وكالات أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان رأيا بشأن مشروع القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك بناء على طلب إبداء الرأي الموجه إليه من طرف رئيس مجلس المستشارين. وذكر بلاغ للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن رأي المجلس الذي صدر يوم الاثنين الماضي، يشمل مجموعة من التوصيات والمقترحات التي تهم بالخصوص تعريف الاتجار بالبشر وحقوق الضحايا وتكوين المكلفين بإنفاذ القانون والمسؤولية الجنائية للضحايا والحكامة والتنسيق بين الفاعلين. وأكد البلاغ أن توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان تتوخى إعمال مقتضيات الدستور، لا سيما في ما يتعلق بحظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، وإعمال الالتزامات الدولية للمغرب في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، بالإضافة إلى تدقيق بعض تعريفات المشروع ومقتضياته بما يحقق الانسجام مع موضوعه وغايته أي مكافحة الاتجار بالبشر، لاسيما النساء والأطفال. وسجل المجلس ،على العموم، تلاؤم تعريف الاتجار بالبشر المعتمد في مشروع القانون مع البروتوكول المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، منوها بتجريم الوساطة في سياق الاتجار بالبشر. غير أن المجلس أبرز أهمية التنصيص في مشروع القانون على بعض المصطلحات الخاصة المتعلقة بالاتجار بالبشر بشكل خاص، من قبيل استغلال وضعية الهشاشة والاسترقاق والممارسات الشبيهة والإيذاء الثانوي للضحية (ويشمل ضروب الإيذاء التي لا تقع كنتيجة مباشرة للفعل الجنائي بل تحصل من خلال تصرفات رد فعل المؤسسات و الأفراد تجاه الضحية). وبفعل الخطورة المتباينة للجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر، فقد أوصى المجلس أيضا بالتمييز بين العقوبات بناء على خطورة الجرائم. وفي نفس السياق، اعتبر المجلس أنه ينبغي أن يشمل نطاق تطبيق مقتضيات مشروع القانون المتعلق بالاتجار بالبشر كل أشكال الاتجار بالأشخاص، سواء أكانت ذات طابع وطني أم ذات طابع عابر للحدود الوطنية، وسواء كانت تتعلق بالجريمة المنظمة أم لم تكن. ومن جهة أخرى، يدعم المجلس الوطني تدابير تحفيز الشهود على التبليغ عن الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر. كما يقترح إدراج مقتضى يضمن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين في ما يخص الجرائم المرتبطة بالاتجار في الأشخاص. وشدد المجلس على ضرورة إعمال مبدأ عدم مسؤولية ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال غير القانونية المرتكبة تحت الإرغام أو الجرائم المرتكبة من طرف ضحية الاتجار بالبشر المرتبطة مباشرة بهذا الاتجار. إذ يرى المجلس أن موافقة الضحية لا تكون محل اعتبار في حالة الاتجار بالبشر لأن الموافقة الحقة لا تكون ممكنة وحاصلة قانونا إلا إذا كان الشخص يتمتع بملكة الاختيار الحر. كما ذكر بتوصياته السابقة المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة لحظر زواج القاصرين دون 18 سنة شمسية وبتحديد الحد الأدنى لسن التشغيل في العمل المنزلي في 18 سنة. وأوصى المجلس بجعل أمر السلطات القضائية المختصة بمنع المشتبه فيهم أو المتهمين من الاتصال أو الاقتراب من ضحية الاتجار بالبشر يتم بشكل تلقائي. وأوصي أيضا بأن يتضمن مشروع القانون مقتضى يستفيد بموجبه ضحايا الاتجار بالبشر من الولوج المجاني إلى العلاجات، خاصة إلى نظام المساعدة الطبية (راميد)، بالإضافة إلى تمكينهم (لاسيما القاصرين والأشخاص في وضعية إعاقة) من الولوج الفعلي للعدالة بواسطة حقهم في المساعدة القضائية الملائمة ووضع محامين ومترجمين أكفاء رهن إشارتهم. ودعم المجلس نص مشروع القانون على إحداث لجنة وطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر. وفي هذا الصدد أوصى بتوسيع اختصاصات اللجنة المذكورة وتخويلها مهمة التعاون مع الأممالمتحدة وأجهزتها المختصة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، خاصة المقررة الخاصة المعنية بمسألة الاتجار بالأشخاص ومكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة. ومن جانب آخر، أوصى المجلس بأن يعاد إدراج مقتضى يخول للمجلس الوطني لحقوق الإنسان اختصاص مقرر وطني مستقل في مجال مكافحة الاتجار بالبشر. وقد أوصى المجلس بجملة من التدابير في مجال الاتجار بالبشر تهم على الخصوص الانضمام لاتفاقية مجلس أوروبا بشأن إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر، تنظيم حملات للتوعية على مستوى القطاع السياحي والجمهور الواسع كوسيلة فعالة للوقاية من السياحة الجنسية مع الأطفال، بالإضافة إلى بلورة خطة عمل وطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص على أساس تشاوري وتشاركي. وفي ونفس السياق، أوصى المجلس بوضع برنامج تكوين خاص لتعزيز قدرات المسؤولين على إنفاذ القوانين المرتبطة بمكافحة الاتجار بالأشخاص (شرطة مراقبة الحدود، الأمن الوطني، الدرك الملكي، القضاء، الخ)، والعمل على وضع مبادئ توجيهية ودليل توجيهي، بنص تنظيمي، لفائدة الأشخاص المكلفين بتطبيق العقوبات قصد مساعدتهم على التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر، ثم توجيههم نحو هيئات ملائمة لتقديم المساعدة لهم، فضلا عن تقوية الشراكات مع الجمعيات العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الضحايا، بما في ذلك مجال التعرف على الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر، بالإضافة إلى إطلاق بحث وطني حول ظاهرة الاتجار بالأشخاص. يذكر أن بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعتمد في نونبر 2000 يعرف الاتجار بالأشخاص بكونه «تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء».