واصل المغرب تراجعه ضمن التصنيف العالمي لحرية الصحافة لهذه السنة. فقد أفاد التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود الدولية، والتي تعنى بحرية الصحافة في العالم، بأن المغرب تراجع مرة أخرى إلى الرتبة ال122 عالميا في حرية الصحافة، وهي الرتبة التي عرفت تراجعا عن الذي سجل منذ عامين. تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، والذي صدر يوم أمس الأربعاء، سجل سجن الصحافي مصطفى حرمة الله، حيث اعتبره منعطفا ساهم في تدهور العلاقات بين الصحافة والدولة. كما أشار التقرير إلى الكشف عن سلسلة من الدعاوى المرفوعة ضد صحافيين ومتصفحي شبكة الأنترنيت، وأكد أن «حرية الصحافة في المغرب تتوقف عند أبواب القصر الملكي». وأوضح التصنيف العالمي لحرية الصحافة لهذه السنة، والصادر بعنوان «في عالم ما بعد 11 شتنبر، وحده السلام يحمي الحريات»، أن العالم أصبح بعد أحداث 11 شتنبر 2001 واضح المعالم، فالاضطرابات تهز عرش ديمقراطيات كبرى تقف على أهبة الاستعداد للتصدي لأي هجوم وتقضم مساحة الحريات رويدا رويدا، في حين أن أكثر الدكتاتوريات نفوذا تزداد سلطوية وغطرسة، مستفيدة من الانقسامات القائمة في المجتمع الدولي ودمار الحروب المعلنة باسم مكافحة الإرهاب. كما أكد أن المحرمات الدينية والسياسية تفرض نفسها أكثر على مر السنين في دول كانت تشهد، في الأيام الغابرة، تقدما ملحوظا على درب الحرية». وتتصدر المراتب العشرين الأولى في التصنيف العالمي لحرية الصحافة دول تنتمي إلى المجال الأوروبي باستثناء نيوزيلندا وكندا، وقد احتلت بعض دول أمريكا الوسطى والكاريبي مراتب مشرفة. ففي المرتبتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين، تقترب جامايكا وكوستاريكا من المجر (المرتبة ال23) على بعد بضع مراتب من سورينام (المرتبة ال26) وترنيداد وتوباغو (المرتبة ال27). الواقع أن هاتين الدولتين الصغيرتين الواقعتين في الكاريبي تحتلان مكانة أفضل من فرنسا (المرتبة ال35) التي تراجعت هذا العام أيضا فاقدة أربع مراتب، أو إسبانيا (المرتبة ال36) وإيطاليا (المرتبة ال44) الغارقتين في وحل العنف المافيوي أو السياسي. وباتت ناميبيا (المرتبة ال23)، هذه الدولة الكبيرة من إفريقيا الجنوبية التي استتب السلام فيها، تتصدر هذا العام الدول الإفريقية أمام غانا (المرتبة 31)، ولم تعد تفصل ناميبيا سوى ثلاث نقط لتنضم إلى مجموعة الدول العشرين الأفضل تصنيفا في العالم. أما تونس زين العابدين بن علي، حسب التقرير ذاته، فقد احتلت المرتبة 143، في حين تفوقت الجزائر على المغرب بدرجة واحدة وهي الرتبة ال121، أما ليبيا والسعودية فقد احتلتا تقريبا مؤخرة الترتيب، حيث احتلت الأولى المرتبة ال160 متبوعة بالسعودية في المرتبة ال161. وأشارت منظمة «مراسلون بلا حدود» في فصل لها بعنوان «تمنع المحرمات» إلى بروز دول تتراوح بين القمع والليبرالية، ولاتزال فيها المحرمات والقوانين منظمة لقطاع إعلامي من عصر آخر، وعلى سبيل المثال، يقول التقرير «يشكل ذكر شخص الرئيس أو الملك، ومحيطه، وأعمالهم الدنيئة محظورات مطلقة»، فيما تتولى التشريعات القامعة زج الصحافيين في السجن باستمرار، منتهكة بذلك المعايير الديمقراطية التي تكرسها الأممالمتحدة. وأضافت المنظمة: «في هذا السياق، لا بد لسياسة كم أصوات الحرية المنتهجة في الدول المنغلقة على العالم، من أن تبقى مستمرة في ظل إفلات تام من العقاب، طالما أن المنظمات الدولية، شأن الأممالمتحدة، تفقد كل سيطرتها على أعضائها. إلا أن هذا الانحراف العالمي يعطي الدول الصغيرة الضعيفة اقتصاديا فرصة التميز بسعيها إلى ضمان حق الشعب في معارضة الحكومة والإعلان عن رأيه جهارا بالرغم من كل ما يعانيه». وأورد تقرير التصنيف العالمي لحرية الصحافة لهذه السنة في فقرة له تحت عنوان «مخاطر الفساد والأحقاد السياسية» أن «المرض الآخر الذي يجتاح الديمقراطيات ويتسبب في تراجعها في الترتيب في هذا التصنيف هو الفساد»، مؤكدا أن «الذين يخالفون القانون ليجنوا الثروات ويعاقبون الصحافيين «الفضوليين» في ظل إفلات تام من العقاب، يساهمون في انتشار آفة تبقي دولا كبيرة في مراتب مشينة» ضمن سلم حرية الصحافة والتعبير كما هو متعارف عليها دوليا. تقرير مراسلون بلا حدود لهذه السنة جدد تأكيده أن «الدول التي تحتل المراتب الأخيرة من التصنيف هي دكتاتوريات مقنعة نوعا ما، يتمكن المعارضون والصحافيون الإصلاحيون فيها من تحطيم الغلال التي يجبرون على تحملها».