اهتمام بالتراث الثقافي البحري والمغمور بالمياه، ودور المجتمع المدني في تثمينه، حضر بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، الاثنين، بحضور فاعلين مدنيين ومتخصصين من "اليونسكو" و"الإيسيسكو". ويطمح هذا اللقاء، وفق المامي أحمد بازيد، رئيس جمعية السلام لحماية التراث البحري، إلى "إماطة اللثام عن التراث الثقافي المغمور بالمياه"، و"طرح قضايا ومقترحات عملية من شأنها المساعدة في تجسير الرؤى بين المبادرات الجمعوية من جهة، وتقييم السياسات الحكومية في مجال حماية وتثمين التراث البحري والمغمور بالمياه من جهة ثانية"، في سبيل "أرضية مشتركة لتثمين هذا التراث وحمايته". وبالمكتبة الوطنية، نظمت "جمعية السلام لحماية التراث البحري" على هامش اللقاء، معرضا يهتم بهذا التراث، وبجهود اكتشافه وصيانته. إسماعيل العلوي، الوزير السابق والمسؤول السياسي، قال إن "شواطئ المغرب غنية بالتراث، الناتج عن غرق السفن، وصدامات مجتمعات، وقوى دولية؛ ففي الداخلة مثلا سفينة تعود إلى بداية القرن الماضي، موجودة الآن في عمق المياه قريبا من المدينة، وكانت سفينة ألمانية تصدت لهجوم الحلفاء وأغرقوها، وبمبادرة شباب مدينة الداخلة وإقليمها وطّن مكانها". وأضاف العلوي: "علينا الاستمرار في البحث، لأنها ليست الوحيدة؛ بل هناك سفن أخرى، تعود إلى الحرب العالمية الأولى، على بعد بعض أميال من مدينة العرائش، وعلى الباحثين المتخصصين في غمر البحار البحث والتوطين، لاكتشاف ما فيها من تراث مادي ومعنوي". وواصل المتدخل: "لا يقتصر المغمور على ما غمر في القرن الماضي، بل يوجد ما يعود إلى عهد مغاربة الجهاد البحري، في مصب نهر أبي رقراق، وسفينة البشير مثلا تعود إلى القرن التاسع عشر واقتناها الحسن الأول لتحديث وعصرنة الأسطول المغربية وغرقت في مخرج النهر". كريم هنديلي، مدير مكتب اليونسكو للمنطقة المغاربية، تحدث، من جهته، عن اتفاقية المنظمة الخاصة بحماية التراث المغمور بالمياه، وزاد: "هي من بين الاتفاقيات التي حاربتها دول، ولوبيات صيد الكنوز، ولم تلق الأهمية التي تستحقها، وهي من الجوانب التي تعرف ضغطا اقتصاديا وعسكريا، والبعد القانوني الذي لا يحدد ما يقع في البحار خارج حدود الدول". هذه الاتفاقية، وفق المتحدث، اهتمت ، منذ سنة 2011، ب"التراث المغمور بالمياه، المجهولِ نوعا ما، لحمايته وتسليمه إلى أجيال المستقبل"؛ فهو تراث لا يقتصر على الطبيعي فقط، مثل الشعب المرجانية، والتنوع البيولوجي، بل يضم التراث الثقافي أيضا، وحمايته من التهديدات من قبيل صيد الكنوز، ومن يساندهم. وذكر هنديلي أنه "عكس اليابسة، البحر خاضع لقانون دولي معقد جدا، مع ثغرات يصعب التعامل معها"، إضافة إلى "الاتجار غير المشروع، وعدد كبير من التجاوزات، في إخراج وتصدير هذه اللقى؛ وهو ما استمر حتى خلال جائحة كورونا التي لم تقلص من الاتجار غير المشروع، بل مر خلالها إلى وسائل جديدة للبيع الإلكتروني".