لم يعد خافيا على أحد أن الاتجار بالبشر يحتل المرتبة الثالثة في قائمة التجارة غير المشروعة في العالم بعد تهريب السلاح والاتجار في المخدرات، بحيث تحقق أنشطته لممتهنيه أرباحا كبيرة تصل إلى المليارات. وبالنظر إلى تزايد الطلب عليها وتطور ممارساتها وأشكالها، وتنامي تهديداتها ومخاطرها في نفس الوقت، ظهر إجماع دولي على ما تمثله هذه التجارة المزرية (المهينة) من خطر على الإنسانية، إذ يتم من خلالها نقل ملايين من البشر عبر الحدود الدولية سنوياً ليتم الاتجار بهم، ولا توجد أي منطقة جغرافية في العالم بمنأى عن هذه الجريمة التي ينظر إليها على أنها مظهر حديث من مظاهر العبودية التي جرّمتها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وباستقراء المعطيات الإحصائية والصور المتداولة بشأن ظاهرة الاتجار بالبشر التي صارت تعد أحد أخطر أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود (اتسع نطاقها بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مع ما ينجم عن ذلك من تهديد مستمر لكرامة الإنسان وحقوقه)، نهتدي إلى الأشكال المتعددة التي تتخذها، والتي يأتي استغلال الأشخاص في العمل القسري أو استغلالهم جنسيا في أوضاع شبيهة بالعبودية والنخاسة على رأسها. وتزداد هذه الجرائم خطورة بكونها تمس على وجه الخصوص النساء والأطفال. ووعيا منه بضرورة التصدي لجريمة الاتجار بالبشر، صادق المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بما في ذلك بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وهو الإطار العام الدولي الذي يحدد تدابير منع ومكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية ضحاياه ومساعدتهم وتعزيز التعاون بين الدول الأطراف على تحقيق تلك الأهداف. ولقد كشفت إحصائيات الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة والجالية المغربية المقيمة بالخارج، لأول مرة وبشكل رسمي في السنة الماضية، حجم نشاط شبكات الاتجار بالبشر في المغرب، التي كانت ظاهرة طالما نبهت إليها تقارير دولية واعتمد البرلمان قانونا لمكافحتها انطلق تفعيله منذ بداية فبراير 2017، بحيث تم رصد 3094 عصابة وتفكيكها خلال 14 سنة، أي بين 2002 و2016. وفيما يصنف المغرب ضمن الدول التي تبذل جهودا كبيرة للتصدي للظاهرة، يظهر أنها على مستوى الواقع محدودة وغير كافية. في هذ الإطار، يبين التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية حول "الاتجار بالبشر" للعام 2015، عن تقدم عدد من الدول، من بينها المغرب الذي انتقل من المستوى الثالث، أي الأسوأ في الاتجار في البشر إلى المستوى الثاني، ما يعني أن الدول لا تزال بحاجة إلى مراقبة وتحسين جهودها. فالتقرير، الذي يتضمن تقييماً لجهود 188 دولة حول العالم أن يوضح أن المغرب حل في المرتبة 88، لافتا الانتباه إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض للاتجار في البشر في المغرب هن النساء اللائي تشتعلن في البيوت، حيث تتعرضن للعمل القسري والاعتداء الجنسي، ويلي النساء الأطفال فالرجال. فالمغاربة الذين يشتغلون في أوربا والشرق الأوسط، وفق التقرير، يتعرضون للعمل الإجباري والاستغلال الجنسي، خصوصا النساء اللائي يجبرن على الدعارة بالسعودية والإمارات العربية، والبحرين، والأردن وليبيا وسوريا. ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن الإفريقيات والأسيويات اللائي يعشن في المغرب بطريقة غير شرعية، يتعرضن للاعتداء الجنسي والجسدي من طرف مشغليهن، لافتا الانتباه إلى أنه سجل في جهة شمال المغرب والشرق أكبر نسبة للاتجار في البشر. أمام هذه المعطيات، يجد الباحث نفسه ملزما بمساءلة الظاهرة من خلال الوقوف عند جهود المغرب لمواجهتها ( ثانيا) دون إغفال ضرورة البحث في مظاهر تعثره في هذه المهمة متعددة الأبعاد والأطراف (ثالثا)، مع الحرص على تحديد المقصود بالاتجار في البشر والإطار القانوني الذي ينظمه (أولا). أولا- في تعريف الظاهرة والآليات القانونية المؤطرة لها على الرغم من صعوبة إيجاد تعريف جامع لظاهرة الاتجار في البشر، نسجل أن التعريف المعمول به على نطاق واسع هو التعريف الوارد في المادة الثالثة من بروتوكول الأممالمتحدة المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة