تبادل الطرفان اللذان يتنازعان السلطة في السودان الاتهامات بشأن انتهاك وقف إطلاق النار، الذي تم الاتفاق عليه في جدة، بوساطة أمريكية سعودية، ودخل حيز التنفيذ ليل الاثنين الماضي. وكان الوسطاء الأمريكيون والسعوديون أعلنوا، بعد أسبوعين من المفاوضات، التوصل إلى هدنة تعهّد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو باحترامها؛ إلا أنهم أكدوا أن "القتال في الخرطوم بدا أقل حدة (...) لكن المعلومات تفيد بأنهما انتهكا" الهدنة منذ بدء سريانها رسميا. وليلة الأربعاء-الخميس، اتهمت قوات الدعم السريع الطرف الآخر، في بيان نشرته على حسابها على موقع تويتر، ب"اختراق قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد المتطرفة، اليوم (الأربعاء)، الهدنة الإنسانية المعلنة". وأضافت أن قوات الجيش "قامت بالهجوم على قواتنا في عدد من المحاور عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي والهجوم البري"، مشيرة إلى "إسقاط طائرة ميغ يوجد حطامها في منطقة أُمبدة" بأم درمان غرب العاصمة. ورد الجيش، في بيان نشره على صفحته على موقع "فيسبوك"، قائلا إن "المليشيا المتمردة تواصل انتهاك الهدنة المعلنة منذ بدايتها (...) طبقاً لاتفاق جدة". واتهم البيان قوات الدعم السريع ب"هجوم على مدينتي الجنينة وزالنجي (في دارفور) ومواصلة احتلال المستشفيات.. واحتلال مطبعة النقود وسك العملة". منذ 15 أبريل، أسفر النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل المئات وأكثر من مليون نازح داخليا، وما يفوق عن 300 ألف لاجئ إلى الدول المجاورة. وحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي)، فإن حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك بلغت 1800 شخص؛ سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور. وكان أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، وجّه رسالة إلى السودانيين غداة توقيع اتفاق جدة، وقال فيها "إذا تم انتهاك وقف إطلاق النار، سنعرف". وتابع المسؤول الأمريكي في الرسالة ذاتها: "سنحاسب المخالفين، من خلال عقوبات نفرضها ووسائل أخرى متاحة لنا". من جهته، أكد فولكر تورك، مفوّض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان، في تصريحات للصحافيين في جنيف الأربعاء، أنه "على الرغم من اتفاقات وقف إطلاق النار المتتالية، فإن المدنيين لا يزال يتعرضون لخطر الموت والإصابة". وأضاف تورك: "بين عشية وضحاها تلقينا تقارير عن طائرات مقاتلة في الخرطوم ووقوع اشتباكات في بعض مناطق المدينة، وكذلك في بحري وأم درمان"؛ لكن منذ بداية الحرب، تم الإعلان مرارا عن اتفاقات لوقف النار تعرضت للانتهاك في كل مرة. وعلى الرغم من تواصل المعارك، فإن سكانا في العاصمة أكدوا أنهم استغلوا تراجع حدّتها هذه المرة للخروج من منازلهم وقضاء حوائجهم.