفاقية مدريد بين اسبانيا وبريطانيا، واستمرت تحت الاحتلال البريطاني حتى سنة 1957، وفي سنة 1962 نالت استقلالها ضمن دول الكومونولث البريطاني ..، كان أول رئيس جامايكا الذي فاز في انتخابات 1962 هو"الكسندر بستمانت" زعيم حزب العمال الجامايكي. تحد من الجنوب بجزيرة كوبا؛ حيث تبعد عنها بمسافة قدرها 128 كيلومترا، وغربا جزيرة "هايتي" ويبلغ عدد سكانها حاليا مايزيد عن 3 ملايين نسمة ،85% منهم يعودون إلى أصول افريقية. تبلغ مساحة جامايكا 11,424كيلومترا مربعا وعاصمتها"كينجستون" ولغتها الرسمية الإنجليزية، وعملتها الدولار الجامايكي. لمحات تاريخية عن الجزيرة يحدثنا التاريخ أن شعب جامايكا أصله من الهنود قدموا من فنزويلا وسمو"الأراواكس" حوالي 650م وكانوا هادئ الطباع ،اختلطوا بالسكان الأصليين أومايعرف بالكاريبيين،وبعد أن اكتشفت الجزيرة من قبل كولومبس بدأت قصة شعب حرأبي يدافع عن نفسه وكرامته وأرضه وبحاره، لكن جبروت المستعم المدجج بالسلاح والعتاد والأمراض الفتاكة التي حملها معه وخاصة الجدري أجبرته على الخنوع والانقياد للعدو..!! . اشتق إسم الجزيرة من تسمية السكان المحليين "أكسايماكا" ومعناها أرض الماء والخشب، وبعد قدوم الإسبانيين سنة 1510م بقيادة "خوان دي اسكويفل" والذي قاد حملات الإبادة على سكان الجزيرة ؛ علما أن الأذرع الواقية لهذه الحروب التي خاضتها اسبانيا على السكان الأصليين هم طوابير العبيد الذين جئ بهم من إفريقيا، وبعد استقرار الأوضاع استخدموهم في الزراعة ورعي البقر والغنم وبناء الجسور وحفر المعادن..!! الأمر الذي أدى بالكثير منهم إلى الوفاة بسبب الأعمال الشاقة والأمراض الفتاكة التي انتشرت في تلك الأعوام ، وعندما علمت بريطانيا بهذه الجزيرة وموقعها الاستراتيجي وسط أمريكا الجنوبية خاضت حربا طاحنة ضد اسبانيا سنة 1538، كان النصر حليفها ، وفي سنة 1655م حولت بريطانيا هذه الجزيرة إلى قاعدة حقيقية لقراصنة تجارالبشر؛ حيث جلبوا لها الآلاف المؤلفة من الأفارقة وخصوصا من قبائل "أشانتي و"إيبو" و"يوروبا" من غرب افريقيا وأكثرهم من نيجيريا، جلهم كانوا مسلمين، فكل ما جمعته وخزنته بريطانيا من معادن نفيسة في قاعدتها المعروفة ب"بورت رويال" أخفاها زلزال مدمر تحت سطح البحرعام 1692م. ولقد تم تحرير العبيد بجامايكا سنة 1833، بعدما ظلت أمريكا اللاتينية رطلا من الزمن تحت سيطرة الإمبراطورية الإسبانية والبرتغالية ؛ حيث عومل فيها السكان الأوائل والأفارقة "العبيد" كالحيوانات ؛ لذا برزت على سطح تلك الدول ثقافة الممانعة والحقد تجاة الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية ، وقد تزعمها كل من " تشي غيفارا" و"بوليفار" لحقهم "فديل كاسترو" والفنان العالمي الجامايكي الشهير"بوب مالي" الذي جسد نضاله في آلاته الموسيقية وعبر كلمات أغانيه الثورية والإنسانية..فكل زائر إلى جزيرة جامايكا سيطالعك وجه بوب مالي على الزجاج الخلفي لبعض السيارات..ستجده يبتسم بهدوء في صورته المنسوجة على أقمصة الشباب والشابات ، إنه بوب مالي الفنان الأسطوري؛ بل هناك من عشاقه من يعتبره رسول موسيقي يوحى إليه، امتهن فن السحر وخصوصا قراءة الكف كمهنة يكتسب منها قوت يومه..مئات من الأسئلة ملأت عقل هذا الفتى الفقيرا لمشرد ، ظل يبحث عن إجاباتها بقية عمره..لماذا أنا أسود اللون؟؟ ولماذا يحتل الرجل الأبيض أرضي وبيتي ويعتدون على أمي ؟؟ هذه الأسئلة جسدها بوب مالي في أغانيه واخترق بها عقول الشباب في العالم كله،إذ أصبحت ظاهرة فنية فلسفية، ومدرسة قائمة بذاتها لها عشاق وأتباع من مختلف الشرائح الاجتماعية إنها موسيقى"ريجي". يقول بوب مالي أغني لأشعر أني مازلت على قيد الحياة..أغني لأعلم الناس أنهم أحرارا لاعبيدا..عالج من خلال أغانيه الكثير من القضايا الإنسانية وأهمها هيمنة الرجل الأبيض في مصائر ومقدرات شعوب العالم الثالث،انتقل ملك الموسيقى بوب مالي إلى العالم الأخروي سنة 1981 تاركا وراءه خصلات شعره الطويلة المتناثرة على جبهة جل شباب أمريكا اللاتينية. قصة دخول الإسلام إلى جامايكا جل الشعب الجامايكي مسيحي على المذهب الكاثوليكي، لكن هناك ديانات وعقائد وثنية أخرى وأهمها"أوريشا" فهذه الديانة الوثنية تنتشرفي كثير من الدول بأمريكا الجنوبية وبعض الدول الإفرقية، وتنقسم إلى عدة مذاهب ومعتقدات، تعتقد بتعدد الآلهة، فهناك إله البحر، وهناك إله الحرب، وهناك إله السلم، وهناك إله النار وهكذا..!! إلى جانب هذه الديانات والمعتقدات هناك دين الإسلام الذي دخل عن طريق العبيد الأفارقة في القرن السادس عشر، فلقد جلب البريطانيون آلافا عديدة من الزنوج كان أغلبهم من المسلمين، استخدموهم كآلات للحرث والأعمال الشاقة، كما أجبروهم على تغيير دينهم الإسلامي بالقوة والعنف والإرهاب وهذا ما أشار إليه الكثير من الباحثين ومنهم الباحث"مادي"إلى أن مجموعة من الأفارقة في جامايكا كان يتزعمهم"كوكدان" وأشار إلى أسماء عديدة في مواطن مختلفة منهم أبوبكر صديق، ومحمد كعب، كما أشار إلى وجود بعض المدارس الإسلامية السرية التي أسسها هؤلاء كانوا يعلمون فيها أولادهم القرآن الكريم والدين الإسلامي..لكن هذه الموجة اختفت في خضم الاستعمارالبريطاني والإسباني، ولم يبق منها إلا بعض الأطلال المتجليه في وجوه هؤلاء القوم، تخبرك بمجرد أن تسأل الواحد منهم عن إسم جدته يجيبك بدون تردد بأن إسمها كانت فاطمة أوخديجة..؟؟!!. وفي مطلع القرن الثامن عشر والتاسع عشر بدأت الهجرة الباكستانية تتوافد على جزيرة جامايكا، ومعظمهم من مسلمي شبه القارة الهندية، ومن خلالهم بدأت تتشكل الأقلية المسلمة؛ حيث جاءوا بأزواجهم وأولادهم، ومن سنة 1960حتى سنة 1970، وبعدما سافر الكثير من طلبة جامايكا للدراسة بالولايات المتحدةالأمريكية تأثروا هناك بحركة "أمة الإسلام" فدخل الكثير منهم في الدين الإسلامي، وعند عودتهم إلى وطنهم بدأت الدعوة ألإسلامية تنتشر ررويدا رويا؛ لكن للأسف كان فهمهم للدين الإسلامي غيرسوي ؛ لأنهم وجدوا في أفكار حركة"أمة الإسلام" ملاذهم، ومن تلك الأفكار أن الرجل الأبيض شيطان؛ وأن الغرب ملعون، وأن الرجل الأسود مقدس وخير من الأبيض..ومن بين من تصدى لهذه الأفكار وحاول تصحيح صورة الإسلام عندهم هو الأخ عبد الصمد مؤسس مسجد الرزاق في جامايكا سنة 1976م. وفي هذا المضمار يقول المرشد العام للمجلس الأعلى الجامايكي الشيخ موسى أحمد التيجاني أنه:"وفي مطلع السبعينات من القرن الماضي كانت الأقلية المسلمة تعيش مشتتة غير منظمة في إطار جمعوي يعصمها من الذوبان والانحلال في المجتمع، فزارنا وفد من الطلبة والأساتذة المسلمين من دولة ترينيداد، وكان من بينهم الدكتور حمشيد آدم، أحد أطباء ترينيداد، ونظم هذا الوفد أوضاع الأقلية المسلمة بالجزيرة وتكونت جمعية مسلمي جامايكا برئاسة المرحوم محمد خان، وخلفه إبنه في رئاسة الجمعية بعد أن انتقل إلى جوار ربه، ثم توالت الجمعيات الإسلامية في الظهور إلى أن أسسنا "المجلس الإسلامي الجامايكي" الذي يتكلم بإسم الإسلام والمسلمين، ومن بين أهداف المجلس توحيد كلمة المسلمين وجمع شملهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعليم أبناء المسلمين دينهم الحق، مع تصحيح صورة الإسلام ودفع الشبهات عنه بالحكمة والموعظة الحسنة..