قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن "تقوية التدبير الذاتي سيمكن لا محالة من التصدي للجرائم المتعلقة بالتحرش والابتزاز الجنسي، حتى لا تتحول الجامعة من فضاء العلم والمعرفة إلى فضاء العنف القائم على النوع الاجتماعي والاتجار بالبشر". وأضافت بوعياش، خلال افتتاح الملتقى الجهوي الذي نظمته جامعة الحسن الثاني حول الابتزاز الجنسي، أن "تواتر بعض وقائع وجرائم الابتزاز الجنسي يمثل أحد أعراض المخاضات التي يعرفها مجتمعنا بخصوص قيمه، وتسائلنا من حيث تعزيز آليات التدبير الذاتي". وتابعت بأن "المجلس أطلق، منذ نونبر 2021، حملة وطنية تمتد إلى نونبر 2022 للمساهمة إلى جانب فاعلين آخرين، كما هو الحال بالنسبة للجامعة، للحد من ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، باعتباره انتهاكا لحقوق الإنسان قائما على النوع الاجتماعي، ضحيته ليست المرأة أو الفتاة لوحدهما، بل المجتمع بأتمه". وتهدف الحملة، وفقا لرئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى "التشجيع على التبليغ لضحايا العنف، بكل أشكاله؛ لأنه يساهم في تطوير النقاش العمومي والانكباب، من خلال حالات، على العنف بالجدية الضرورية والمطلوبة، حيث أثبتت عدد من التجارب الدولية أن التبليغ وسيلة فعالة لتعبئة المجتمع لمناهضة العنف والتحرش والابتزاز". وشددت المتحدثة على أن "الحملة ترمي كذلك إلى عدم الإفلات من العقاب، والنهوض بالطابع الإجرامي لكل أشكال العنف، حتى لا يتطبع المجتمع مع هذه الجرائم، واعتبارها وضعية عادية، وضرورة إعمال القواعد القانونية كوسيلة حضارية لفرض التوازن داخل المجتمع، يحمي نسائه وفتياته من الانتهاك الجسيم". وأردفت بأن "نسبة الاستغلال الجنسي وصلت إلى 50 في المائة من مجموع جرائم الاتجار بالبشر حسب المعطيات الواردة في التقرير العالمي حول الاتجار بالبشر لسنة 2020، ويليها الاستغلال في العمل القسري بنسبة 37 في المائة"، داعية إلى "التصدي لهذه الممارسات، وفهم كيف تحولت أو تكاد إلى ظاهرة". وطرحت بوعياش مجموعة من الإشكاليات في الحدود ما بين الابتزاز الجنسي وقانون الاتجار بالبشر، ضاربة المثال ب"التباس الإطار القانوني الذي ينظم جريمة الابتزاز الجنسي حيث يثار تكييف الفعل، إما باعتباره، رشوة جنسية، ابتزازا جنسيا، اتجارا بالبشر أو اغتصابا"، بتعبيرها. وأشارت كذلك إلى "صعوبة تفكيك وتحليل جريمة الاتجار بالبشر بالنسبة للممارسين والمشرفين على إنفاذ القانون، والاختلاف في تكييف الفعل الذي له آثار على مستوى الاختصاص باعتباره جنحة أو جناية، وعدم وجود قواعد إجرائية واضحة تنظم عمليات البحث والتحري في هذه الجرائم من طرف السلطات المكلفة بإنفاذ القانون". ونبهت رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى "غياب مقتضيات إجرائية بقانون المسطرة الجنائية لمعالجة قضايا الاتجار بالبشر أو الجرائم الجنسية؛ ومن بينها ما يتعلق بعبء الإثبات، وتسجيل عدد محدود من تدابير الحماية المقررة لفائدة الضحايا". ورصدت بوعياش "غياب صندوق لجبر ضرر الضحايا في حالة عدم إمكانية تنفيذ التعويضات المقررة، وتوفير الحماية والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر، والعمل على توفير أماكن لإيوائهم بصفة مؤقتة وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم، وتيسير سبل اندماجهم في الحياة الاجتماعية". وخلصت إلى أن "العديد من الدراسات التي أجريت في المغرب، كما في سياقات مجتمعية أخرى، بينت أن الجامعة كفضاء للعلم والمعرفة لا تخلو بدورها من أشكال مختلفة للعنف؛ وعلى رأسها العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي يتمظهر إما على شكل عنف نفسي/لفظي، أو عنف جسدي، أو على شكل عنف جنسي وابتزاز".