حصيلة رمضان الفنية بعيدا عن الانفعال المباشر يحق لنا اليوم أن نعيد النظر في كثير من القضايا الفنية التي عايشناها خلال شهر رمضان، و فُرضت علينا واقتحمت بيوتنا.من منطق النقد البناء الذي يراهن على ضرورة التفكير في تجويد العروض وجعلها مناسبة في مقياس جمالية التلقي . فبقدرما ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بالثناء على الأداء المتميز للفنانة راوية المكتوم مُشيدة بقدراتها العالية في تقمص أدوار متباينة خلال المسلسلات التي شاركت فيها خلال شهر رمضان، بقدر ما تناسلت الآراء وتضاعفت يوميا حول الضعف الفني والرداءة التي أحاطت بما يسمى كاميرا خفية في برنامج أطلق عليه اسم " مشيتي فيها". نحن لا نريد التحامل على أحد ، ولكن من منطق أن النقد الفني اليوم ضرورة منهجية لتقويم الأعمال التلفزيونية وتوجيهها حتى لا تبقى سجينة الرؤية الأحادية المبالغة ربما في تمجيد وتعظيم ما لا يستحق ذلك، إننا ننطلق من قاعدة بسيطة كون أننا كمتفرجين لنا الحق في التعليق والنقاش والتقييم بعيدا عن أي محاباة مجانية قد تدفع بالنقد إلى الانحراف نحو اتجاهات أخرى بحكم روابط وتدخلات أو علاقات حتى، بل إن ما نسعى إليه هو الارتقاء بأعمالنا التلفزيونية إلى مستوى المصالحة مع المشاهد المغربي، لذلك فإننا هنا لم نذكر اسما من المشاركين والمساهمين في البرنامج وإنما اكتفينا بإشارات نعتقد أنها مفهومة. إن نقدنا هو وجهة نظر، وحكمنا على مضمونه يصنف في خانة الرأي الذي قد يجد بطبيعة الحال من يخالفه ويعارضه، ثم أن حكمنا يأتي في سياق مقارنات مع برامج شبيهة تعرضها بعض القنوات العربية والأجنبية.. هل كان من اللازم أن يقدم هذا المنتوج والناس في بداية فطورهم، منهم من أنهى صلاة المغرب ومنهم من يتذوق اللقمة الأولى ليصطدم بمشاهد يكثر فيها الضجيج والصراخ ل"ضحية" من الضحايا الذين اصطادتهم الرغبة في الظهور، وإن كان ذلك بحسن نية، وعلى الرغم من أننا لا نريد التعليق على طبيعة الفنانين المشاركين في الحلقات ، ذلك شأن آخر، ولكن " المقالب" المدبرة بشكلها العنيف والمُبتذل تجعل من المشاهدين يمجون البرنامج ويعتبرون أنه نشاز في ذلك التوقيت بالذات.....فهل الإدارة المشرفة على البرمجة لم تكن على علم بهذا الاختلال ، أم أن الأمر فيه سير على عادة السنوات الماضية ومحاولة الحفاظ على تقليد لم يعد صالحا ولا مقبولا. بداية البرنامج الذي يتناوب فيه الأخ وأخته على التقديم لا يمتلك من الجاذبية شيئا سوى محاولة التهويل مما سيتعرض له الضحية المنتظر، تقديم تغيب في الحرفية وتنعدم كل المواصفات التي تجعل المشاهد متشوقا لرؤية ما سيراه. باستثناء تلك المشاهد والمناظر المعبرة عن جمال طبيعة المغرب من بحر وأودية وسهول ومراكز ترفيه.... نهاية البرنامج الذي ينتهي بنهاية محنة الضحية ومحنة المشاهدين أيضا بلقطة يخرج فيها المشرفان على البرنامج وهما يطلبان الصفح من الضحية ،بتكرارها تفقد قيمتها وجماليتها وتضعنا أمام كاميرا خفية ضعيفة من حيث طبيعة المقالب الغير مبتكرة التي لا يقاس فيها النجاح سوى بمدى هلع وخوف الفنان، وحتى الطريقة التي يتم فيها الإعلان على أن الأمر هو " كاميرا خفية" بضحك غير مقبول في لحظة انتهاء الكابوس تفرض إعادة النظر في هندسة البرنامج واستراتيجيته حتى يكون مستساغا ومقبولا . إن طبيعة المنتوج مشيتي فيها بافتقاده للمعايير المهنية والجمالية وتعاليه عن كل تمتلات الذوق والمتعة الفنيتين جعله في الأخير لحظة عبور ثقيل نحو البرامج الأخرى، ولحظة ضجيج وصراخ ليس إلا....