نبه تقرير قدمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، بخصوص التبليغ عن العنف ضد النساء والفتيات ومناهضة الإفلات من العقاب، إلى عدد من الإشكاليات التي تواجه المبلغات عن العنف، بالإضافة إلى نقط القصور التي يشملها القانون الجنائي. وانتقد المجلس الإعمال الواسع للتنازل في قضايا اعتداءات جنسية ضد النساء والفتيات في حالة إدلاء المتهمين بعقود زواج بالضحايا وبتنازلهن عن الشكايات، "اعتمادا على مقتضيات الفصل 55 من القانون الجنائي"، مسجلا أن التنازل وتزويج المغتصبة من مغتصبها يعد إفلاتا من العقاب. وأشار المجلس إلى أن تنازل الضحية عن الشكاية في قضية العنف القائم على أساس النوع ينعكس على مآل القضية وعلى العقوبة المحكوم بها بغض النظر عن نوعية القضية وما إذا كانت من الجرائم العادية أو جرائم الشكايات، وهو ما يزيد من فرص تعريض الضحية لضغوط للتنازل ويسهم في الإفلات من العقاب. وشكلت هذه النقطة محط نقاش بين لمياء بن سلامة، النائبة الأولى للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وآمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأعضاء المجلس ذاته الذين قدموا خلاصات التقرير، حيث أكدت بنسلامة أن "للضحية في الجنحي الحق في التنازل إن هي أرادت، لكن النيابة العامة تحتفظ بسلطة ملاءمة المتابعة، وبعد دراسة المعلومات القضائية وتبين أن العناصر المتوفرة تستدعي الحفظ، يتم ذلك، خاصة في حال عدم وجود إثبات، أو شواهد طبية، وإنكار المعني بالأمر، بالإضافة إلى كون المشتكية متنازلة"، وبالتالي، تتساءل، "كيف سيتم تحريك الدعوى العمومية في هذه الحالة؟". وأوضحت المتحدثة ذاتها أنه "في القضايا الجنائية، حينما تقدم الضحية شكاية من أجل الاغتصاب أو الاختطاف، وبالرغم من تنازلها، يتم وضع المتهم في الحراسة النظرية في ظل وجود قرائن كافية". من جانبها، شددت آمنة بوعياش على أن "المجلس يستمع للضحايا ويبني خلاصاته على الواقع"، مؤكدة أهمية التعاون بين مختلف المؤسسات والسلطات من أجل حماية المعنفات. وكشف تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن تزايد حالات التبليغ عن العنف ضد النساء، إذ بلغ عدد الشكايات المسجلة بالنيابات العامة سنة 2020 ما مجموعه 64251 شكاية، موزعة بين 53552 شكاية عادية، و10699 إلكترونية. وسجلت سنة 2021 ما مجموعه 96276 شكاية، وخلال سنة 2022 سجل ما يناهز 75240 شكاية. وأبرز التقرير تفاوت المحاكم من الدرجة نفسها، وأحيانا بين المحاكم مع اختلاف درجاتها، بخصوص تكييف مجموعة من الأفعال المتشابهة نتيجة عدم وضوح التعريفات وعدم تجريم مجموعة من الأفعال، كما سجل وجود توجه نحو إعطاء الطابع الجنحي لقضايا عنف ضد النساء قد تتخذ وصف جنايات. وأشار المصدر ذاته إلى أن القانون الجنائي لا يتضمن تعريفا واضحا لمفهومي "الاغتصاب" و"هتك العرض"، ولا يجرم الاغتصاب الزوجي بنص خاص، كما أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر لا يدقق مفهوم "استغلال وضعية الهشاشة" في تعريف "الاتجار بالبشر"، كما لا ينص على عدم مسؤولية ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال غير القانونية المرتكبة تحت الإرغام أو المرتبطة مباشرة بهذا الاتجار. ووقف التقرير على عدم تخصيص جلسات خاصة بجرائم العنف ضد النساء، ومحدودية اتخاذ إجراءات لتخفيف أعباء المحاكمة على الناجيات من العنف، من خلال عدم تفعيل سرية بعض جلسات الاستماع إلى الضحايا وعدم منع إجراء المواجهة بينهن وبين المعتدين، خاصة في قضايا الاعتداءات الجنسية على النساء والفتيات. كما نبه المجلس إلى ضعف الخدمات الطبية المجانية المقدمة إلى الناجيات من العنف، التي تقتصر على الشواهد الطبية ولا تشمل الرعاية الطبية اللاحقة، خاصة في حالة الاعتداء الجنسي.