ضد الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000 والخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، حيث يقصد بتعبير "الاتجار بالأشخاص" تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء. وهو التعريف نفسه الذي تبناه المشرع المغربي في المادة الأولى من القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، مع المزيد من التفصيل ومحاولة إدراج حالات محلية للاستغلال، إذ جاء في هذه المادة أن الاستغلال يشمل جميع أشكال الاستغلال الجنسي، لا سيما استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الإباحية بما في ذلك وسائل الاتصال والتواصل المعلوماتي، ويشمل أيضا الاستغلال عن طريق العمل القسري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبية على الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة. لا يتحقق هذا الاستغلال إلا إذا ترتب عنه سلب إرادة الشخص وحرمانه من حرية تغيير وضعه وإهدار كرامته الإنسانية، بأي وسيلة كانت ولو تلقى مقابلا أو أجرا عن ذلك. ويقصد بالسخرة في مفهوم هذا القانون جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض قسرا على أي شخص تحت التهديد، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع لأدائها بمحض اختياره. ولا يدخل في مفهوم السخرة الأعمال المفروضة لأداء خدمة عسكرية إلزامية، أو نتيجة إدانة قضائية، أو أي عمل أو خدمة أخرى تفرض في حالة الطوارئ. وللحيلولة دون اتساع دائرة الاتجار بالبشر، أفرد هذا القانون للمستغلين عقوبات مشددة. فدون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 10.000 إلى 500.000 درهم كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر (الفصل 2)؛ ويضيف الفصل الثالث أنه دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، ترفع عقوبة الاتجار بالبشر إلى السجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم في الحالات التالية: 1- إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التهديد بالقتل أو بالإيذاء أو التعذيب أو الاحتجاز أو التشهير؛ 2- إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو مخبئ؛ 3- إذا كان مرتكب الجريمة موظفا عموميا استغل وظيفته لارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها؛ 4- إذا أصيبت الضحية بواسطة استغلالها في جريمة الاتجار بالبشر بعاهة دائمة أو بمرض عضوي أو نفسي أو عقلي عضال؛ 5- إذا ارتكبت الجريمة من قبل شخصين أو أكثر بصفتهم فاعلين أصليين أو مساهمين أو مشاركين؛ 6- إذا كان مرتكب الفعل معتادا على ارتكابه؛ 7- إذا ارتكبت الجريمة ضد عدة أشخاص مجتمعين. أما الفصل الرابع، فينص على أنه : "يعاقب على جريمة الاتجار بالبشر بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشر؛ أو إذا ارتكبت الجريمة ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب المرض أو الإعاقة أو نقص بدني أو نفسي أو ضد امرأة حامل سواء كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل؛ وكذلك إذا كان مرتكب الجريمة زوجا للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو وصيا عليها أو كافلا لها أو مكلف برعايتها او كانت له سلطة عليها. وللمزيد من التشديد، جاء في الفصل الخامس أنه دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 1.000.000 إلى 6.000.000 درهم عن جريمة الاتجار بالبشر، إذا ارتكبت الجريمة بواسطة عصابة إجرامية أو في إطار عابر للحدود الوطنية، أو إذا نتج عن الجريمة وفاة الضحية. وترفع العقوبة في هذه الحالة إلى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التعذيب أو أعمال وحشية. كما يعاقب بغرامة من 1.000.000 إلى 10.000.000 درهم، الشخص الاعتباري إذا ارتكب جريمة الاتجار بالبشر دون الإخلال بالعقوبات التي تطبق على الشخص الذاتي الذي يمثله أو يديره أو يعمل لحسابه. علاوة على ذلك، يجب على المحكمة الحكم بحل الشخص الاعتباري وبالتدبيرين الوقائيين المنصوص عليهما في الفصل 62 من هذا القانون. إلى جانب هذا الأمر، يعاقب الفصل السادس بالحبس من سنة على خمس سنوات وغرامة من 5.000 إلى 50.000 درهم، كل من علم بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر أو الشروع فيها ولم يبلغها إلى السلطات المختصة. غير أنه يجوز الإعفاء من هذه العقوبة إذا كان من امتنع عن التبليغ زوجا لمرتكب الجريمة أو كان من أحد أصوله أو فروعه. وبالمقابل، يذكر هذا القانون، في فصله الثامن، أنه يعفى من العقوبات المنصوص عليها في هذا الفرع، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات المختصة بما يعلمه عن جريمة الاتجار بالبشر قبل تنفيذها أو الشروع في تنفيذها أو مكن من الحيلولة دون إتمامها. إذا حصل التبليغ عن الجريمة، فإنه يجوز إعفاء الجاني المبلغ من العقوبة أو تخفيفها، حسب ظروف التبليغ، إذا مكن السلطات المختصة أثناء التحقيق من القبض على باقي الجناة. وتستثنى من ذلك الجرائم المؤدية إلى وفاة الضحية أو إصابتها بعاهة دائمة أو بمرض عضوي أو نفسي أو عقلي عضال. ولما كان جريمة الاتجار بالبشر تتطلب الدقة والسرعة، يتحدث الفصل الرابع عشر على وجوب العمل الفوري على التعرف على ضحية الجريمة وهويتها وجنسيتها وسنها في جميع مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة. يمكن للسلطات القضائية المختصة أن تأمر بمنع المشتبه فيهم أو المهتمين من الاتصال أو الاقتراب من ضحية الاتجار بالبشر. كما يمكن أيضا للسلطات القضائية المختصة الأمر بالترخيص للضحية الأجنبي بالبقاء بتراب المملكة على غاية انتهاء إجراءات المحاكمة.
ثانيا- جهود المغرب ومقارباته في معالجة مسألة الاتجار في البشر لقد اتخذ مجموعة من الإجراءات والتدابير لتجاوز قصوره التشريعي فيما يخص مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، إذ لاحظنا حرص المشرع المغربي على تعريف مصطلح الاتجار بالبشر وفقا للمعايير الدولية واعتباره جناية، وتشديد العقوبة عند اقتران الجريمة بظروف خاصة، شخصية وموضوعية، وتعريف ضحية الاتجار بالبشر واشتراط ارتكاب أفعال تهدر كرامته وإرادته وتمنعه من حرية اختيار مصيره، فضلا على النص على حقوق الضحايا وإمكانية منح رخص الإقامة للأجانب منهم عند الاقتضاء، وإعفاء المبلغين عن الجريمة. في هذا السياق، أحدثت وزارة العدل والحريات خلايا بالمحاكم مكونة من قضاة لهم إلمام بقضايا المرأة والطفل وحقوقهم سنة 2004، وإصدار رسائل دورية متعددة توجه إلى مجموع محاكم المملكة لتحفيز العمل القضائي في هذا المجال والحث على إيلاء ما يلزم من العناية لقضايا الانتهاكات التي يتعرض لها الطفل والمرأة والحرص على سلامة تطبيق القانون وتتبعها، والتواصل الدائم مع الجمعيات المعنية بحماية الطفل، وإعداد دراسة تشخيصية حول وضع الاتجار بالبشر في المغرب مكنت من إفراز معطيات وصفية غير عددية لظاهرة الاتجار بالبشر. واعترافا بهذه الجهود، تم يوم 27 يونيو 2017 بواشنطن تكريم المغرب، في شخص القاضية المغربية أمينة أوفروخي التي بمديرية الشؤون الجنائية التابعة لوزارة العدل ، من قبل كاتب الدولة الأمريكي، ريكس تيلرسون، خلال حفل تميز بحضور إيفانكا ترامب، ابنة الرئيس دونالد ترامب، بمناسبة صدور تقرير الدبلوماسية الأمريكية حول مكافحة الاتجار بالبشر في العالم برسم سنة 2017. وبهذه المناسبة، تسلمت القاضية أوفروخي جائزة "بطلة تقرير مكافحة الاتجار في البشر برسم سنة 2017" تقديرا للدور القيادي الذي اضطلعت به في إطار جهود المملكة لتطوير قانون جديد لمكافحة الاتجار بالبشر. وأكدت الخارجية الأمريكية، في هذا التقرير، على أن السلطات المغربية تبذل جهودا "كبيرة ومتنامية" لمنع الاتجار بالبشر، بما في ذلك استغلال الأطفال. ولربما هذا التكريم يمثل اعترافا بالتقدم الذي أحرزته المملكة في مجال مكافحة الاتجار في البشر، لذلك ظلت ضمن الفئة الثانية، لاسيما من خلال سن القانون السالف الذكر الذي عمل، كما رأينا، على توسيع نطاق الحمايات القانونية والخدمات المقدمة للأشخاص موضوع الاتجار بالبشر. ينص القانون على عقوبة بالسجن لفترات تتراوح بين5 سنوات الى 30 سنة، وهي عقوبات رادعة بالدرجة الكافية وتتفق مع اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، وتتناسب مع العقوبات المفروضة على الجرائم الخطيرة الأخرى، مثل الاغتصاب. ذكرت بعض وسائل الإعلام والبعثات الدبلوماسية أن المملكة ظلت على تعاون وثيق