ولهذا الهدف أسسنا مايزيد عن 8 مساجد كلهم تحت رعاية وإشراف المجلس الإسلامي ، ومن أهمها مسجد بلال الذي يقع في العاصمة وهو في الحقيقة المركزالرئيسي للمجلس الإسلامي ومحور النشاطات الإسلامية لافي العاصمة وحدها؛ بل في جميع أنحاء الجزيرة ، وإمام المسجد هوالأخ مصطفى أمين محمد، وعندنا مسجد آخر يسمى بمسجد الرحمن والذي يوجد بمدينة إسبانيا، ويبعد عن مسجد بلال بحوالي 15كيلومترا وهو عبارة عن بيت جميل تصاحبه منارة صغيرة ارتفاعها حوالي مترين، وقد وهب هذا البيت أسرة خان، الذين يحيطون بجوارالمسجد ، وهم من طبقات ميسورة، وإمام المسجد حاليا هوالأخ حسن محمد التاجر، وهناك مسجد ثالث وهو مسجد النور ويوجد في بلدة"بوتماريا"وقد ساهمت في بنائه رابطة العالم الإسلامي، وقد فتحت أبوابه لاستقبال المصلين يوم9/6/1990، ويبعد عن العاصمة بحوالي 55كيلومترا، وإمامه الأخ مصطفى موكل. كما يوجد في قرية"الباني"مسجد صغير يسمى بمسجد الصبر ساهمت في بنائه الندوة العالمية للشباب الإسلامي، والاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية وخطيب المسجد هوا لأخ زبير عبد العزيز..أما مسجد الحسين الذي يعتبر أول مسجد بني على أرض الجزيرة سنة1954 بمنطقة"ترميل ريفا" له قصة تراجيدية لاتكاد تصدق؛ بحيث هدمه الإعصار المضمر، وأعيد بناؤه من جديد بتاريخ29/8/1993، وشارك في حفلة افتتاحه جميع المشايخ ورموز الجاليات الإسلامية ، بالإضافة إلى السلطات المحلية الجامايكية، ويبعد عن العاصمة بحوالي150 كيلومترا. وقد ساهم في بنائه بعض الإخوة الكرام من منظمة الأممالمتحدة، والاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية ، ويستفيد من خدمات مايزيد عن 200 مسلم، وإمام المسجد هوالأخ هارون عبد الرشيد خريج المعهد الإسلامي في "غويانا"، كما يوجد في جامايكا مسجد التقوى ومسجد الحق ، ومسجد السلام الذي يقع في العصمة ؛ وهو عبارة عن منزل صغير أسسه الأخ رفيق ودهم، بتاريخ 1991م. ومن الوجوه البارزة في دعم العمل الإسلامي في جزيرة جامايكا نذكر منهم ألأخ عبد الله حرص، وهوصومالي مدير برنامج إطعام الفقراء بمنظمة الأممالمتحدة بجامايكا، والأستاذ عبد العليم محمد خان جامايكي مديربنك"نوفاسكوشيا" في "مونتي غوبي"، والأخ بابا غينازني، نيجيري نائب سفير نيجيريا في جامايكا، والمهندس طارق عبد الملك جامايكي تاجر السيارات، والدكتور رفيق أحمد، هندي أستاذ في جامعة ، والأخ أحمد علام باكستاني مديربنك"يغوالأهلي" بالعاصمة"كينغستون". ومن أهم التحديات التي تواجه الأقلية المسلمة عموما والمجلس الإسلامي بالخصوص هي سوء التصرف في القضايا المالية من جانب المجلس، بالإضافة إلى انتشار المذهبية والطائفية بين المسلمين، ناهيك عن سوء فهم مقاصد الدين، واستيعاب تغيرات الزمان والمكان ، والأخطر من هذا كله أن المسلمين في بلاد الاغتراب أصبحوا حاجزا منيعا في وجه تقدم الدعوة الإسلامية،لأنهم يسيئون إلى تعاليم الإسلام بتصرفاتهم المشينة،في تجارتهم، في تعاملهم مع بعضهم، في أساليب حياتهم ومعاملتهم مع الناس..!! فعلينا أن نعترف جميعا سواء كأقليات إسلامية نعيش في بلاد الاغتراب،أو كدول إسلامية أن هناك قصور في إبلاغ رسالة الإسلام إلى الآخر؟!! لأننا مازلنا نخاطب الغرب بلغة اصحاب الكهف، ونتعامل معهم كتعامل أباجهل، ونحن نعيش في القرن أل21. وجدير بالذكرأن طقس جامايكا معتدل طول العام وقوانينها تشجع على الاستثمار في المجال السياحي، فهو بلد نظيف بمدنه الهادئة، وشواطئه وخلجانه الساحرة التي تمتد رمالها البيضاء الذهبية ،المرصعة بأشجار جوزالهند في منظر الكعكة الملونة الجميلة، ذات الشموع الخضراء، وهؤلاء السكان السمرا لطيبون الذين تعلو وجوههم بسمة ساحرة، تدفع محبي الهدوء وأصحاب الذوق الرفيع من جميع انحاء العالم للتوجه إلى عروس الكاريبي..جامايكا. *رئيس مؤسسة الإمام مالك للأوقاف والشؤون الإسلامية لأمريكا اللاتينية [email protected]