قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن جريمة الاتجار بالبشر تشكل خطرا على الاستقرار المجتمعي، لا سيما وأن مرتكبي هذه الجريمة، التي تُعد ثالث تجارة مدرّة للربح بعد السلاح والمخدرات، يسعون إلى العودة بالبشرية إلى عهد الاسترقاق والاستعباد. جاء ذلك خلال لقاء قدمت فيه رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونسيف"، اليوم الأربعاء، عرضا حول مؤشرات التعرف على الأطفال ضحايا جريمة الاتجار بالبشر. وقال الداكي إن جريمة الاتجار بالبشر تصنف من أخطر الجرائم التي تعرف انتشارا واسعا في مختلف بقاع المعمور، وتستهدف الضحايا باستعمال مختلف أساليب الخداع والاحتيال من أجل استقطابهم واستغلالهم أبشع استغلال، مما يعد إهدارا لكرامة الإنسان، وانتهاكا لحقوقه. وبالرغم من أن المنتظم الدولي، يردف رئيس النيابة العامة، قطع أشواطا هامة في النهوض بحقوق الإنسان ومحاربة كل أشكال الاسترقاق، "إلا أن مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر يسعون إلى العودة بالبشرية إلى عهود الرق والاستعباد، عبر تحويل الإنسان إلى سلعة قابلة للتداول والاستغلال من أجل تحقيق منافع وأرباح مادية". وأشار المسؤول القضائي ذاته إلى أن جريمة الاتجار بالبشر توفر لمرتكبيها تدفقات مالية هائلة غير مشروعة، حيث تُصنف ثالث تجارة غير مشروعة مدرّة للدخل على المستوى الدولي بعد تجارتي السلاح والمخدرات. وشدد الداكي على أن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر تستدعي توفر عنصر بشري ملمّ بالأركان التكوينية لجريمة الاتجار بالبشر، لكونها ترتكب في ظروف مغلقة، وفي ظروف تستعمل فيها أذكى وسائل التحايل، كما أنها تُرتكب في حق أشخاص في وضعية استضعاف تجعلهم لا يقووْن على الهرب. وأكد أن العنصر البشري الموكولة إليه مهمة تفكيك خيوط هذه الجريمة، ينبغي أيضا أن يكون متشبعا بثقافة حقوق الإنسان، ويملك القدرة على الموازنة بين حماية الضحايا واستفادة مقترفي الجريمة من ضمانات المحاكمة العادلة. وأردف المتحدث ذاته قائلا: "بات من الضروري الإلمام بمختلف المؤشرات التي تمكن مختلف الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون من التعرف على ضحايا هذه الجريمة ضد الأطفال قصد وقايتهم ومساعدتهم وتمكينهم من الحماية التي أفردها لهم المشرّع"، لافتا إلى أن مكافحة جريمة الاتجار بالبشر لا تكفي فيها المقاربة القضائية والزجرية وحدها، بل لا بد من ضمان الوقاية الفعالة والحماية الناجعة للضحايا.