مع إسبانيا كمثال بشأن اعتقال ومحاكمة وإدانة العناصر الإجرامية الدولية المتورطة في الإتجار بالبشر. تعاونت الحكومة المغربية في شهر فبراير شباط 2017 مع الحكومة الإسبانية في اعتقال شبكة اتجار إجرامية قوامها 10 أفراد كانت تقوم بنقل الضحايا بين المغرب وإسبانيا. ثالثا- بشأن تحديات مواجهة ظاهرة مركبة عابرة للقارات المغرب هو بلد مصدر ومقصد وعبور لرجال ونساء وأطفال يتم اخضاعهم للعمالة القسرية والاتجار بالجنس. وفقا لدراسة أجرتها الحكومة المغربية في نونبر 2015، بدعم من منظمة دولية، يُستغل الأطفال في المغرب للعمل، والخدمة المنزلية، والتسول والإتجار الجنسي. على الرغم من أن عمل الأطفال في المنازل قد تقلص منذ عام 2005 بحسب ما أفادت التقارير، إلا أنه يتم استقدام الفتيات من المناطق القروية للعمل في الخدمة المنزلية في المدن ويصبحن ضحايا للعمل القسري. كما يتعرض بعض الأطفال المغاربة للعمل القسري عندما يعملون كمتدربين في الحرف المهنية والتلمذة الصناعية وصناعات البناء وفي الورش الميكانيكية. الدراسة التي أُجريت عام 2015 أظهرت أيضاً أن بعض النساء يُجبَرن على ممارسة الدعارة في المغرب من قبل أفراد أسرهن أو غيرهم من الوسطاء. يتم إكراه بعض المهاجرات بصورة غير شرعية، القادمات بشكل أساسي من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إضافة الى عدد صغير، ولكنه آخذ في الازدياد، من جنوب آسيا، على ممارسة البغاء والعمل القسري. تقوم الشبكات الإجرامية التي تعمل في وجدة على الحدود الجزائرية وفي بلدة الناظور الساحلية الشمالية بإجبار النساء المهاجرات بصورة غير شرعية على ممارسة الدعارة والتسول. ذُكر أيضا أن شبكات إجرامية في وجدة تجبر أطفال المهاجرين على التسول. يتم إجبار بعض المهاجرات اللاتي يعبرن وجدة، خاصة النيجيريات، على ممارسة الدعارة بمجرد وصولهن إلى أوروبا. ذكرت منظمات دولية، ومنظمات محلية غير حكومية، ومهاجرون أن كلٍ من الأطفال غير المصحوبين ببالغين والنساء القادمين من ساحل العاج، وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا والكاميرون يتعرضون بدرجة كبيرة للإتجار بالجنس والعمل القسري في المغرب. تشير بعض التقارير الى أن شبكات كاميرونية ونيجيرية تجبر النساء على ممارسة البغاء، في حين تجبر الشبكات النيجيرية النساء أيضاً على التسول في الشوارع من خلال تهديد الضحايا وأسرهن، وعادة ما يكون الضحايا من نفس جنسية المتاجرين. يتم جلب بعض النساء من الفلبين وإندونيسيا للعمل في مجال الخدمة المنزلية بالمغرب، وعند وصولهن يتعرض بعضهن للعمل القسري ويعانين من عدم الحصول على الأجور واحتجاز جوازات السفر والإساءة البدنية على أيدي أرباب عملهن. ويتم استغلال الرجال والنساء والأطفال المغاربة في العمل القسري والاتجار الجنسي بصفة أساسية في أوربا والشرق الأوسط. النساء المغربيات اللواتي يجبرن على ممارسة الدعارة في الخارج يعانين من تقييد تحركاتهن والتهديد والإساءة النفسية والجسدية. يقوم بعض الأجانب، من أوروبا والشرق الأوسط بصفة أساسية، بالسياحة الجنسية مع الأطفال في المدن المغربية الرئيسية. خاتمة: إن المغرب كغيره من الدول لم يعد في مأمن من جريمة الاتجار بالبشر وتداعياتها المختلفة سواء تعلق الأمر بالاستغلال في العمل أو الاستغلال الجنسي وغيرهما. والوضع يزداد سوءا بخصوص جرائم الاتجار بالبشر مع تكاثر أفواج المهاجرين الراغبين في العبور إلى أوروبا، حيث يتحول التراب المغربي كبلد استقرار بالنسبة إليهم بسبب فشلهم في العبور إلى الضفة الأخرى، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة خدم المنازل الأجانب ووكالات الوساطة في تقديم هذه الخدمة من بعض الدول الأجنبية، علاوة على ما يرافق هجرة العمال نحو الخليج من سقوط ضحايا شبكات الاتجار بالبشر. وحيث أن هذا الوضع يقتضي اليقظة الأمنية الدائمة، والتطبيق الصارم للمقضيات القانونية الجديدة، وجب تكثيف جهود جميع المتدخلين للحيلولة دون تنامي أوجه هذه الآفة، لاسيما أنها تتخذ أحيانا صورة مشروعة في الظاهر (كوكالات الأسفار أو التشغيل أو مراكز التجميل أو ممارسة الرياضة وغيرها من الخدمات)، كما يمكن أن يكون الجناة في العديد من الحالات من محيط الضحية أو الأقارب.